يشرح ديفيد فريمان، المحامي اللندني، في ما يأتي، كيف يستطيع من لا ينتمي الى المملكة المتحدة التجنس بجنسيتها، كما يعلق على الخلافات في الرأي التي أثارها الطلب الذي تقدم به الاخوان الفايد، صاحبا مخازن هارودز اللندنية للحصول على الجنسية البريطانية تقدم به الاخوان. يرغب عدد كبير من الناس في اقتناء جواز سفر بريطاني. وتختلف الدوافع وراء الرغبة في اقتناء هذه الوثيقة ذات اللون الاحمر الداكن التي تمنح حاملها حق الاقامة والعمل في المملكة المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي. ويشكل اقتناء جواز سفر بريطاني بالنسبة لعدد كبير من الناس، نهاية عملية تستغرق اعواماً عدة، ومدفوعة بنية صاحب الطلب قضاء ما تبقى من عمره في ربوع المملكة المتحدة. وبالنسبة للبعض، تنشأ الرغبة في حمل الجنسية البريطانية من الصعوبات التي يواجهها في السفر والعمل، فيما يرغب بعض آخر في الحصول على جواز سفر بريطاني لأن له ارتباطات مع المملكة المتحدة وفيها، ولأنه عملياً لا ينتمي الى اية دولة من دول العالم. ويعود قرار منح الجنسية الى استنساب السلطات المعنية. ولا يمكن احداً ان يضمن الحصول على الجنسية لمجرد تقديمه الطلب الرسمي فقط. وشهدت الاعوام الخمسة الماضية شيوع الحديث عن الطلب الذي تقدم به الاخوان المصريان محمد وعلي الفايد للحصول على الجنسية البريطانية. ويثير الاخوان فايد خلافات في الرأي، ولا شك في انهما سيبقيان كذلك. وبما انهم ثريان وساهما بشكل مهم في النشاط الاقتصادي البريطاني بصفتهما مالكي مخازن هارودز الشهيرة، وعبر ارتباطاتهما التجارية والاقتصادية والثقافية في المملكة المتحدة، يبدو انهما اعتقدا عندما طلبا منحهما الجنسية البريطانية ان قرار المنح سيكون شكلياً، وان وزارة الداخلية البريطانية ستوافق بكل بساطة على طلبهما باعتبار انهما امضيا فترة طويلة في المملكة المتحدة وأنفقا الكثير من المال فيها. لكن طلبات الحصول على المواطنية البريطانية لا يُثبتُّ فيها بهذه البساطة، اذ ثمة متطلبات أساسية على صاحب الطلب التقيد بها. ولكي يتم منح المواطنية لشخص ما عليه ان يكون قد عاش او اقام في المملكة في الاعوام الستة السابقة لتقديم الطلب. وينبغي الا يكون صاحب الطلب غاب خلال هذه الاعوام عن المملكة المتحدة فترة تزيد على 450 يوماً، وان لا يكون قد غاب خلال العام الذي سبق مباشرة تقديم الطلب، اكثر من تسعين يوماً. واضافة الى هذه الشروط الزمنية الصارمة، يجب ان يكون في حوزة مقدم الطلب اقامة في بريطانيا لفترة غير محدودة، وهو ما يطلق عليه "الاقامة الدائمة". واذا كان مقدم الطلب متزوجاً من شخص بريطاني تصبح الشروط اقل صرامة الى حد ما، اذ عليه ان يثبت انه امضى ثلاثة اعوام في المملكة المتحدة قبل تقديم الطلب، وانه كان في المملكة المتحدة قبل ثلاثة اعوام تماماً من تاريخ التقديم وانه لم يغب عن البلاد اكثر من 270 يوماً خلال العام الذي يسبق تقديم طلب التجنس، اضافة الى ضرورة ان يكون حائزاً على "الاقامة الدائمة". اما المتطلبات الاخرى فهي بسيطة نسبياً، اذ ينبغي على صاحب الطلب ان يكون ملماً بالانكليزية او الولشية لغة ويلز او الغيليكية اللغة