قال المدير العام ل"المستثمرالدولي" عدنان البحر ان تعديل القوانين لإفساح المجال لتأسيس مصارف اسلامية جديدة وتعزيز المنافسة من أهم حاجات صناعة المال الاسلامية حالياً "لأن ارتفاع كفاءة هذه الصناعة وقدراتها يرتبط بالمنافسة". وتوقع في حديث الى "الحياة" انه في حال تحقق ذلك في الكويت سترتفع حصة المؤسسات الاسلامية في سوق مدخرات الأفراد من 30 أو 35 في المئة حالياً الى ما بين 50 و60 في المئة. وقدر حجم هذه الحصة الآن بما يصل الى خمسة بلايين دينار كويتي 17 بليون دولار. ورأى انه في حال استمرار أزمة أسعار النفط سيتأثر العمل المصرفي الاسلامي على مستوى العالم لأنه في معظمه يرتبط بالاقتصادات الخليجية. لكنه قال: "ان صناعة المال الاسلامية تتعزز في كل المجتمعات الاسلامية مع التطور في انماط الخدمة الاقتصادية ونمو الطبقة المتوسطة فيها". وأشار البحر الى أن "المستثمر الدولي"، الذي يبلغ حجم موجوداته 2800 مليون دولار يطور مشاريع واتفاقات مع جهات خليجية ودولية ويلعب دور الوسيط بين مديري استثمار دوليين ومستثمرين يرغبون في ادارة أموالهم وفقاً لأحكام الشريعة الاسلامية، كما يساعد في تأسيس شركات زميلة في قطر والامارات ودول أخرى. وفي ما يأتي نص الحديث: هذا الانتشار والتزايد الكبير للمؤسسات المالية الاسلامية هل يعكس نجاح المؤسسات القائمة حالياً وتحقيقها أداء اقتصادياً متميزاً؟ أم يعكس وجود حاجة عند الجمهور لخدمات مالية تراعي الضوابط والأحكام الاسلامية؟ - لا شك ان للعمل المالي الاسلامي سوقاً نامية ومتزايدة، وأثبتت التجارب الأولى ان من الممكن تلبية حاجات الجمهور بأسلوب يتناسب مع أحكام الشريعة الاسلامية مع تحقيق النجاح التجاري. ومن وجهة نظري فإن وراء النمو المفاجئ للمؤسسات المالية الاسلامية في الأعوام القليلة الماضية سببين الأول: زوال العقبات التنظيمية القانونية أمام انشاء هذه المؤسسات في الكويت ودول خليجية وأخرى، وكانت الرخص لانشاء مصارف الاستثمار والمؤسسات الأخرى المشابهة متوقفة في الكويت في الماضي وحتى عام 1991 وبعدها خفض البنك المركزي بعض القيود وسمح لنا مثلاً بتأسيس المستثمر الدولي على أساس انها مؤسسة من نوع جديد وسمح لمؤسسات أخرى. والثاني: نمو السوق نفسها لحاجة الجمهور الى خدمات تراعي البعد عن ما يعتبره الشرع الاسلامي زي محرماً، ومعظم الناس يريد الخروج من الشبهة التي تحيط بالفائدة المصرفية كونها نوعاً من الربا، وإذا توافرت للفرد المسلم خدمات مالية مثل التمويل والاستثمار بالتنويع والجودة والكفاءة والعائد نفسه فإنه سيفضلها عن الخدمات المثيلة التي تقدمها المصارف التجارية التقليدية. التوجه العام في الكويت ودول أخرى الى تخصيص مؤسسات القطاع العام هل يقدم فرصاً استثمارية جديدة للمؤسسات الاسلامية؟ - بالتأكيد، خصوصاً لمصارف الاستثمار الاسلامية مثل "المستثمر الدولي"، وأود الملاحظة هنا الى أنه في حين كانت المصارف والمؤسسات الاسلامية لاعباً متأخراً في المنطقة وسبقتها المصارف التجارية التقليدية بعشرين أو خمس وعشرين عاماً فإنه في مجال مصارف الاستثمار التي هي أكثر تأهيلاً لمشاريع التخصيص وأسواق رأس المال وإعادة هيكلة الشركات كانت المؤسسات الاسلامية هي السابقة، وستكون لها فرص كبيرة في حال زيادة التوجه نحو الخصخصة في منطقة الخليج خصوصاً. للمستثمر الدولي الآن اهتمام بالتعاون مع مصارف في سويسرا ومشاريع في مجال البتروكيماويات، ما دور "المستثمر" في هذه الاستثمارات؟ - هذه ليست مشاريع خاصة بالمستثمر الدولي نحن فيها طرف وسيط يساعد الطرف المستثمر، وبالنسبة لسويسرا فإن "المستثمر الدولي" حليف استراتيجي للبنك السويسري نساعده على بناء قدرته لتقديم خدمات مالية خاصة لعملائه تتناسب مع أحكام الشريعة الاسلامية، وكذلك نحن مع "بنك الخليج" في الكويت نساعده في منتجاته بحيث يستطيع أن يبيع لعملائه خدمات مالية اسلامية، وستكون لنا اتفاقات مثيلة مع مصارف في السعودية والبحرين ودول أخرى. ونحن نساعد الآخرين في طرق أبواب السوق الاسلامية باتباع اسلوبين: احدهما الاستجابة لحاجة فرد أو شركة أو حكومة أو مشروع الى تمويل، والآخر مساعدة مديرين للاستثمار في الأسواق الدولية تنقصهم الخبرة في ادارة الاستثمارات وفقاً للضوابط الاسلامية. وكلما زادت المنافسة في العمل المصرفي الاسلامي وكلما زاد حجمه وعدد اللاعبين فيه ارتفعت كفاءته لأن الكفاءة وليدة المنافسة ومعها تأتي الجودة والتنوع والعائد، فتقترب قدرات المؤسسات الاسلامية بذلك من قدرات المؤسسات التقليدية مما يساعدها على أن تجتذب سوقاً أكبر. وأتوقع أنه لو تساوت قدرات وكفاءة المؤسسات الاسلامية مع غيرها فانها سوف تجتذب حصة لا تقل عن 60 أو 70 في المئة من اجمالي مدخرات الجمهور المسلم. وكم حصة المؤسسات الاسلامية من المدخرات حالياً؟ - أتوقع أن تكون حصتها في الكويت حالياً بين 30 و35 في المئة من مدخرات الأفراد أي ما يعادل تقريباً أربعة أو خمسة بلايين دينار، أما على مستوى الخليج ككل فربما تكون النسبة نحو 20 في المئة، وألاحظ أنه يكون دائماً للعمل المصرفي الاسلامي حصة سوقية أكبر في المجتمعات الأكثر تطوراً اقتصادياً، وأعني بذلك أنه حيثما توجد في بلد مسلم طبقة متوسطة كبيرة تطلب خدمات مصرفية متقدمة وتوافرت في هذا البلد القنوات الحديثة للتعامل المالي فإن حصة العمل المصرفي الاسلامي تتعاظم بغض النظر عن بعض الفوارق في الالتزام الديني. فمثلاً المجتمع السعودي أكثر تقليدية من المجتمع الكويتي لكن حصة العمل المصرفي الإسلامي في السوق الكويتية أكبر، ونسبة المسلمين بين السكان في اندونيسيا أكثر من 90 في المئة مقابل 60 في المئة للمسلمين في ماليزيا لكن حصة المؤسسات الاسلامية في السوق الماليزية أكبر بكثير، فالتطور في الخدمات المصرفية ومستوى المعيشة وكذلك الزيادة في كفاءة المؤسسات الاسلامية عنصران يعززان الطلب على الخدمات المالية الاسلامية. عندما توسع وجود المؤسسات الاسلامية في السوق هل خلقت لنفسها قاعدة من المتعاملين أم أنها اقتطعت من المصارف والمؤسسات التقليدية حصة؟ - هي خلقت واقتطعت معاً، فخدمت شريحة لم تكن تستخدم نظام التوسط المالي التقليدي ثم اقتطعت واكتسبت من ذلك النظام حصة سوقية. في حال إقرار القانون المقترح في الكويت حالياً لتنظيم المصارف الاسلامية ماذا سيكون تأثير ذلك على موقع المؤسسات الاسلامية ودورها؟ - سيكون الأثر المباشر زيادة عدد المصارف الاسلامية في الكويت من واحد الى ثلاثة ربما، سواء بنشوء مصارف جديدة أو تحول مصارف قائمة الى اسلامية، وهذا جيد لأنه سيخلق منافسة مطلوبة لرفع مستوى الخدمة. وهل يخطط "المستثمر الدولي" للتحول الى مصرف اسلامي؟ - لا، نحن في "المستثمر الدولي" نتخصص في مجال مصارف الاستثمار في سوق الجملة وسنبقى هكذا، ونحن نتعامل مع المصارف بنوعيها التقليدية والاسلامية ونساعد عملاءنا في التمول منها ولا رغبة لنا في التحول من مصرف استثمار الى مصرف تجاري أو التعامل مباشرة مع الجمهور. الاقتصادات في الدول الخليجية تأثرت بتراجع أسعار النفط هل كان لذلك تأثير على المؤسسات الاسلامية؟ - حتى الآن لم تظهر آثار ذلك لكن الآثار ستظهر في حال استمرار التراجع، فالمؤسسات تخدم الأسواق الموجودة فإذا انخفض النشاط الاقتصادي وانخفضت مدخرات الأفراد انخفض نشاط المؤسسة الاسلامية وربحيتها، ونسبة مهمة من مدخرات الأفراد في المؤسسات الاسلامية في العالم تأتي من الخليج فتأثر النمو الاقتصادي في الخليج يؤثر بقدر كبير على العمل المصرفي الاسلامي. ما رأيكم بظاهرة تشكيل بعض المصارف التقليدية صناديق "اسلامية" استثمارية، هل لمثل هذه المشاريع غطاء شرعي اسلامي؟ وهل للجمهور إقبال عليها؟ - هناك تجارب عدة بهذا الخصوص، الأولى أن يقدم البنك الاسلامي محفظة يدعمها بخبرته الشرعية ويختار لها مدير استثمار خارجي وهذه الحالات كثير منها ناجح، والثانية أن يقوم بنك تقليدي ببيع منتج اسلامي ويأخذ من بائع جملة اسلامي مثلنا وهذه حالات شائعة أيضاً، لكن هناك تجارب فشلت منها أن يقوم بنك تقليدي أو مدير استثمار تقليدي بتشكيل لجنة شرعية داخلة ويسعى لتقديم منتج اسلامي لأن الجمهور لا يتقبل ذلك. هناك داخل صناعة العمل المالي الاسلامي انتقادات لبعض أوجه هذا العمل، فهل لديكم ملاحظات على هذه الصناعة؟ - أي صناعة وأي مؤسسة لا يوجد بها نقد داخلي تواجه مشكلة لأنها تعتبر نفسها كاملة ولا تحتاج الى تطوير، فالنقد الذاتي مطلوب واعتقد ان ما تحتاجه هذه الصناعة هو تعزيز المنافسة وهو نقص لا ترجع مسؤوليته عن الصناعة بقدر ما ترجع الى القانون الحالي الذي يمنع المنافسة، وأكثر ما يضر صناعة البنوك الاسلامية هي قلة المنافسة التي من دونها لا تطور وتعزز المصارف خدماتها، ومن دونها تعيش في السوق مؤسسات لا يجب أن تبقى لأن نصيبها من الربح مضمون. هناك توجه عالمي بين المصارف ومؤسسات ضخمة أخرى نحو الاندماج لتكوين شركات عملاقة هل ترى توجهاً أو مشاريع من هذا النوع بين المؤسسات المالية الاسلامية؟ - الاندماجات في أي صناعة تأتي بعد أن تقطع الصناعة شوطاً في العمل وتصل الى مرحلة النضوج، وفي مرحلة النمو السريع للمؤسسات في أي صناعة لا يتحدث أحد عن مشاريع اندماج لكن عند مرحلة النضج يتباطأ نمو المؤسسات ويصبح الحجم عنصراً مهماً لتحقيق الربحية. وأتوقع أن نرى اندماجات كثيرة في الخليج بين مصارف تقليدية، أما المصارف والمؤسسات الاسلامية فلا تزال في مرحلة النمو والجميع يحقق أرباحاً ولا أحد يفكر بمشاريع اندماج، كما انه لا توجد مصارف تجارية اسلامية كثيرة الآن وهناك واحد في الكويت وآخر في السعودية والشيء نفسه في دول أخرى، ولكن ربما في السنوات المقبلة نرى اندماجات في شركات الاستثمار الاسلامية. ما الهدف من تعاونكم مع "فاينانشال تايمز" لاصدار مؤشرات اسلامية؟ - وقعت شركة المستثمر الدولي وشركة "فاينانشال تايمز" اتفاقاً لاصدار سلسلة من المؤشرات الاسلامية مبنية على مؤشر فاينانشال تايمز/ ستاندرد أند بورز العالمي، والغرض من هذا المشروع توفير نسخة اسلامية معدلة يمكن الوثوق بها والاعتماد عليها من المؤشرات العالمية والاقليمية، وتم تصميم سلسلة مؤشرات اسلامية عالمية ل "المستثمر الدولي" في نهاية كل يوم تداول، كما تتوافر مؤشرات للعوائد الرأسمالية والعوائد الاجمالية بالعملات المحلية وبالأجنبية مثل: اليورو والين والجنيه الاسترليني والدولار الأميركي، لكن العملة الرئيسية للسلسلة هي الدولار الأميركي. هل يمكنكم توضيح كيف يكون المؤشر اسلامياً؟ - هذا المؤشر مبني على المقومات الاسلامية لمؤشر فاينانشال تايمز/ ستاندارد أند بورز ويتم تطبيق مبادئ الشريعة الاسلامية على الأسهم الرئيسية المكونة لسلسلة مؤشرات المستثمر الدولي لاتخاذ قرار ادراجها أو استبعادها، فمثلاً تستبعد الأسهم التي تدخل ضمن أنشطة شركاتها الرئيسية أو الفرعية أية أنشطة متعلقة بالفوائد المصرفية أو الكحوليات أو التبغ أو صناعة الأسلحة وغيرها.