تعتبر دولة الامارات من الدول الرئيسية المنتجة والمصدرة للنفط والغاز على مستوى الخليج والعالم، وهي عضو مهم في منظمة الدول المصدرة للنفط اوبك، ولعبت دوراً كبيراً في توفير امدادات الطاقة لأسواق النفط العالمية والمحافظة على استقرارها بما يخدم مصالح المنتجين والمستهلكين، ويسهم في نمو الاقتصاد العالمي وازدهاره وتقدمه. وتحتل الامارات موقعها هذا في خريطة الدول المنتجة والمصدرة للنفط والغاز من خلال امكاناتها الضخمة، وهي تولي اهتماماً شديداً للتحديات التي تواجه تجارة النفط والغاز على المستوى العالمي بسبب امتلاكها 5.9 في المئة من الاحتياط العالمي للنفط ونحو اربعة في المئة من الاحتياط العالمي للغاز، كما يشكل انتاجها نحو تسعة في المئة من انتاج "اوبك". وقدرت الامارات في ورقة قدمتها الى مؤتمر الطاقة العربي السادس الذي انعقد في دمشق في ايار مايو الماضي حجم احتياطاتها من النفط الخام بنحو 1.98 بليون برميل، وتحتل بذلك المرتبة الثالثة بعد المملكة العربية السعودية والعراق، فيما تأتي في المرتبة الرابعة لجهة انتاج النفط الخام ضمن "اوبك" بعد السعودية وايران وفنزويلا، اذ تبلغ حصتها المقررة 161.2 مليون برميل يومياً. وافادت الورقة ان احتياطات الامارات من الغاز تبلغ 5831 بليون متر مكعب، ما يضعها في المرتبة الثالثة لجهة ضخامة الاحتياطات في منطقة الشرق الاوسط بعد ايران وقطر. واوضحت الورقة ان انتاج الامارات من الغاز عام 1996 بلغ 50.27 بليون متر مكعب، ويحتل تطوير هذا القطاع دوراً مهماً ضمن استراتيجية تنويع مصادر الطاقة في الدولة، وتبلغ نسبة استغلال الغاز المنتج نحو 90 في المئة، اذ يستخدم الغاز محلياً في محطات توليد الكهرباء ومحطات تقطير المياه وكلقيم في صناعة البتروكيماويات. وتمثل امارة ابو ظبي الثقل الرئيسي في الدولة لجهة احتياطات النفط والغاز. وتؤكد نشرات ودوريات نفطية عالمية ان احتياط الامارة من النفط الخام يبلغ نحو 92 بليون برميل فيما يصل احتياطها من الغاز الى نحو 5324 مليون متر مكعب، ويبلغ انتاجها من النفط الخام نحو 850.1 مليون برميل يومياً من اجمالي حصة الامارات في "اوبك". وتبعاً لذلك، يتركز معظم صناعة النفط والغاز في الامارات في نطاق امارة ابو ظبي، التي قطعت خطوات مهمة في هذا المجال خلال الاعوام الاربعين الماضية. وكان اهم هذه الخطوات انشاء "شركة بترول ابو ظبي الوطنية" ادنوك عام 1971 لتطوير صناعة النفط والغاز في البلاد. وحققت الشركة انجازات مهمة ان من خلال عملياتها المباشرة، او عبر مجموعة شركاتها العاملة في المناطق البرية والبحرية من امارة ابو ظبي، تجسدت خصوصاً باقامة مجمعات ضخمة لصناعة النفط والغاز في منطقة الرويس وجزيرة واس ومنطقة حبشان وغيرها، وانشاء قاعدة صناعية متطورة لخدمات الانتاج وتطوير وتصدير النفط والغاز، ومختلف المنتجات النفطية والاسمدة والصناعات البتروكيماوية. وتقول الشركة انها تأخذ في الاعتبار مظاهر عدم الاستقرار والتطورات التي تعصف بالسوق العالمية وتدهور اسعار النفط، وتشير