الاسكتلندية، كما على صاحب الطلب تقديم الدليل على تمتعه بأخلاق حميدة. ويحيط بهذا الشرط الاخير بعض الضباب او الغموض. اذ يصعب تحديد "الأخلاق الحميدة" او تعريفها. ففي المملكة المتحدة يستطيع من أدين بجرم ان يعتبر الادانة وكأنها صارت "في ذمة التاريخ" بعد مرور عدد من الأعوام، ما يعني ان في وسع المدان انكار الادانة الجرمية ونفيها ويصبح من حقه ان يُعامل كمواطن مستقيم. ويرتبط طول الفترة الزمنية، التي تمر بين ارتكاب الجرم واعتباره وكأنه لم يحصل، بخطورة الجرم وبالعقاب الذي ناله مرتكبه. فعلى سبيل المثال لا يُعتبر حكم طويل بالسجن وكأنه لم يكن الا بعد مرور فترة زمنية طويلة، مقارنة، مثلاً، مع جنحة مخالفة السير. ولا تدقق وزارة الداخلية البريطانية في ما اذا كان مقدم الطلب ارتكب جرماً أدين به وحسب، بل تدقق ايضاً في وضعه المالي الخاص. وغالباً ما يدقق الفرع الخاص المخابرات البريطانية او احد مكاتب الشرطة البريطانية المكلف شؤون الأمن السياسي في طالب التجنس ضماناً لعدم نشوء مخاطر امنية من منح شخص ما المواطنية البريطانية. وترغب وزارة الداخلية ايضا في التأكد من ان طالب التجنس سدد ما عليه من ضرائب. ويمكن لعدد كبير من طالبي التجنس، اذا خطط شؤونه بعناية، ان يقيم في المملكة المتحدة من دون دفع اية ضرائب. فقد لا تكون هناك اية علاقة مالية بين بعض الناس ودائرة جباية الضرائب البريطانية، الا ان طلب التجنس يضع مقدمه في دائرة الضوء لأن وزارة الداخلية البريطانية تطلب من طالبي التجنس ابراز وثيقة من دائرة جباية الضرائب البريطانية تثبت انهم سددوا ما يترتب عليهم من ضرائب. ومن الصعب تخيل كيف يمكن لدائرة جباية الضرائب كتابة وثيقة من هذا القبيل. ومع ذلك يبدو ممكناً التغلب على هذه العقبة. ولكن يتعين على طالب التجنس ان يدرك انه سيلفت انظار السلطات اليه بطلبه، وان يتوقع اجراء تحقيق في شؤونه المالية والضريبية، وفي سلوكه قبل منحه الجنسية. و هناك عدد كبير من الناجحين في المجال التجاري والاقتصادي وفي مجالات اخرى حالياً، ينظر حالياً في طلباتهم، وهم كانوا من الطلبة في المملكة المتحدة في فترة السبعينات التي شهدت نشاطات سياسية واسعة في الجامعة البريطانية، ويُعتقد ان بعض هؤلاء يعانون حالياً وتتعرض طلباتهم للتأخير بسبب تلك الأنشطة. ولكن جاك سترو، وزير الداخلية البريطاني الحالي، ليس واحداً من هؤلاء، على رغم انه كان ناشطاً سياسياً عندما كان على مقاعد الدراسة وتفوَّه ببيانات وعبارات لا يرددها الآن. ولا يبدو ان نشاطه السياسي قبل عشرين عاماً ألحق به اي اذى، الا ان ذلك لا ينطبق على عدد كبير من الذين شاركوا في النشاط الطالبي العربي السياسي في تلك الفترة. و انطلاقاً من ذلك يمكن تفسير "الاخلاق الحميدة" على نحو صارم جداً. فعلى سبيل المثال، قدم رجل اعمال ناجح طلباً للتجنس بعدما أمضى فترة طويلة في المملكة المتحدة. الا انه، وقبل تقديم الطلب، كان قد اوقف لتجاوزه السرعة القانونية اثناء قيادته سيارته. وهو اعترف بالجنحة ودفع الغرامة. وبعد نحو ثلاثة اسابيع اوقف بالتهمة نفسها. وعندما اطلعت وزارة الداخلية البريطانية على هذا "السجل" قررت عدم منحه