انتخابات الرئاسة الاميركية على طريقة الحمل: صبي أو بنت، فهي: جمهوري أو ديموقراطي. وكنت تحدثت عن جمهوريين كثيرين دخلوا حلبة المنافسة، وأتحدث عن الديموقراطيين اليوم، وتحديداً عن ديموقراطيَيْن اثنين هما نائب الرئيس آل غور، والسناتور بل برادلي. غور سيكون المرشح الديموقراطي الا اذا حدثت معجزة، او كارثة، بين اليوم ومؤتمر الحزب في السنة القادمة، لا أراها قادمة. غور استفاد من وجوده وراء بيل كلينتون في ولايتيه، وهناك دعم كبير له من الرئيس الحالي وأركان البيت الأبيض، كما انه استفاد من انسحاب بعض المرشحين الديموقراطيين المحتملين. وهو يستطيع ان يقول ان خبرته السياسية واسعة ومتنوعة، فقد انتخب عضواً في مجلس النواب اربع مرات، وعضواً في مجلس الشيوخ مرتين، قبل ان يختاره كلينتون الى جانبه. وهو بحكم عمله نائباً للرئيس يحضر الاجتماعات الوزارية، كما انه عضو في مجلس الأمن القومي، ويرأس اجتماعات مجلس الشيوخ. وبموجب المادة الثانية والتعديلين 20 و25 من الدستور يتسلّم الرئاسة في حال موت الرئيس او عزله. في مقابل كل هذه الصفات يعاني غور من مشكلة واضحة هي افتقاره الى "الكاريزما" الرئاسية، او خفة الدم، حتى انه بدأ في الفترة الاخيرة يسخر من نفسه أملاً بطرح فكرة ثقل الدم عنه. ولكن لو كانت خفة الدم تصنع رئيساً لاختار الاميركيون أحد الكوميديين المعروفين الذين يطلعون على التلفزيون كل ليلة، غير انها ليست إلزامية، لذلك فالديموقراطيون سيختارون غور مرشحاً عنهم. مع ذلك اريد ان اسجل اليوم اسم بيل برادلي، الذي انتخب عضواً في مجلس الشيوخ ثلاث مرات انتهت سنة 1996، وهو لاعب كرة سلة سابق مشهور يخوض حملة لاصلاح الادارة. ولكن غور يظل المرشح الأول بمراحل، على الرغم من شعبية برادلي واحترام الناخبين له. ومن يدري فغور قد يختار برادلي مرشحاً معه لمنصب نائب الرئيس، مع انني شخصياً اتمنى ان يختار هيلاري كلينتون التي تريد ترشيح نفسها لعضوية مجلس الشيوخ عن نيويورك خلفاً للسناتور الديموقراطي المتقاعد دانيال باتريك موينهان. ثم اتمنى ان يواجههما من الجمهوريين جورج بوش الابن ومعه لمنصب نائب الرئيس اليزابيث دول، زوجة روبرت دول الذي كان مرشح حزبه للرئاسة امام كلينتون سنة 1996. وربما كان القارئ لا يزال يذكر الكلام الذي سجلته قبل يومين عن جاك كيمب الذي مسح الأرض بمنافسه دول ثم اعتبره بطلاً اميركياً عندما اختاره لمنصب نائب الرئيس. وأتوقع حملات من هذا النوع منذ الآن وحتى اختيار الحزبين مرشحيهما. وعلى الأقل فالنقد سيكون في محله لأن المرشحين ليسوا "درجة اولى"، والاميركيون رأيهم سيء في السياسيين عموماً. اشهر رئيسين في تاريخ الولاياتالمتحدة، وأهم الرؤساء بالاجماع، هما جورج واشنطن وابراهام لنكولن، ومع ذلك فقد وجد من انتقدهما بشدة وحدّة. توم بين، احد اشهر مفكري مرحلة الاستقلال، قال لجورج واشنطن حرفياً: "أنت يا سيدي مخاتل في علاقاتك الشخصية، منافق في حياتك العامة، والعالم في حيرة من امرك، فهل أنت خائن أو دجّال، وهل تخليت عن مبادئك أو لم تكن لك مبادئ أصلاً". وقيل هذا عن أول رئيس أميركي، ما يجعل الاهانات التي كيلت للرئيس الذي انتصر في الحرب الاهلية مفهومة. والجنرال تشارلز لي قال عن لنكولن انه "وضيع له طموحات ظلامية، ومتعجرف ميال للانتقام". وقالت مجلة "هاربرز ويكلي" عنه انه: "راوية حواديت قذر، متسلط كذّاب لص متعصب أبله جاهل، ووغد قديم يحنث بيمينه، مختلس". وقرّاء التاريخ الاميركي يعرفون ان خطبة لنكولن في غيتسبرغ من اهم وثائق السياسة الاميركية، ومع ذلك فقد قالت "التايمز" عنها: ليس من السهل انتاج شيء اكثر رتابة ووضاعة. وإذا كان هذا رأي الاميركيين في واشنطن ولنكولن، فان اي شيء سيقولونه عن المرشحين للرئاسة الاميركية اليوم يصبح تصديقه سهلاً جداً. وكان جورج بوش الأب قال وهو ينافس رونالد ريغان على ترشيح الحزب الجمهوري سنة 1984 ان ريغان يدعو الى "فودو ايكونومكس"، اي الى اقتصاد من نوع خزعبلات المشعوذين في اميركا اللاتينية. واختاره ريغان مرشحاً لمنصب نائب الرئيس الى جانبه، فأنكر بوش ان يكون سخر من آراء ريغان في الاقتصاد، حتى جاء من عرض عليه فيديو خطابه. ولحس بوش كلامه كما لحسه كيمب بعده، ويبقى ان ننتظر من سيتراجع عن كلامه من بين المرشحين الاميركيين في السنة الفين.