الى ان هذه السمات تكررت بأشكال مختلفة في الاعوام العشرة الماضية "وكنا في كل مرة نقوم بمجابهة معطيات الازمة واتخاذ العديد من الاجراءات الملائمة للتكيف مع الاوضاع المستجدة". وتؤكد "ادنوك" انها "تتمتع بوضع اقتصادي متين يمكنها من تجاوز هذه الازمة والسير قدماً في تنفيذ مشاريعها النفطية، كما تعمل في الوقت نفسه على تعزيز مستويات الكفاءة والاداء وخفض تكاليف العمليات النفطية". واضافت انها تجري "بصورة دورية مراجعة شاملة واعادة تقويم لبرامجنا وخططنا بهدف استخدام مواردنا بأقصى درجات الحرص وانجح الوسائل، وخير مثال على ذلك ما قامت به الشركة من اعادة تنظيم وتطوير نظامها الاداري بما يتلاءم مع خططها واحتياجاتها المستقبلية للدخول الى القرن المقبل". وتمكنت "ادنوك" في العقدين الماضيين من تطبيق استراتيجية فعالة ومتكاملة في النمو والتوسع بالتعاون مع الشركات العالمية المعروفة في هذا المجال. وبموجب هذه الاستراتيجية اسست "ادنوك" الشركات التابعة لمجموعتها والمسؤولة عن عملياتها ونشاطاتها. والهدف الاساسي وراء تأسيس هذه الشركات تحسين اداء الشركة في المجالين الصناعي والتجاري. واستمراراً في تنفيذ هذه الاستراتيجية قررت "ادنوك" تأسيس شركتين مستقلتين لتصنيع النفط والغاز تكونان مملوكتين بالكامل لها، تتولى الاولى مسؤولية ادارة عمليات مصفاتي الرويس وأم النار، فيما تتولى الاخرى مسؤولية تصنيع الغاز وخطوط الانابيب، وبناء على ذلك ستشكل مصفاة الرويس مع مصفاة ام النار شركة مستقلة مملوكة بالكامل لأدنوك تسمى شركة "تكرير"، كما سيكون مصنع معالجة الغاز في حبشان نواة لشركة جديدة تحت التأسيس هي شركة تصنيع ونقل الغاز. ومهما يكن الوضع، فان "ادنوك" ماضية في تطوير صناعة النفط والغاز في ابو ظبي، وتؤكد انها حققت خلال عام 1998 انجازات كثيرة، وقامت بعدد من النشاطات في مجال صناعة النفط والغاز مع مراعاة الاهتمام بحماية البيئة في مجالات المشاريع الجديدة، وعملت على تطوير نشاطاتها واعداد الاستراتيجيات الحديثة التي تساعدها على انجاز اعمالها بالاسلوب والوقت المناسبين. وتمكنت الشركة من تعزيز دورها كإحدى الشركات النفطية الكبرى في العالم التي تحظى بسمعة قوية في اسواق النفط والغاز خصوصاً في مجال الحفاظ على البيئة. وتلخص الشركة انجازاتها العام الماضي بترسية عقد تنفيذ الاعمال الهندسية والانشائية وتوريد المواد لمشروع معالجة المكثفات النفطية، وتوقيع عقد القيام بالاعمال الهندسية والانشائية وتوريد المواد لمشروع توسعة المرافق العامة في منطقة الرويس الصناعية، ومشروع توسعة مصفاة الرويس. وشملت هذه الانجازات في نيسان ابريل الماضي بدء الاعمال الاساسية لانشاء مصنع ثنائي كلوريد الايثلين في الرويس، وترسية عقد تنفيذ اعمال التصميمات الهندسية وادارة المواد والانشاء والتشغيل التجريبي الخاصة بالمرحلة الثانية لمشروع تطوير الغاز البري، وتوقيع اتفاق تعاون بين دبي وابو ظبي في مجال الغاز. وانجزت "ادنوك" في ايار مايو الماضي تأسيس "شركة ابو ظبي