الجنسية لأنها اعتبرت تكرار الجنحة دليلاً على عدم احترامه قانون البلاد. وربما كان المصير الذي آل اليه طلب الاخوين محمد وعلي الفايد مشابهاً لمصير رجل الاعمال الذي يهوى قيادة السيارات بسرعة بما يتجاوز الحد القانوني. فقد قدم الاخوان طلب التجنس عام 1993. لكن تقريراً أُعد في وزارة التجارة والصناعة البريطانية عام 1985، وبعدما استملك الاخوان مخازن هارودز، تضمن انتقادات لعلي ومحمد وصلاح الفايد. وكانت هذه الانتقادات حادة ومفادها انهم لم يكونوا صادقين عندما تحدثوا عن خلفيتهم المالية، وان وصفهم للطريقة التي تم بها استملاك مخازن هارودز لم يكن دقيقاً. وتجدر الاشارة الى ان الوقت الذي شهد عملية الاستملاك شهد ايضا معركة تجارية بين آل الفايد وتايني رولاند، رجل الاعمال الاوتوقراطي الناجح الذي شنّ حملة شخصية بغية الغاء عملية الاستملاك. والظن هو ان تقرير وزارة التجارة والصناعة البريطانية كان سبب عدم منح الاخوين محمد وعلي الفايد جواز سفر بريطانياً عندما طلباه عام 1993، اي منذ ستة اعوام، بقي علي ومحمد الفايد خلالها يعيشان مع اسرتيهما في المملكة المتحدة، واستثمرا اموالاً في انشطة اقتصادية اخرى. ويحاول محمد الفايد باستمرار التعبير عن حماسته للمؤسسة السياسية البريطانية، وإن كانت هذه الحماسة لا تشمل مختلف اجزاء هذه المؤسسة. اذ عانى حزب المحافظين البريطاني الأمرين من التهم بالرشوة والفساد التي رافقت مدفوعات يقال انه سددها لنواب بريطانيين. عندما قيل لمحمد الفايد انه لا يستطيع ان يكون مواطناً بريطانياً ادعى على الحكومة وحكمت المحكمة لمصلحته واتهمت الحكومة بأنها لم تسلك سلوكاً سوياً، ما جعل وزير الداخلية يواجه احتمال خوض معركة قانونية قضائية. وبدلاً من ان يفعل هذا وعد باعادة النظر في الطلب الذي كان محمد وعلي الفايد قدماه للحصول على الجنسية، وبالفعل ذكرت صحيفة "تايمز" اللندنية في 12 اذار مارس ان علي منح بالفعل جواز سفر بريطانياً. ونظرا الى ان تقرير وزارة التجارة والصناعة البريطانية وجّه انتقادات اليه والى اخويه، يبدو من المحتمل ان اي "سوء سلوك" اتُّهم به في خصوص تملك مخازن هارودز سيُعتبر وكأنه لم يكن وسيكون موضع تجاهل وزير الداخلية البريطانية. وقد بذل محمد الفايد وأخوه علي كثيرا من الوقت والجهد والمال في سبيل الحصول على المواطنية البريطانية. وليست كل الطلبات المقدمة للحصول على هذه المواطنية معقّدة مثل طلب الاخوين الفايد، ولا يستغرق الرد على الطلب، عادة، ما استغرقه الرد على طلب الاخوين الفايد من ومن زمن. المعلوم ان الداخلية البريطانية ترد على الطلبات المقدمة قبل 12 شهراً. ويجب ان لا تردع المعارك التي خاضها الاخوان الفايد احداً على طلب الجنسية، ولكن يتعين على كل من يطلب التجنس ان يدرك ان السلطات المختصة ستنظر في شؤونه المالية والضريبية اثناء درسها امكان منحه الجنسية البريطانية. ويبدو ان مخازن هارودز ستكون جواز سفر الاخوين الفايد الى رحاب المواطنية الجنسية البريطانية. يمكن الاتصال بديفيد فريمان في شركة "داونز سوليسيترز" على العنوان الآتي: 1Temple Avenue London, EC4 YoHA هاتف: 9362818-0171 فاكس: 9362813-0171