قال الدكتور منتصر العقلة، المدير العام لمؤسسة تشجيع الاستثمار، إن الأردن خطا خطوات واسعة في اتجاه زيادة تنافسية بيئته الاستثمارية على الصعيدين القانوني والاقتصادي. وأوضح، في حديث أجرته معه "الحياة"، ان قانون تشجيع الاستثمار منح المستثمرين الأردنيين والأجانب حوافز مشجعة، وان القانون لا يميز بين المستثمر الأردني ونظيره الأجنبي. وقدّر حجم الاستثمارات الأجنبية في المشاريع المستفيدة من قانون تشجيع الاستثمار العام الماضي بنحو 155 مليون دينار في مقابل 3،1 مليون دينار فقط عام 1995، وهو العام الذي صدر فيه قانون تشجيع الاستثمار. وفي ما يأتي نص الحديث: كيف تقومون الوضع الاستثماري في الأردن اليوم؟ - خطا الأردن في اتجاه زيادة تنافسية بيئته الاستثمارية خطوات واسعة على الصعيدين القانوني والاقتصادي، ما زاد من وتيرة التدفق الاستثماري باتجاهه، إذ عمل على إصدار وتعديل شبكة واسعة من القوانين الاقتصادية التي تفي بمتطلبات المستثمرين كقانون تشجيع الاستثمار وقانون الشركات وقانون الأوراق المالية وقانون الجمارك وتعليمات ادخال واخراج العملات الأجنبية وغيرها، وعمل على توقيع مجموعة كبيرة من الاتفاقات الدولية بغية توسيع نطاق سوقه المحلية كاتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي واتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة واتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية، كما اهتم بعقد اتفاقات لحماية وتشجيع الاستثمارات المتبادلة، حيث بلغ عددها حتى الآن 18 اتفاقاً. وعلى المستوى الاقتصادي كانت لركائز السياسة الاقتصادية للحكومات الأردنية، والتي تؤمن بالانفتاح وتشجع المبادرات الفردية وتكرسها، آثار ملموسة في عالم اليوم الذي تميزه حرية التجارة. إذ استطاع الأردن من خلال تبني برامج التصحيح الاقتصادي ان يحافظ على سعر صرف الدينار وان يسيطر على التضخم ويخفض نسبة المديونية إلى اجمالي الناتج المحلي. وأكدت التقارير الدولية مثل دراسة معهد ستانفورد الدولي للأبحاث حول السياسة التجارية ان الأردن حصل على ترتيب متقدم 77 في المئة ضمن دول الاقليم، وكذلك على تقويم قدره 6.2/5 في دراسة أخرى لمؤسسة "هريتيج فاونديشن" العالمية حول الحرية الاقتصادية، متقدماً على كل من مصر وإسرائيل. ويشير ذلك بوضوح إلى أن الأردن مهيأ الآن لاستقبال الاستثمارات في كل قطاعاته الاقتصادية التي تمتلك فرصاً استثمارية هائلة. منذ أعوام قليلة أقرت الحكومة قانون تشجيع الاستثمار الذي اعطى الراغبين في الاستثمار من غير الأردنيين حوافز كبيرة. هل كان للقانون أثر في زيادة وتيرة الاستثمار في المملكة؟ - منح قانون تشجيع الاستثمار المستثمرين الأردنيين وغير الأردنيين حوافز جمركية وضريبية مشجعة، إذ تتمتع المشاريع الاستثمارية ضمن قطاعات الصناعة والزراعة والفنادق والمستشفيات والنقل البحري والسكك الحديد ومدن التسلية والترويح السياحي ومراكز المؤتمرات والمعارض باعفاءات جمركية كاملة في المنطقة التنموية لمدة عشر سنوات من تاريخ بدء التشغيل للمشروع. كما تضمن القانون ضمانات تتعلق بحرية اخراج رأس المال الأجنبي الذي ادخله المستثمر وما جناه من استثماره من عوائد وأرباح وحصيلة تصفية استثماره أو بيع مشروعه أو حصته أو أسهمه، كما أعطى العاملين الفنيين والإداريين في أي مشروع الحق في أن يحولوا رواتبهم وتعويضاتهم إلى خارج المملكة. ولم يجر نزع ملكية أي مشروع أو اخضاعه لأية اجراءات تؤدي إلى ذلك، ونص على أن نزاعات الاستثمار بين المستثمر والمؤسسات الحكومية الأردنية تسوى ودياً، وإذا لم تتم تسوية النزاع خلال مدة لا تزيد عن ستة أشهر فلأي من الطرفين اللجوء إلى القضاء أو إحالة النزاع على المركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار. وعليه بدا أثر قانون تشجيع الاستثمار واضحاً، إذ ارتفع حجم الاستثمار للمشاريع المستفيدة من القانون من نحو 528 مليون دينار في 1994-1995 إلى نحو 8.858 مليون دينار في 1997-1998، كما ارتفعت المساهمات الأجنبية في المشاريع المستفيدة من قانون تشجيع الاستثمار من 3.1 مليون دينار عام 1996 إلى نحو 9.154 مليون دينار عام 1998. لو قسمنا الاستثمارات غير الأردنية في المملكة إلى عربية وغير عربية، فما هو حجم الاستثمار النسبي لكل منهما؟ - بلغ حجم استثمار المشاريع المستفيدة من قانون تشجيع الاستثمار لعام 1998 نحو 6.479 مليون دينار، ووصلت نسبة المساهمات غير الأردنية في المشاريع إلى نحو 3.32 في المئة، وبلغت نسبة المساهمة العربية في هذه المشاريع نحو 9.12 في المئة، إذ وصل مجموعها إلى نحو 7.61 مليون دينار شكلت ما نسبته 8.39 في المئة من حجم المساهمات الأجنبية الكلية البالغة نحو 9.154 مليون دينار. يلاحظ أن الاستثمارات الأجنبية في الأردن تتركز في قطاعات معينة، هل تعتقد أن هذه ميزة أم هو عيب يجب تلافيه؟ - تبنى الأردن أسلوب التخطيط في سعيه لتحقيق التنمية من خلال إعداده خططاً اجتماعية واقتصادية تنسجم وطبيعة المرحلة وأولويات الحكومة، واهتم من خلالها بتحقيق تنمية شاملة ومستدامة تعمل على زيادة مستويات الانتاج والخدمة في القطاعات الاقتصادية. ولا شك ان المعطيات الاقتصادية والأولويات تتغير وفقاً لمقتضيات الحاجة والمنافسة، إذ ركز الأردن في مراحل التخطيط الأولى على تنمية الموارد البشرية وانجاز شبكة الطرق والكهرباء والاتصالات، ويعمل على تشجيع الاستثمار في مختلف القطاعات الاقتصادية ويعطي اهتماماً أكبر لتشجيع الاستثمار في قطاعات محدودة نص عليها قانون تشجيع الاستثمار بهدف زيادة أحجام الاستثمار، الأمر الذي يساعد على توزيع قواعده الانتاجية والخدمية، ما يؤدي إلى زيادة النمو الاقتصادي ونسب التشغيل والارتقاء بمستوى المنافسة الذي تتطلبه المرحلة والتي تقتضي تحديد القطاعات التي يمتلك فيها الأردن ميزة نسبية وتنافسية على المستوى الاقليمي والدولي، ما يساعد المستثمرين على اختيار الفرص الاستثمارية ذات الربحية التجارية. وكمرحلة أولى تم اختيار قطاعات التعدين والمستشفيات والمحيكات والبرمجيات والأدوية والسياحة