للدائن البلاستيكية المحدودة" بروج، و"شركة بروج الخاصة المحدودة للتسويق" ومقرها سنغافورة. واستكملت الشركة في حزيران يونيو اعمال الدراسات الهندسية والتصاميم الاساسية لمشروع تطوير حقل غاز خف البحري، فيما انتهت في تموز يوليو من اعمال بناء مجمع المكاتب الرئيسية لشركتي "زادكو" و"جاسكو"، وانجزت في ايلول سبتمبر مشروع منشآت خلط الغاز النفطي في منطقة الرويس وانضمام حفارتين بريتين جديديتين الى اسطول حفارات "شركة الحفر الوطنية". وللوقوف على بعض هذه الانجازات، وجهت "الحياة" سؤالاً الى "ادنوك" حول ابرز الخطط في مجال الاستكشاف والانتاج والقدرة الانتاجية التي تخطط الوصول اليها، فأكدت انها تقوم بمتابعة خططها الموضوعة للحفر الاستكشافي والتقييمي لمختلف الحقول، والتركيز على برامج المسح الزلزالي واجراء دراسات شاملة لوضع تقويم كامل للاحتياطات النفطية في ابو ظبي. وقالت انه في مجال الحفر زادت متطلبات تطوير الحقول وصيانتها وتمت اضافة حفارتين جديدتين الى اسطول الحفارات العاملة لديها، وتركز في عملياتها على استخدام احدث التقنيات خصوصاً الحفر الأفقي، مؤكدة انها حققت خفضاً في تكاليف العمليات في صورة ملحوظة نتيجة لذلك. واضافت ان العمل جار في تنفيذ خطط التطوير الموضوعة لمختلف الحقول اضافة الى تحديث وتطوير المرافق والمنشآت النفطية في الحقول البرية والبحرية لزيادة طاقتها الانتاجية وضمان التشغيل المتواصل. وتؤكد ان تقدير الغاز الطبيعي حظي باهتمام خاص في الاعوام الاخيرة، وقامت بتنفيذ مشاريع عملاقة في المناطق البرية والبحرية فعملت على مضاعفة الطاقة الانتاجية لمصنع تسييل الغاز البري الذي تبعه تنفيذ المرحلة الثانية له ومشروع تطوير الغاز في حقل عصب. يذكر ان مستوى انتاج الامارات الحالي اقل من طاقتها الانتاجية ولا يتناسب مع حجم الاحتياطات الكبيرة التي تمتلكها. وقالت "ادنوك": "اننا نحافظ على طاقتنا الانتاجية ونزيد من امكاناتنا ومرونة منشآتنا لمواكبة التقلبات على المدى القصير". وكانت لأبو ظبي تجربة رائدة في عمليات المشاركة مع بعض شركات النفط العالمية في صناعة النفط والغاز. ورداً على سؤال حول كيف تنظر "ادنوك" الى هذه التجربة وامكان التوسع فيها، تجيب الشركة ان ابو ظبي "قامت بدور فعال ومميز في عمليات المشاركة الاجنبية في الصناعة النفطية". وقالت ان دورها يعتبر رائداً ونموذجاً يحتذى به اذ استفادت من التكنولوجيا الحديثة والخبرات النفطية العالمية لتطوير صناعتها. واضافت الشركة ان "تجاربها الناجحة" مع شركائها المساهمين في مجموعة شركات "ادنوك" مبنية على الاحترام المتبادل والتعاون المشترك. واكدت ترحيبها بالمشاركة للاستفادة من التكنولوجيا على غرار ما حدث عندما وقعت الشركة في ايار الماضي اتفاق تأسيس "شركة ابو ظبي للدائن البلاستيكية المحدودة" بروج. واستطاعت "ادنوك" عموماً تطوير صناعتها النفطية وتوجيه مختلف عملياتها حسب خططها التي التزمت تنفيذها لجهة الاستكشاف والانتاج. وتؤكد الشركة ان خططها التوسعية لا تنحصر في مجال