جاء قرار العاهل الأردني الملك عبدالله بن الحسين تشكيل حكومة جديدة وتعيين رئيس جديد للديوان الملكي بمثابة الخطوة الاهم في سياق ايجاد الآليات للشروع في تنفيذ المراجعة الشاملة التي اطلقها والده الراحل الملك الحسين بن طلال قبل غيابه الشهر الماضي، عندما نحى شقيقه ولي عهده السابق الأمير الحسن واختار نجله الأكبر لخلافته. وستتركز الانظار على رئيس الوزراء الجديد النائب والوزير السابق السيد عبدالرؤوف الروابدة لرصد مدى نجاح حكومته في استجابة تحديات تنفيذ المراجعة الشاملة التي يتوقع ان تشمل قرارات حاسمة بينها العودة عن القرارات والاجراءات الحكومية التي ادت الى انتكاس عملية التحول الديموقراطي خلال السنوات الاخيرة أو تعديلها، وأبرز تلك الاجراءات قانون الانتخاب الذي سنته حكومة الدكتور عبدالسلام المجالي الاولى 1993، وقانون المطبوعات والنشر الذي اصدرته حكومة المجالي الثانية 1997. كما تواجه الحكومة الجديدة تحديات ضاغطة لايجاد حلول سريعة للوضع الاقتصادي المتفاقم، من خلال التعاون مع الدول الداعمة للاردن والمؤسسات المالية الدولية، واجراء اصلاحات هيكلية وادارية داخلية، والمضي في تنفيذ برنامج طموح لتحويل عدد من المؤسسات الحكومية الى القطاع الخاص. وفيما يتوقع ان يركز عمل الحكومة على الاصلاحات الحيوية الملحة على الصعيد الداخلي، ستظل الضغوط الاقليمية تلقي ظلالها على الوضع الداخلي، سواء ما يتعلق منها بعملية السلام المتعثرة قبل الانتخابات الاسرائيلية وما يتبعها في إطار المفاوضات المرتقبة للوضع النهائي بين الفلسطينيين واسرائيل، او على صعيد تداعيات الأزمة العراقية التي يرجح ان تتفاقم في ضوء التصعيد العراقي - الأميركي المتواصل وتأكيد واشنطن تمسكها بسياستها لجهة إطاحة النظام العراقي. ووسط اجواء تفاؤل يراهن بعض الأوساط السياسية على ان الروابدة قادر على مواجهة استحقاقات الاصلاحات الاقتصادية والسياسية معتمداً على فريق وزاري يضم كفاءات مشهوداً لها. ويعتبر الروابدة من الشخصيات الوطنية المثيرة للجدل وهو يتمتع بشجاعة في اتخاذ القرار على رغم انه ينتمي الى جيل السياسيين التقليديين. وتؤكد مراجع سياسية انه قد يكون الشخص الامثل لتنفيذ استحقاقات المرحلة المقبلة على الصعيد الداخلي. وجاء تعيين وزيرة التخطيط السابقة الدكتورة ريما خلف نائبة لرئيس الوزراء مؤشراً الى الاهتمام بالملف الاقتصادي. كما جاء تعيين السيد ناصر اللوزي وزيراً للاعلام والثقافة مؤشراً الى نية الحكومة الانفتاح على الاعلام الداخلي واعادة النظر في قانون المطبوعات والنشر الذي شدد القيود على حرية التعبير. واعتبر مراقبون ان تعيين وزيرين من الرموز الاسلامية وخمسة وزراء من اصل فلسطيني تأكيد للتوجه نحو تعزيز الوحدة الوطنية التي شدد عليها العاهل الاردني في كتاب تكليف الحكومة الجديدة. وجاء قرار الملك عبدالله تعيين رئيس الوزراء السابق السيد عبدالكريم الكباريتي رئيساً للديوان الملكي مؤشراً الى نيته اجراء اصلاحات واسعة معتمداً على شخصية قوية تتمتع باحترام في الشارع الاردني. معروف ان الكباريتي حظي ابان ترؤسه الحكومة 1996-1997 بدعم واسع من الملك الراحل الذي وصفه بأنه "اشجع واجرأ وانظف من عرفت". كما ارتبط اسم الكباريتي خلال السنوات الاخيرة باندفاعه في مكافحة الفساد وجرأته في تنفيذ قرارات اصلاحية من نوع اعادة هيكلة الدعم الحكومي للخبز، ودفاعه عن الديموقراطية وانفتاحه على المعارضة وعلى رأسها الحركة الاسلامية. لكنه أثار السياسيين التقليديين ورموز الحرس القديم الذين وجدوا في اسلوبه الليبرالي ونجاحه السياسي تهديداً لمراكزهم.