سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ارتياح في عالم المال والاعمال الى سيطرة تيار الوسط على "الديموقراطي الاجتماعي" الحاكم في المانيا . استقالة لافونتين تحرر شرودر من "الاعباء الاجتماعية" وتقربه الى نهج بلير
ظلت الأوساط السياسية والشعبية في ألمانيا امس الجمعة تعاني من الصدمة التي أحدثتها استقالة أوسكار لافونتين من مناصبه كوزير للمال ورئيس للحزب الديموقراطي الاجتماعي وكعضو في البرلمان الفيديرالي. فالاستقالة التي فاجأت الجميع تعني خروج لافونتين، الشخصية الثانية في التحالف الحاكم بالاشتراك مع الخضر، من الحياة السياسية الألمانية، علما ان وزارة المال تعتبر "أخطبوط" الوزارات لدورها في تحديد حجم الضرائب وأسعار الفائدة . ويعتبر لافونتين الرجل الذي تمكن خلال السنوات الماضية من توحيد الحزب الديمقراطي الاجتماعي قبل أن يقوده إلى النصر في انتخابات أيلول سبتمبر الماضي. وباستقالته يكون آخر زعماء تيار اليسار في الحزب رحل، لتبدأ حقبة جديدة بزعامة تيار الوسط الجديد الذي يمثله المستشار الحالي غيرهارد شرودر. وعلى الرغم من كثرة الإشاعات حول أسباب الاستقالة فإن الخلاف بين لافونتين وشرودر كان السبب الرئيسي لها. ذلك ان لافونتين أراد التمسك بالتوجه الاجتماعي للدولة من خلال استمرار أدائها الدور الفعال في الاقتصاد ولو تم ذلك على حساب مصالح الشركات والمصارف. وفي المقابل اراد شرودور الذي يتخذ من توني بلير وبيل كلنتون نموذجاً، أن يتبع سياسة تقوم على تحرير الدولة من أعبائها الاجتماعية إلى حد يمكنه من الاستمرار في الحصول على دعم النقابات العمالية نسبيا وضمان تأييد عالم المال والأعمال في الوقت نفسه. وبرز ذلك بشكل واضح اخيرا من خلال مشروع الإصلاح الضريبي الذي أراد لافونتين تنفيذه. وكان من بين أهم أهدافه تخفيف الأعباء عن أصحاب الدخل المحدود على حساب الشركات والمصارف. وجاءت ردود الفعل الاولى على الاستقالة من شرودر. فقبيل الإعلان عنها بوقت قصير مساء اول من امس، ظهر المستشار أمام ممثلي وسائل الإعلام ليعلن عن اسفه لقرار لافونتين. وأضاف أن ذلك لن يؤثر على استقرار الحكومة وأدائها. واعتبر العديد من قادة الحزب الديموقراطي الاجتماعي وفي مقدمهم فالتر مومبر عمدة برلين السابق أن القرار يشكل ضربة قوية للحزب. ورأت رئيسة كتلة الخضر في البرلمان كيرستن مولر ان الاستقالة لن تؤثر على التحالف. وبالنسبة للحزب الديموقراطي الاشتراكي PDS الشيوعي سابقاً فإن الاستقالة تعبير عن انتصار المصارف والبورصة على العدالة الاجتماعية التي كان لافونتين من المنادين بها. أما أحزاب المعارضة فرأت في ذلك انعكاساً لفشل سياسة شرودر. وقال وولفغانغ شويبلِ رئيس الحزب الديموقراطي المسيحي CDU أن ذلك يعبر عن ضعف الأساس الذي يقوم عليه التحالف الحاكم الذي الحق أضراراً بالبلاد. واعتبر رئيس مجموعة الاتحاد الديموقراطي المسيحي CSU ميكائيل كلاوس أن التحالف وصل إلى النهاية. واستقبل عالم الاقتصاد والأعمال الخبر بالانفراج والفرح راجع ص 9. فبعد دقائق من انتشاره ارتفع سعر صرف اليورو ومؤشر الأسهم الألمانية داكس . وعبر العديد من ممثلي البورصة ورجال الأعمال عن ارتياحهم. وأمل رئيس الاتحاد الألماني للصناعة BDI هانز أولاف هينكل بأن يتم تقوية الجناح المقرب من الاقتصاد. وعلى الرغم من أن واشنطن لم تعلق على الحدث فإن الأوساط المطلعة ترى أنها مرتاحة بدورها، خاصة وأن خطط لافونتين بشأن وضع آلية لمراقبة وضبط تذبذب أسعار العملات الرئيسية أي الدولار واليورو والين تجاه بعضها البعض، لاقت معارضة شديدة من قبل الأوساط السياسية والاقتصادية الأمريكية. ومما لاشك فيه أن استقالة لافونتين ستترك آثاراً قوية على الحزب الديموقراطي الاجتماعي الذي تولى شرودر شخصيا زعامته. ووافقت كتلة الحزب في البرلمان على تكليف هانس آيخلر بمنصب وزير المال ومن المعروف أن الأخير من أشد المؤيدين لخط شرودر واسلوبه في الحكم.