الاستكشاف والانتاج وتعزيز القدرة الانتاجية للنفط الخام وانما تمتد للتوسع ايضاً في مجال التكرير. وهي تمتلك حالياً مصفاتين للنفط تخدم احداهما السوق المحلية وتصدر الثانية للسوق العالمية. وتقع المصفاة الاولى في ام النار قرب مدينة ابو ظبي وطاقتها 85 ألف برميل يومياً، فيما تقع المصفاة الثانية في الرويس وطاقتها 140 ألف برميل يومياً. وتنوي "ادنوك" اجراء توسعة ضخمة لتطوير المصفاة وتشمل المرحلة الاولى انشاء مكثفين بطاقة 140 الف برميل يومياً، ويتوقع ان ينتهي المكثف الاول نهاية السنة الجارية ويكون جاهزاً للتشغيل في الربع الاول من السنة المقبلة، فيما سيستكمل انشاء المكثف الثاني السنة 2000. وتدرس الشركة حالياً امكان الاستفادة من خفض نسبة الرصاص والكبريت في البنزين للحصول على وقود نظيف السنة 2002، كما تجري دراسات للافادة من مصفاة الرويس في انتاج زيوت التشحيم بدرجة اعلى وبما يخدم السوق المحلية. وتتلخص المشاريع المستقبلية للشركة في امارة ابو ظبي ككل في ميدان صناعة النفط والغاز بتوسيع وزيادة انتاج كل من مصفاة الرويس ومصنع معالجة الغاز الطبيعي في حبشان اضافة الى الاهتمام بمشاريع البتروكيماويات في الرويس. وفي وقفة امام المشاريع البتروكيماوية في ابو ظبي، تمكن الاشارة الى ان "ادنوك" دخلت في مجال صناعة البتروكيماويات عام 1983 من خلال مجمع الامونيا واليوريا بالمشاركة مع "توتال" الفرنسية لانشاء الاسمدة الكيماوية بطاقة انتاجية تبلغ 650 الف طن متري من اليوريا و75 الف طن متري من الامونيا سنوياً. وتم بعد ذلك الدخول في مجال اللدائن البلاستيكية من خلال انشاء "شركة ابو ظبي للدائن البلاستيكية المحدودة" لانتاج اللدائن البلاستيكية، وتبلغ طاقة المجمع الذي يجري العمل فيه 450 الف طن متري سنوياً ومن المقرر ان يبدأ الانتاج السنة 2001. وأسست "ادنوك" مع شريكها الاجنبي في مجال انتاج اللدائن البلاستيكية شركة لتسويق اللدائن في سنغافورة. وتجري الاستعدادات لترسية مناقصة انشاء مجمع للاثلين الاحادي الكلورايد بطاقة 520 الف طن سنوياً، والمتوقع البدء في انتاجه السنة 2001، اضافة الى ان "ادنوك" تقوم حالياً بدرس مجموعة من المشاريع المستقبلية في مجال الصناعات البتروكيماوية. الى ذلك، انجزت ابو ظبي مشاريع ضخمة مع شركاء اجانب في مجال تسييل الغاز الطبيعي وتصديره الى الاسواق العالمية، وفي مقدمها اليابان، ونجحت في الاعوام الاخيرة في الوصول الى اسواق جديدة في اوروبا واميركا وكندا وكوريا الجنوبية واخيراً الهند. ويبرز بين المشاريع الاكثر اهمية في مجال الغاز مشروع تزويد ابو ظبي امارة دبي بالغاز. وتم في هذا المجال توقيع اتفاق بين الجانبين في 18 شباط فبراير 1998، سيتم بموجبه تزويد دبي غازاً طبيعياً من امارة ابو ظبي، واستكملت الدراسات الهندسية والتصاميم الاساسية للمشروع. وتقول "ادنوك" انها تؤيد مشروع انشاء شبكة خليجية موحدة للغاز، وتعتبر ذلك خطوة الى الامام على طريق التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.