الكاتبُ المنتظر هو الكاتب الذي خرَج ولَمْ يَعُد، أو لعلَّه عَادَ .. ولم يخْرُج. هو الكاتب الذي اختفى: لا نعرف كيف؟ ولا نعرف أين؟ ولا نعرف لماذا؟ الناس والآثار مستمرون في تناقل أخبار خروجه، أو حدوثه. ويتحدث الناس عن ظُروف ذلك الخُروج، ويخوضون في الأسباب، ويقطعون أوقاتهم في التكهنات. ويقول بعض الناس عنه أنه كاتب آخر الزمان، الذي إذا جاء موعِدُه: قام وانتصب، ليُعيد عَصْرَ الكتابة، ويبعثه. ويُعيد قبله زمان القراءة وينشرُه. ويذهب بعض الوالهين إلى أبعد من ذلك فيقولون: إنه سيجعل دُنيا الحُروف... قراءَةً، وعِلْماً، وعَدْلاً، بَعْدَ أن أصْبَحت، أو كادت تصْبح: أُمِّية، وجهْلاً، وظُلْماً. وأنه سيجعل دُنيا القارئين، مُتعَةً ونوراً، وبهجة، بعد أن أصبحت: مَللاً، وظُلمةً، وغمَّاً. وأنه سيُنشئ عموداً شاهقاً من نور، لا تنقطع عنه الكهرباء، ولا يُحصي عليه عدَّادُ أوقاته أو أنفاسَه، فيقرأ القارئون على أرصفة الشوارع.. سائرين، وعلى مقاعد المقاهي جالسين، وحتى .. على أسطحة المنازل مُتسَلْطِحين. وأنه سيُبَشِّر في العِبارة بعهد الدَّهشة والإثارة. وأنَّه: سيعيد إلى الكتابة عدْلها، وميزانها ويخلعُ عليها وقَارَها، وصدقها وينفخ فيها روحها، وريحانها ويقولون، ويقولون، ويقولون. وبعض القول شيء من تخيُّلنا. وبعض القول شيء قد اخترعناه. وبعْضُه أساطير الأوَّلين، أو إشاعات قوم آخرين. وبعضه: زُخرف قول وتنْميق كلام، ولكن الذي لا خِلاف عليه أنّه دليل اهتمام، وأن الكاتب الكبير قد غاب حقَّا: لا نعرف متى؟ ولا نعرف لماذا؟ ولا نعرف كيف؟ وهذا مبعث غمِّ وهَمْ. فاللهم اكشف الغم، وفرِّج الهم وارزقنا بكاتب كبير. بلْ اجعلْهم اللهم كُتَّاباً كباراً كثيرين، عائدين بعد خروج، أو خارجين بعد عوْدة. واجعلهم اللهم... إن ظهَروا: طيبين .. مُنصفين مباركين .. صادقين يُكْمل بهم الزمان دوْرَته ويستعيد بهم فتوَّته ويحضرون له معهم من سحَّاراتهم فرْحَتَه... وبهجَتَه! اللهمّ آمين