ومنتجات البحر الميت، كقطاعات تمتلك ميزة نسبية وللأردن فيها ميزة تنافسية، وعليه فإن عمليات الترويج ستهتم بزيادة الزخم الاستثماري ضمن هذه القطاعات التي سيجد فيها المستثمر ما يداعب طموحه بالحصول على أرباح وتحقيق ميزة الدخول إلى الأسواق بسهولة وبأسعار منافسة وسيتم الانتقال إلى قطاعات أخرى تبعاً لتدفقات الاستثمار وتوجهاته وظروف السوقين المحلية والدولية. ويلاحظ ان المساهمات الأجنبية للمشاريع المستفيدة من قانون تشجيع الاستثمار في قطاع الفنادق احتلت المرتبة الأولى، إذ شكلت ما نسبته 9.56 في المئة من مجموع المساهمات الأجنبية، تلتها المساهمات الأجنبية في قطاع الصناعة. إذ شكلت ما نسبته 4.29 في المئة من حجم المساهمات الأجنبية، ويأتي ذلك منسجماً مع ما حققه قطاع السياحة من رواج في الأعوام الماضية على صعيد عدد السياح القادمين والدخل السياحي المتحقق في هذا القطاع ونسبة مساهمته في اجمالي الانتج المحلي. هناك من يتحدث عن تحول رؤوس أموال محلية للاستثمار في مصر وجبل علي في الإمارات، ما مدى صحة ذلك وإلى أي حد يؤثر ذلك في الاقتصاد الأردني؟ - من المعروف ان المستثمر الناجح يخطط ويعمل بهدف توسيع استثماره أو تنويع انتاجه أو خدماته، والشركات الكبيرة تسعى إلى ان يكون لها وجود في الأسواق الدولية. والدول العربية تعمل على تشجيع تدفق الاستثمارات العربية البينية من خلال وضع الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية حيّز التنفيذ، وقيام الدول العربية بانشاء المؤسسة العربية لضمان الاستثمار، وإقرار منطقة التجارة الحرة العربية. وتشير البيانات التي تصدرها المؤسسة العربية لضمان الاستثمار إلى ارتفاع الاستثمارات العربية البينية من متوسط سنوي مقداره 280 مليون دولار خلال الفترة 1985-1989 إلى نحو 1.2 بليون دولار عام 1996، وكل ذلك يؤكد ان تدفق الاستثمار بين الدول العربية هو أمر طبيعي، ولا يعني في أي حال من الأحوال ان البيئة الاستثمارية في الإمارات أو في مصر أفضل منها في الأردن، بل هي حركة رؤوس أموال تبحث عن أعلى نسبة من الربح الكامنة في الفرص الاستثمارية المتاحة، ولا يؤثر على الاقتصاديات العربية، بل يعززها عندما يتم استغلال الفرص الكامنة في كل قطر عربي، كما أن ذلك يشير إلى وعي المستثمرين العرب بأهمية الاستثمار داخل الوطن العربي. فتدفقات الاستثمارات العربية البينية ستؤديء إلى خلق فرص استثمارية جديدة وتزيد من فرص تدفقات الاستثمار الأجنبي باتجاه الدول العربية، إذ من الملاحظ أن تدفقات الاستثمار الأجنبي تكون على شكل هجرات في اتجاه اقاليم، ولذلك فإن التنافس المستقبلي الذي تأطر الآن يبدو قوياً بين التكتلات الاقتصادية، ويمكن أن تعزز الاستثمارات العربية البينية والمشاريع المشتركة ومنطقة التجارة الحرة العربية ظهور تكتل اقتصادي عربي منافس. عندما صدر قانون تشجيع الاستثمار بما يمنحه من حوافز للمستثمرين الأجانب تخوف كثيرون من امكان سيطرة رؤوس الأموال الأجنبية على الاقتصاد الأردني، ما مدى مشروعية ذلك التخوف في نظركم؟ - يتجه العالم في صورة متسارعة نحو العولمة بمفهومها الذي يسقط كل الحوافز السياسية والجغرافية والثقافية، ويغدو أمر الانفلات معها صعباً جداً، إذ أنه يمكن تخفيف آثارها السلبية علينا. إلا أنه لا يمكن النكوص عن التعامل مع معطياتها، فاستخدام أجهزة الاتصال المتقدمة كالانترنت والهاتف النقال وبطاقات الائتمان والبورصات المالية العالمية لا يمكن تجاهلها في إصرارها على أن تدخل هذا المفهوم إلى أشد البلدان انغلاقاً، وان فتح الأسواق وتحرير التجارة وانسياب الأموال وانتقال التكنولوجيا هي سمات أساسية تظهر في شكل جلي اليوم وتعتمد الاستفادة من المتغيرات الجديدة على عناصر أساسية أهمها الشفافية في المعلومات والكفاءة الإدارية والسياسات النقدية التي تعزز من در الرقابة على المصارف، وان التركيز بصورة واضحة على عمليات المتابعة والرقابة وتبادل المعلمات لن يعود بآثار سلبية على الاقتصاد، وهذا ما أثبتته تجارب كثير من الدول. ولا اعتقد ان التخوف من الاستثمار لا يزال موجوداً، بل على العكس أصبح موضوع الاستثمار الهم الرئيسي لكل الدول، وأصبح استقطاب الاستثمارات شغلها الشاغل، إذ تؤدي عمليات الاستثمار الأجنبي إلى رفع كفاءة الشركات القائمة وزيادة المنافسة، ما يؤدي إلى رفع سوية المنتجات المحلية كما سيفضي ذلك إلى فتح أسواق جديدة وإلى ارتفاع نسب التوظيف واستغلال الطاقات المعطلة وسيزيد من فرص استفادة المستثمر المحلي من خبرات المستثمرين الأجانب في الإدارة والتسويق والتشغيل وغيرها. إن السيطرة بمفهومها المطلق لن يكتب لها النجاح في ظل قوانين حماية الانتاج الوطني وقوانين المنافسة ومنع الاحتكار، وان مسوغات التخوف تبدو غير متماسكة في ظل حرص الحكومة الأردنية على التعامل مع مفاهيم فتح القطاعات الاقتصادية أمام الاستثمار الأجنبي بحكمة تأخذ في الاعتبار مصالح المستهلك والمستثمر المحلي والاقتصادي الوطني. ويبدو ذلك واضحاً في قطاع التعدين وقطاع المقاولات الانشائية والتجارة والخدمات التجارية والتي لا يسمح بها للمستثمر الأجنبي بتملك أكثر من 50 في المئة. طالب البعض باضافة قطاع المصارف الى القطاعات الأربعة التي اغلق باب الاستثمار فيها امام رأس المال الاجنبي. ما رأيكم في ذلك؟ - يواجه الجهاز المصرفي الأردني عدداً من التحديات في ظل عولمة الاقتصاد والانفتاح الاقتصادي وتعزيز الاستثمار اهمها التحديات الهيكلية والتقنية وتحديات السياسات المنافسة، وحتى يتم الارتقاء بعمل هذا الجهاز الحيوي لا بد من العمل على تخفيف حدة هذه التحديات عبر تعزيز رؤوس الأموال والاحتياطات وتفعيل دور الرقابة المصرفية وتشجيع الاندماجات بين المصارف للاستفادة من وفورات الحجم الكبير. ولا بد من قيام الوحدات المصرفية بتحسين مستوى خدماتها عبر استقدامها للتقنيات الجديدة التي تستطيع المساعدة على اجتذاب الاستثمارات التي من المتوقع ان تشهد زخماً خلال السنوات المقبلة اضافة الى مساعدتها على تعبئة المدخرات الوطنية لاقامة المشاريع الاستثمارية. ان اغلاق