بدأت معالم المعركة الانتخابية الرئاسية في الولاياتالمتحدة تظهر تدريجاً، ورغم انها لا تزال بعيدة في اذهان الناخبين الاميركيين فهي قريبة بالنسبة للعاملين فيها والمخططين لها ناهيك عن ابطالها الرئيسيين. ورغم ان الانتخابات التمهيدية للحزبين الديموقراطي والجمهوري لن تبدأ قبل حوالى 12 شهراً والانتخابات الرئاسية لن تجري قبل خريف السنة الفين فالواضح من التحركات هذا الاسبوع ان مرشح الحزب الديموقراطي سيكون نائب الرئيس الحالي آل غور. وفي الوقت نفسه، لا يزال حوالى عشرة مرشحين جمهوريين في السباق وفي مقدمهم حاكم ولاية تكساس جورج روكر بوش والوزيرة السابقة اليزابيث دول ونائب الرئيس السابق دان كويل ورجل الاعمال والناشر المليونير مالكولم فوربز الذي اعلن عزمه على خوض المعركة من جديد. ويواجه آل غور صعوبات في اقناع المواطن العادي بانه المرشح الافضل للمنصب الرئاسي. وهو بدأ حملته الانتخابية بشكل مستقل عن دوره كنائب للرئيس بيل كلينتون وكأنه يحاول ان يبتعد قدر الامكان عن سلبيات كلينتون وان يقترب من ايجابيات الرئيس الحالي وقدرته على "سحر" الناخبين في الاسلوب والمضمون. والواضح ان غور يعرف جيداً ان حظ المرشح للرئاسة ضئيل اذا كان نائباً للرئيس. فالتاريخ الاميركي يظهر ان اربعة نواب رؤساء فقط نجحوا في الوصول الى الرئاسة وهم: جون ادامز وتوماس جيفرسون ومارتن فان بورين وجورج بوش فيما فشل الكثيرون، ذلك ان الدور الذي يلعبه تقليدياً نائب الرئيس، ضعيف جداً والصلاحيات التي يملكها، لا تقارن بصلاحيات الرئيس الكبيرة والشاملة. يضاف الى ذلك ان هناك انطباعاً لدى الرأي العام ان غور لا يملك الشخصية المحببة للناخبين عن العفوية المطلوبة. ويؤيد الديموقراطيون غور وابرزهم زعيم الاقلية في مجلس النواب النائب ريتشارد غيبهارد الذي افتتح الاسبوع الماضي مع نائب الرئيس موسم الانتخابات في ولاية نيوهامشير حيث تبدأ الانتخابات الاولية، معلناً دعمه للاخير ومؤكداً انه ليس مرشحاً. وترك اعلان غيبهارد ارتياحاً لدى غور خصوصاً وان الساحة الديموقراطية باتت شبه خالية من المرشحين باستثناء السناتور السابق عن نيوجرسي بيل برادلي الذي يتمتع بشعبية محدودة كونه كان بطلاً في لعبة كرة السلة. وتظهر المواضيع المطروحة في المعركة الانتخابية وكأنها في معظمها ذات ابعاد نظرية ولكنها بالتأكيد ذات ابعاد داخلية اقتصادية وسياسية واجتماعية وتتعلق بمستوى المعيشة للاميركيين ضرورة المحافظة عليه بينما يتم العبور الى القرن الواحد والعشرين. وسيكون للعامل الاقتصادي تأثير كبير على مجريات المعركة. والاقتصاد الاميركي الآن في افضل احواله ويأمل نائب الرئيس والديموقراطيون في ان يستمر هذا الازدهار ويرون انه سيكون عاملاً اساسياً مساعداً لانجاح حملة نائب الرئيس رغم ان الجمهوريين يحاولون التشكيك في مدى قدرة غور على المحافظة على هذا الازدهار الاقتصادي. ولا يتوقع ان تلعب السياسة الخارجية الاميركية دوراً بارزاً في المعركة الانتخابية رغم ان الجمهوريين يحاولون اتهام الادارة بالتقصير في سياساتها تجاه العراق والصين وكوسوفو. والواضح ان الاهتمام الاميركي بالسياسة الخارجية في تراجع خصوصاً وانه ليس للولايات المتحدة اعداء قادرون على تهديدها باستثناء "عدو" وحيد وهو الكوارث الطبيعية! كالعواصف الثلجية والأعاصير. لذا يسعى آل غور الى كسب الناخبين عبر برامجه الداخلية سواء بالنسبة الى المسائل المتعلقة بالمحافظة على البيئة او تلك التي تضمن بناء الضمانات الاجتماعية والصحية وتوفير فرص العمل. واظهر استطلاع للرأي اجرته شبكة "اي بي سي" وصحيفة "واشنطن بوست" ان الرأي العام ينظر الى بوش الابن بإعجاب اكثر من نظرته الى غور.