بعد تكرار تأجيل البت في مسودة عربية لقرار في خصوص حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، تحركت امس لجنة حقوق الانسان لتتبنى موقفاً دولياً جديداً متقدماً عن ذلك الذي كان يحظى في السابق بإجماع عربي وامتناع أوروبي ومعارضة اميركية. ووافقت 44 دولة ممثلة في اللجنة، باستثناء الولاياتالمتحدة، وبامتناع 8 دول صديقة لها، على قرار يجسد اجماع العالم، بأقاليمه وكتله وشعوبه، في شأن هدف حيوي وأساسي من أهداف النضال الوطني الفلسطيني منذ مطلع القرن. وبذل السفير الفلسطيني جهوداً في الأسابيع الأخيرة لإقناع المندوبين الأوروبيين بتغيير موقفهم التاريخي من هذا البند من ممتنع الى مؤيد. ولم يكن سهلاً على ممثلي الدول الأوروبية اتخاذ قرار بتغيير مواقفهم من دون العودة الى بلدانهم. وكان من بين الدول التي التحقت بهذا الاجماع الدولي الجديد اليابان وروسيا، مما مهد الطريق أمام تبني لجنة حقوق الانسان القرار الذي يؤكد في فقرته العاملة الرئيسية "الحق الفلسطيني الدائم وغير المشروط لتقرير المصير بما في ذلك خيار اقامة دولة"، وتتطلع الى اعمال هذا الحق في وقت قريب. وجاءت هذه الصيغة التي تختلف في بعض مصطلحاتها عن قرارات دولية سابقة في هذا الصدد، متطابقة مع صيغة البيان الأوروبي الذي صدر في برلين أخيراً. من جهة اخرى، يلاحظ ان مؤيدي القرار احتفظوا بالإشارة في فقرات الديباجة الى قرار الجمعية العامة للامم المتحدة 181 الذي نص على تقسيم فلسطين الى دولتين وابقاء القدس مدينة دولية مفتوحة، بالإضافة الى قرار الجمعية العامة 194 الذي ينص على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى ديارهم. كذلك يستند الموقف الدولي الجديد في شأن حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير الى أحكام ميثاق الاممالمتحدة والمواثيق الدولية المتصلة بهذا الحق باعتباره حقاً لجميع شعوب العالم كقاعدة آمرة في القانون الدولي. وبتوقيت تصويت اللجنة امس على هذا القرار ترسل أوروبا اشارة واضحة الى اسرائيل والولاياتالمتحدة عن عزمها على تمييز موقفها في شأن عالمية حقوق الانسان، وعدم القبول بازدواجية المعايير في ما يتعلق بأهم مطلب وطني فلسطيني، أي حق تقرير المصير بما فيه اقامة الدولة الفلسطينية. وينطوي الاجماع الدولي هذا على رسالة اخرى موجهة الى المجتمعين في المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في غزة لطمأنتهم الى ان العالم اجمع يقف وراء الشعب الفلسطيني في ما يريده لنفسه، بالرغم من عدم انضمام الولاياتالمتحدة لهذا الموقف بعد، وبالتالي تضع الكرة أكثر من أي وقت مضى في الملعب الفلسطيني ليتخذ قراره متسلحاً بهذا التأييد العالمي الواسع. وعن أهمية هذا القرار يقول السفير الفلسطيني لدى الاممالمتحدة نبيل الرملاوي: "ان هذه المرة الأولى التي تصوت فيها الدول الأوروبية لصالح قرار يؤكد بوضوح حق الفلسطينيين، في اقامة دولتهم المستقلة". أما المندوب الاسرائيلي فاعتبر القرار تسييساً لأعمال اللجنة وتدخلاً خارجياً في المسار التفاوضي الفلسطيني - الاسرائيلي، كما احتج على تبني القرار 181 الخاص بالتقسيم وقال ان هذا القرار ملغى بفعل الاتفاقات الفلسطينية - الاسرائيلية. وساند المندوب الاميركي هذا التوجه الاسرائيلي قائلاً: "ان اللجنة يجب ألا تتدخل في العملية السلمية الجارية تحت رعايتها".