الجهاز المصرفي امام الاستثمار الاجنبي بصورة كاملة ستكون له آثار سلبية على حركة الاستثمار في الأسواق المالية وسيحرم القطاعات الاقتصادية من رأس المال الاجنبي الضروري لعمليات التمويل والتوسع. الا اننا لا نغفل الجوانب السلبية التي قد تنشأ في هذه المرحلة اذا ما اردنا فتح القطاع المصرفي بالكامل امام الاستثمار الاجنبي خصوصاً على الأموال الكبيرة التي تتحرك بين القطاعات الاقتصادية والتي قد تخرج بصورة سريعة من سوق رأس المال ما يؤثر في وضع الاقتصاد كما حصل في تجربة النمور الآسيوية. لذلك فان الاستثمار الاجنبي في قطاع المصارف مفتوح ولكن بنسبة 50 في المئة كحد اعلى. كيف تقيمون تجربة المناطق الحرة في المملكة حتى الآن؟ - انشئت المناطق الحرة في المملكة بهدف تحفيز عمليات التصدير للصناعات وتشجيع تجارة الترانزيت، وهناك مجموعة من المناطق الحرة الحكومية في العقبة والزرقاء ومطار الملكة علياء الدولي وسحاب، اضافة الى مناطق حرة مملوكة للقطاع الخاص. وتتمتع المشاريع المقامة في هذه المناطق بحزمة من التسهيلات والاعفاءات منها: اعفاء ارباح المشروع من ضريبتي الدخل والخدمات الاجتماعية لمدة 12 سنة من تاريخ بدء الانتاج، واعفاء رواتب الموظفين غير الاردنيين من ضريبتي الدخل والخدمات الاجتماعية، واعفاء البضائع المستوردة او المصدرة للمنطقة الحرة من جميع الرسوم والضرائب، واعفاء الابنية والانشاءات العقارية من رسوم الترخيص من ضريبتي الابنية والأراضي، والسماح بتحويل رأس المال المستثمر والأرباح الى خارج المملكة، واعفاء المنتجات للاستهلاك المحلي من الرسوم الجمركية في حدود قيمة الموارد والتكاليف والنفقات الداخلية في صنعها. ويلاحظ ان الاعفاءات الممنوحة للاستثمارات داخل هذه المناطق شاملة ومنافسة. ومن المعروف ان كفاءة المناطق الحرة تتحدد بوجود البنى التحتية المؤهلة كالموانئ البحرية والمطارات وتوافر المرافق المتعلقة بعمليات التخزين ومساعدة المستثمرين في الحصول على الرخص والاذونات من الجهات ذات العلاقة. وخطت المناطق الحرة في المملكة خطوات واسعة في هذا السياق، الا ان عناصر انجاح التجربة يكون مكتملاً ومتنافساً على المستوى الاقليمي والدولي عند الانتهاء من تحويل العقبة الى منطقة حرة والتي تم الانتهاء من الدراسات الخاصة بتحويلها. ومن المعروف ان ميزات العقبة كموقع مؤهل لحركة تجارة الترانزيت وملاءمتها كموقع لعمليات التخزين، وتوافر ميناء بمرافق وتسهيلات مناولة ممتازة ومطار وبنى اساسية مساندة اخرى كالطرق والكهرباء والمياه اضافة الى ما تتمتع به العقبة من بعد سياحي كلها عناصر تتضافر لانجاح هذا المشروع الذي ستكون له آثار اقتصادية مهمة على المملكة. هناك من يضخم حجم الاستثمارات الاسرائيلية في المملكة وهناك من يقلل من شأنها. أين هي الحقيقة في شأن الاستثمارات الاسرائيلية في الأردن؟ - انبثقت من اتفاق السلام الموقع مع اسرائيل في 1994 مجموعة من الاتفاقات ومذكرات التفاهم حول معظم الشؤون الاقتصادية بغية تبادل الخبرات وتعظيم مكاسب السلام في مجالات النقل والاتصالات والزراعة والصحة والطاقة وغيرها. وشكلت اللجان لمتابعة تنفيذ الاتفاقات، إلا أنه يلاحظ أن هناك تباطؤاً في تنفيذ البنود المتفق عليها، كما اهتمت الدول الكبرى على أثر توقيع الاتفاق بتدعيم أركان السلام من خلال عقدها سلسلة من مؤتمرات القمة الاقتصادية للشرق الأوسط وشمال افريقيا واعلانها عن قيام بنك لتنمية الشرق الأوسط أسفرت عن بعض النتائج، الا انها لم تكن في المستوى المتوقع اطلاقاً ولم يتسن تنفيذ المشاريع الكبرى المتعلقة بايجاد قاعدة تخدم زيادة زخم التعاون الاقتصادي والتي اطلق عليها مشاريع السلام والتي تتعلق بمشاريع النقل بالسكك الحديد ومشروع ربط البحر الميت بالبحر الأحمر ومشاريع الربط الكهربائي وتأهيل منطقة وادي الأردن ووادي عربة وغيرها وذلك بسبب تعثر العملية السلمية التي اثرت في المقابل على تدفق الاستثمارات الخاصة بين البلدين اذ تشير احصاءات المشاريع المستفيدة من قانون تشجيع الاستثمار للأعوام 1996 - 1999 الى أن مجموع المساهمات الاسرائيلية في حجم الاستثمار الكلي للمشاريع المستفيدة من قانون تشجيع الاستثمار بلغ حوالى 14.6 مليون دينار فقط وهي لا تشكل سوى 1.2 في المئة من مجموع الاستثمارات الكلي للأعوام 1996 - 1998 البالغة حوالى 1.207 بليون دينار. كيف تنظرون الى مستقبل الاستثمار في المملكة؟ - ارسى الأردن قواعد استقراره السياسي بتمتين العمل المؤسسي والشفافية الواضحة كما استطاع ان يكمل بنيته التحتية المتقدمة من نقل ومواصلات واتصالات وموانئ ومطارات وتأسيس مناطق صناعية وطاقة ومياه وصرف صحي وتخزين وغيرها، وحافظ على استقرار أوضاعه الاقتصادية في ظروف انتقالية معروفة إذ عزز من مكانة الدينار من خلال تدعيم الاحتياطات الأجنبية التي وصلت الآن الى أكثر من 2300 مليون دولار. وشهدت التشريعات الوطنية الناظمة للاستثمار تطورات كبيرة من خلال اجراء التعديلات عليها أو اصدار قوانين جديدة أدت الى منح المزيد من الاعفاءات والامتيازات وتعزيز دور القطاع الخاص وتبسيط الاجراءات، وعليه فإن عناصر بيئة الاستثمار السياسية والاقتصادية والقانونية اكتملت وأصبحت جاهزة لتلبية رغبات المستثمرين. وتشير الدلائل المستوحاة من واقع البيانات التي تصدرها مؤسسة تشجيع الاستثمار الى زيادة الزخم الاستثماري، اذ ارتفع حجم الاستثمار للمشاريع المستفيدة من قانون تشجيع الاستثمار من 348 مليون دينار عام 1996 الى حوالى 379.2 مليون دينار عام 1997 و479.6 مليون دينار عام 1998 لكنها تبقى أقل كثيراً مما نطمح إليه، وما يمكن أن تكون عليه. ونتوقع ارتفاعات مستمرة لاحجام الاستثمار خصوصاً وأن موضوع الاستثمار قد أصبح الآن الموضوع الأول للدولة وهناك دعم مباشر من الملك عبدالله بن الحسين وتوجيهات ملكية للحكومة الأردنية بالعمل على الارتقاء بمجمل العملية الاستثمارية وتنسيق جهود القطاعين العام والخاص في سبيل رفع وتيرة النشاط الاستثماري في المملكة، ونحن على يقين بأن هذه العملية ستفضي الى مزيد من الاستثمارات.