أكد الدكتور عبدالله قربان تركستاني مدير مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي بجامعة الملك عبدالعزيز -على ضوء التوجهات الجديدة للصيرفة الإسلامية والجدل الدائر حول الفتاوى الشرعية في البنوك- أن الصيرفة الإسلامية استطاعت بقدرتها على تجاوز الأزمات المالية العالمية، واستطاع الاقتصاد الإسلامي من خلالها أن ينجو من تداعيات الأزمة المالية بسبب اعتماد الصيرفة الإسلامية على أصول حقيقية في عملياتها التمويلية، ولذلك لم تتأثر بالانهيارات التي شهدتها المصارف التقليدية. وبيّن د. تركستاني أن المؤسسات المصرفية الكبرى تتوقع نتيجة للتوجهات الجديدة في الصيرفة الإسلامية إلى تضاعف حجم الخدمات المصرفية وتواصل ارتفاع معدل النمو في الصيرفة الإسلامية، وذلك خلال الخمس السنوات المقبلة، مشيرًا إلى أن الخدمات المصرفية التي تتوافق مع تعاليم الشريعة الإسلامية تشهد اهتمامًا واسعًا في كل أنحاء العالم. وأوضح د. تركستاني في إجابته على أسئلة “المدينة” أن البنوك تفتقد إلى عملية تطوير أنظمتها المالية بشكل يتوافق مع صيغ التمويل التجاري الإسلامي وضوابطها الشرعية، مشيرا إلى أنه في الوقت الحالي تعمل المصارف الإسلامية في بيئات نظامية لا تلائم طبيعتها الخاصة في الغالب، حيث شرعت الأنظمة والقوانين للصناعة المالية التقليدية فقط ولم تأخذ بعين الاعتبار حالة الصيرفة الإسلامية، مؤكدًا أنه من الصعب على صناعة المصرفية الإسلامية تحقيق أهدافها وغاياتها، إذا كان يتعين عليها العمل في بيئة تشريعية مالية تقليدية تطبق عليها قوانين تحصر أنشطتها ومنتجاتها الإسلامية ضمن حدود ضيقة، وهي في الوقت نفسه غير مستعدة لقبول مفاهيم جديدة في العمل المصرفي ومراجعة أنظمتها واستحداث تشريعات تساعد على إفساح المجال أمام المصرفية الإسلامية وتهيئة المناخ المناسب لاندماجها في منظومة عمل المؤسسات المالية بشكل كامل. وأشار د. تركستاني إلى أن هناك تزايدًا ملحوظًا في عمليات تحول البنوك التقليدية إلى بنوك إسلامية، وتزايد المنافسة في هذه الصناعة من أجل الفوز بالنصيب الأكبر من حصة المستثمرين، وذلك من خلال العمل على تقديم منتجات تحقق رغباتهم، والتطوير المستمر لهذه المنتجات البنكية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، مشيرا إلى أنه بالرغم من التحديات التي تواجه البنوك الإسلامية فإن محاولة صناعة الصرافة الإسلامية أخذت في تطوير أدواتها وخدماتها بالأساليب التقنية والتكنولوجية الحديثة؛ محاولة بذلك التوافق مع المستوى الذي تستخدمه الصرافة التقليدية، إلا أن هناك تحديًا يكمن في مدى قدرة واستمرارية البنوك الإسلامية على مواجهة الرغبات المتغيرة والمتطورة لعملائها. ونوه إلى وجود تحد آخر يواجه الصيرفة الإسلامية، وذلك في فقدان الثقة بشرعية المعاملات المصرفية الإسلامية، التي تقوم بها بعض البنوك وعدم وجود رقابة شرعية داخلية قوية أو عدم التزام البنوك بالإجراءات والخطوات الشرعية عند تقديم الخدمات. وعلى خلفية أنشطة الأبحاث التي يقدمها مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي بالجامعة قال د. تركستاني إن المركز يقدم أبحاثا متعلقة بالاقتصاد الإسلامي وترتكز على تأصيل علم الاقتصاد الإسلامي، وتسعى إلى إيجاد تطبيقات وحلول للقضايا المعاصرة من منظور الشريعة الإسلامية، مشيرا إلى أن المركز يتمتع بصلات علمية متميزة مع العديد من المؤسسات المحلية والإقليمية والدولية ذات العلاقة بالاقتصاد والتمويل الإسلامي تهدف إلى التعاون وتشجيع البحث العلمي وتدريس مواد الاقتصاد والتمويل الإسلامي، مع عدد من الجهات والشركات الاقتصادية والمعاهد المصرفية والجامعات. وأوضح أن المركز يسعى إلى تحقيق عدد من الأهداف في مقدمتها، إعداد البحوث والدراسات العلمية الأكاديمية والتطبيقية لتأصيل علم الاقتصاد الإسلامي، وتوثيق التعاون مع الجامعات والمؤسسات ومراكز البحوث المهتمة بالبحث العلمي، إضافة إلى بناء قاعدة معلومات بحثية والتعاون مع المؤسسات ذات العلاقة، ودعم وتمكين مؤسسات القطاع الخاص من خلال الدراسات التطبيقية وتأهيل العاملين في المجالات ذات العلاقة، كذلك لتقديم درجات علمية ودبلومات ودورات تدريبية في مجال التمويل الإسلامي للوصول إلى أكبر شريحة بهدف تحقيق متطلبات سوق العمل وتسهيل المعرفة في هذا العلم الناشئ بحيث يكون متاحًا أمام أكبر عدد من طلاب العلم والمهنيين، وإصدار مجلة لأبحاث الاقتصاد الإسلامي.