انشغلت الأوساط السياسية والاقتصادية في تركيا بالنتائج المفاجئة للانتخابات النيابية والبلدية، ومضاعفاتها على الوضع الداخلي والسياسة الخارجية. وحملت وسائل الاعلام على "النتائج الكارثية" التي حصلت عليها أحزاب يمين الوسط ويساره، فضلاً عن حزب "الفضيلة"، ودعت إلى استقالة زعمائها، وفي مقدمهم مسعود يلماز وتانسو تشيللر ودنيز بايكال، الذين التزموا الصمت الكامل. فيما عقد زعيم حزب "الفضيلة" رجائي قطان مؤتمراً صحافياً، أعلن خلاله عن بدء الاستعدادات لعقد المؤتمر العام الثاني للحزب، في وقت يحدد لاحقاً، ونأى بنفسه وحزبه عن الأحزاب الخاسرة، مشيراً إلى أن "الفضيلة" حل في المركز الأول في الانتخابات البلدية، داعياً إلى الانفتاح والمصالحة في المرحلة المقبلة. ومع صعود اليمين القومي، ظهرت مخاوف اقتصادية من انعكاس الطروحات المنغلقة للقوميين على اندماج تركيا بالاقتصاد العالمي، وهبط مؤشر الأسهم في بورصة اسطنبول، ويتخوف المراقبون من مواقف القوميين، في حال مشاركتهم في السلطة على الوضع الداخلي وتعزيز الديموقراطية وحقوق الإنسان، لجهة إصدار قانون عفو عن المقاتلين الأكراد، وقضية اعتقال زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان. لكن زعيم حزب الحركة القومية ورئيس الحكومة بولند أجاويد، أبديا إشارات انفتاح واعتدال للتعاون والمصالحة والاستقرار، ووصف أجاويد المخاوف من طروحات الحركة القومية بأنها في غير محلها، فتركيا "تجاوزت عهد الاستقطابات الايديولوجية. وحزب الحركة القومية نفسه تغيّر". ومع أن الاحتمالات تشير إلى تعاون الحزبين المذكورين في تشكيل الحكومة الجديدة، إلا أن زعيم حزب الحركة القومية دولت بغجلي، قال إن الحديث عن مثل هذا التعاون سابق لاوانه. وعلى صعيد نتائج الانتخابات التي جرت الأحد الماضي، اتضحت صورة البرلمان المقبل وستكون على الشكل التالي: حزب اليسار الديموقراطي 133 مقعداً، حزب الحركة القومية 130 مقعداً، حزب "الفضيلة" 112 مقعداً، حزب الوطن الأم 88 مقعداً وحزب الطريق القويم 85 مقعداً، إضافة إلى نائبين مستقلين. وحُسمت معركة الانتخابات البلدية لمصلحة حزب "الفضيلة"، بعد فوز مريح في اسطنبول ومنافسة شديدة في أنقرة، فيما ذهبت بلديات المناطق الكردية في معظمها إلى حزب ديموقراطية الشعب الكردي. وجاء في تقرير أمني ان الانتخابات النيابية حصدت 13 قتيلاً، بينهم جنديان، و135 جريحاً، واعتقل 324 شخصاً.