التقط علماء الفلك اخيراً اول صورة "حية" لانفجار اشعة غاما. 10 ثوان من انفجار هذه الاشعة الجبارة تعادل مجموع ما تطلقه الشمس خلال 10 بلايين سنة من عمرها. الصورة التي تعاون علماء الفلك الاميركيون والاوروبيون على التقاطها قد تساعد على معرفة اسرار هذه الظاهرة الكونية المحيرة. ولم يستطع العلماء منذ اكتشافهم لها قبل نحو 30 سنة ان يعرفوا ما اذا كانت اشعة غاما قادمة من داخل المنظومة الشمسية ام من اقاصي الكون البعيدة. حدث ذلك مساء السبت يوم 23 كانون الثاني يناير الماضي، عندما رصد المرصد الفضائي المحمول على القمر الخاص بأشعة غاما الانفجار. وبث المرصد اشارة فورية الى جهاز كومبيوتر ايقظ مرصد مدينة نيومكسيكو الذي التقط الصورة فورياً. وذكر جون هوراك المتحدث في وكالة الفضاء الاميركية "ناسا" ان "الصورة كانت هائلة، وقدمت واحداً من اكبر الانفجارات التي تم التقاطها. وقد شهد العلماء اشعة غاما لأول مرة قبل نحو 30 سنة، ولكنهم لم يروا منها سوى الشفق المتخلف عنها. كان الانفجار شديداً جداً الا انه اختفى خلال ثوان. ولا يعرف احد السبب الحقيقي وراء هذه الانفجارات. وتعتقد احدث النظريات بهذا الصدد انها قد تعود الى اصطدام نجمين شديدي الكثافة والقوة يطلق عليهما اسم "النجوم النترونية"، او ربما يعود الانفجار الى هلاك احد هذه النجوم بسبب ابتلاعه من قبل ثقب اسود في الكون. ومن أجل معرفة حقيقة هذه الانفجارات احتاج العلماء الى رصد احدها لحظة وقوعه. ولتحقيق ذلك وضع العلماء عام 1991 مرصداً فضائياً خاصاً اسمه "تجربة مصدر الانفجار والزوال" BATSE وحمل المكوك الفضائي المرصد الى المدار على متن قمر اصطناعي عملاق خاص برصد اشعة غاما. واقتنص القمر الذي يعادل في الحجم حافلتين لنقل طلاب المدارس انفجار اشعة غاما الجبارة. وارسل الجهاز المحمول على القمر اشارة فورية الى كومبيوتر في "مركز الطيران الفضائي غودارد" في ميري لاند في الولاياتالمتحدة الذي قام بدوره بابلاغ مرصد "لوس ألاموس" في نيومكسيكو. وفتح المرصد قبته اوتوماتيكياً وصور الانفجار خلال ثوان. موقع الانفجار ولكن جهاز الكومبيوتر في مركز غودارد لا يستطيع ان يقدم سوى تقدير تخميني لموقع الانفجار. لذلك ابلغ بالأمر العلماء الايطاليون والهولنديون الذين يديرون مرصداً آخر اسمه Beppo - SAX فالتقطوه فورياً. وبسبب الضوء الساطع جداً لانفجارات غاما بقي العلماء يعتقدون لفترة طويلة انها قادمة من موقع قريب قد يكون ضمن المنظومة الشمسية. لكنهم يعرفون الآن انه يقع على مسافة بلايين السنوات الضوئية. وتعادل السنة الضوئية المسافة التي يقطعها الضوء خلال سنة واحدة وهو يسير بسرعة 300 الف كلم في الثانية، او ما يعادل نحو 10 ترليونات كلم. هذا يعني ان الطاقة التي تنطلق خلال 10 ثوان من انفجار اشعة غاما تعادل مجموع ما تطلقه الشمس خلال 10 بلايين سنة من عمرها. ويعتبر هذا اقوى انفجار في الكون بعد "الانفجار الكبير" الذي يعتقد انه انشأ الكون. وتقع هذه الانفجارات يومياً تقريباً في مواقع عشوائية من الكون. لغز كوني وتتردد بعض الافكار الخيالية التي تعتبر انفجارات اشعة غاما سببها الحرب القائمة بين الحضارات الكونية. وعلى رغم الطابع الخيالي لهذه الافكار فان الحديث ليس جديداً عن علاقة انفجار اشعة غاما باحتمالات وجود حياة في المجرات البعيدة. ويعتقد العلماء المتحمسون لفكرة علاقة غاما بالحضارات الكونية انها قد تكون السبب وراء اختفائها. ويستند العلماء في ذلك الى نظرية مشهورة لعالم الفيزياء انريكو فيرمي الذي حاز على جائزة نوبل عام 1950. وقد اشار فيرمي الى ان اتساع الكون قد يبلغ 100 الف سنة ضوئية. هذا يعني ان اي مركبة فضائية تسير بسرعة تبلغ واحد من الف من سرعة الضوء ستحتاج الى 100 مليون سنة للانتشار عبر الكون. وهذا اقل كثيراً من عمر الكون البالغ 10 بلايين سنة. ويرجح بعض العلماء ان انفجارات اشعة غاما تبيد الحضارات قبل ان تتاح لها فرصة التطور الى مرحلة القيام بغزو الكون!