دخل تنظيما "الجماعة الإسلامية" و"جماعة الجهاد" المصريان في سجال حول القرار الذي اصدره التنظيم الأول الشهر الماضي بوقف العمليات المسلحة. وانتقدت "الجماعة الإسلامية" ما سمته "الإرهاب الفكري والمزايدات المتشنجة" من دون أن تسمي "جماعة الجهاد". وتزامن الجدل بين التنظيمين مع ردود أفعال واسعة تجاه الاحكام التي اصدرتها المحكمة العسكرية العليا أول من امس في قضية "العائدون من ألبانيا" والتي تضمنت الإعدام لتسعة متهمين في القضية التي اتهمت فيها عناصر تنتمي الى "جماعة الجهاد". أكدت "الجماعة الإسلامية" أن قرار وقف العمليات المسلحة داخل مصر وخارجها الذي أتخذه قادة التنظيم المقيمون خارج البلاد الشهر الماضي "لا يعني أي تراجع فكري سواء ما يتعلق بالموقف من الأنظمة أو منهج التعبير لدى الجماعة". وفي إشارة الى بيان اصدرته "جماعة الجهاد" في 27 آذار مارس الماضي وصف قرار وقف العمليات المسلحة بأنه "مهادنة وتراجع أمام الحملة الصليبية الجديدة"، قال تقرير ل"الجماعة الإسلامية" بثته أمس عبر موقعها على شبكة الانترنت "لا ينبغي لأي نوع من الإرهاب الفكري أو المزايدات المتشنجة أن يجعلنا نتهيب الإعلان عما نعتقد". ومعروف أن تبايناً شديداً حدث في موقف التنظيمين من المبادرة السلمية التي اطلقها في تموز يوليو من العام 1997 القادة التاريخيون ل"الجماعة الإسلامية"، إذ رفضها زعيم "الجهاد" الدكتور أيمن الظواهري تماماً، في حين عارضها بعض قادة "الجماعة الإسلامية" المقيمون في الخارج في البداية، لكنهم عادوا وأعلنوا موافقتهم عليها واصدروا قرار وقف العمليات. ولاحظ تقرير "الجماعة" أن "بعض المعالجات التي تعاملت مع نداء القادة التاريخيين حاولت أن تلبس رأيها لبوس الشرع، كما أنها في الوقت ذاته وصفت القرار بأنه نوع من المداهنة أو المحاورة أو التمييع والقبول بأنصاف الحلول". وأوضح التقرير أن كثيراً من الذين عارضوا نداء القادة التاريخيين "لم يعارضوا توقيف العمليات من حيث هو وإنما عارضوا الإعلان عن ذلك". وشدد على أن هؤلاء "لا يختلفون على مشروعية الأمر، ولكن يرون مفسدة من وراء الإعلان"، وأن ذلك "اجتهاد مصلحي تختلف فيه التقديرات وتحتمل الآراء فيه الخطأ". وبقدر التباين في موقف التنظيمين من مسألة وقف العمليات تباينت ردود الفعل تجاه الأحكام في قضية "العائدون من ألبانيا"، ففي حين عارضها الأصوليون وهيئات ومنظمات حقوقية إضافة الى المحامين الإسلاميين، اعتبر مراقبون أن صدور أحكام الاعدام التسعة في حق متهمين حوكموا غيابياً وعلى رأسهم الظواهري مثل "مفاجأة"، إذ أنها القضية الأولى التي تنظر فيها محكمة عسكرية مصرية منذ العام 1992 وتتعلق بنشاط الاصوليين من دون أن يصدر فيها أي حكم حضوري بالإعدام. وناشدت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان الرئيس حسني مبارك التدخل لوقف تنفيذ الأحكام الصادرة في القضية، ووقف ظاهرة إحالة المدنيين على القضاء العسكري. واصدرت المنظمة أمس تقريراً أوضح أن 1001 متهم من المدنيين حوكموا أمام محاكم عسكرية منذ العام 1992 في قضايا صدر فيها 94 حكماً بالإعدام تم تنفيذ 67 منها. وانتقد تقرير المنظمة الإجراءات التي صاحبت محاكمة المتهمين في قضية "العائدون من ألبانيا"، واستغربت فيه "تجاهل التحقيق في شكاوى المتهمين بأنهم تعرضوا للتعذيب". وأصدرت رابطة "المحامين الإسلاميين" بياناً ناشدت فيه القوى السياسية والأحزاب والنقابات ورجال الأعمال "أن يكون لهم صوت مسموع في مطالبة الدولة وقف إحالة المدنيين على المحاكم العسكرية". وأعرب مدير "المرصد الإعلامي الإسلامي" في لندن ياسر توفيق السري عن اعتقاده بأن بالأحكام السجن التي صدرت في حق سبعة مصريين مقيمين في بريطانيا، من بينهم هو نفسه، "سيكون لها مردود إيجابي على أوضاع طالبي اللجوء السياسي في بريطانيا". ورجح أن يكون السبب وراء عدم صدور أحكام بإعدام المقيمين في بريطانيا أو الذين سلموا الى مصر من دول عدة "وجود تعهد مصري للدول التي تقوم بالتسليم بعدم اعدام أي اصولي سلم من الخارج". واعتبر أن الاحكام عكست موقفاً متشدداً من كل الذين عارضوا مبادرة "الجماعة" وقف عملياتها. من جهة اخرى، انتقد نائب المرشد العام لجماعة "الإخوان المسلمين" مأمون الهضيبي اعتقال السلطات 11 من أعضاء الجماعة في مدينة بلطيم خلال اليومين الماضيين. وأكد أن هؤلاء "لم يرتكبوا أي جريمة".