انتقد مستشار اجتماعي ومسؤول سابق في وزارة الشؤون الاجتماعية غياب السياسات الواضحة لدى الوزارة في التعامل مع الأيتام خلال مراحل التنشئة، وما يخلقه ذلك من مشكلات تواجهها في تربية الأيتام، وتؤثر عليهم سلباً في المستقبل. وأكد مدير الشؤون الاجتماعية في منطقة مكةالمكرمة سابقاً إحسان طيب ل«الحياة» أن الوزارة تعاني ضبابية في السياسات ونقصاً في الكوادر المؤهلة تأهيلاً جيداً في التعامل مع هذه الفئة، إضافة إلى تسرب الفئات المؤهلة والكفاءات المدربة، إلى جانب عدم ملاءمة بعض المباني والمنشآت لتربية الأيتام وحاجاتهم. وشكا طيب من الحيرة التي يواجهها الأيتام عند التخطيط لمستقبلهم، جراء عدم توافر مرشدين أكاديميين يأخذون بأيديهم ويرشدونهم إلى المكان المناسب لمؤهلاتهم وقدراتهم، أو التخصص المناسب بعد حصولهم على شهادة الثانوية. وقال إن بعضهم يسافر مع البعثات الدراسية الخارجية لمجرد الرغبة في السفر فقط، من دون معرفة رغباته الذاتية وإمكاناته الأساسية. وحث الوزارة على الاضطلاع بدورها الواجب في تحسين البيئة المحيطة بالطفل اليتيم، وفق برامج محددة من اختصاصيين مؤهلين. وقال: «أعتقد أن الوزارة مازالت تعاني نقصاً في المهنيين المؤهلين، وهذا يؤكده عدم وجود منهجية واضحة في رعاية الأيتام، حتى إن بعضهم يظل معتمداً على الوزارة بعدما يتخرج». وطالب بإيجاد بيئة ملائمة لتربية الأيتام، على أن تكون واضحة ومبنية على هدف يتم الوصول إليه مستقبلاً، إضافة إلى تأهيل القوى البشرية المتعاملة مع الأيتام من حيث المهنية وثقافة التعامل مع كل مرحلة عمرية، وتوفير الإمكانات المناسبة التي تتفق مع سياسات حضانة الأيتام، كتوفير المساكن المناسبة والورش والملاعب، وبذل الجهود اللازمة لدمجهم في المجتمع. ويرى الاختصاصي النفسي الدكتور جمال الطويرقي أن شخصية اليتيم تعتمد بشكل كبير على اندماجه في البيئة والأجواء المحيطة به، إذ هي التي تؤثر مباشرة في سلوكياته وأخلاقه ونموه وشخصيته. وقال: "كثير من الأيتام نجحوا، ولو وضعوا في المكان غير المناسب سواء من الناحية المادية أو المعنوية لتأثروا سلباً وانعكس ذلك على أدائهم». وأكد أن حرمان الأيتام من الرعاية المناسبة ستخرج منهم شخصيات حاقدة على المجتمع وإجرامية وعدوانية ومنحرفة، أو على الأقل سيكون عنصراً خاملاً غير فعال. من جهته استعرض رئيس جمعية البر بجدة مازن بترجي جهود الجمعية تجاه الأيتام الذين تحتضنهم، مؤكداً أنها أعطت الأطفال فاقدي حنان الأبوين ذوي الظروف الخاصة جل اهتمامها، وتتعامل معهم على أنهم أمانة يجب المحافظة عليها ودرء أي خطر قد يحيط بها. وقال: «لهذا فإن إيواء الأطفال أحد الأنشطة الرئيسة التي تضطلع بها الجمعية، إذ تؤوي 315 يتيماً ويتيمة في ثلاث دور إيوائية تابعة لها، هي: الزهراء والفتيان ومركز الشباب، كما أنها تضع حالياً اللمسات الأخيرة للدار الإيوائية الرابعة»، مشيراً إلى أن الجمعية نجحت نجاحاً عظيماً في هذا المجال، وكانت ثمرة هذا النجاح أن خرجت من هذه الدور أبناء متميزين حققوا جوائز علمية ورياضية واجتماعية، علاوة على أبناء الجمعية المبتعثين للدراسة في خارج المملكة. وتتكون الدار الواحدة، بحسب بترجي، من أربع أسر هي: أسرة الأشبال، أسرة الفتيان، أسرة شباب1، أسرة شباب2، ويوجد لكل أسرة ثلاثة مشرفين، إضافة إلى مختص اجتماعي. ويتولى المشرفون دور الموجه والمربي، ويعتبرون همزة الوصل بين الأبناء والإدارة، ولذلك تسعى إدارة الدار، كما يؤكد بترجي، إلى اختيار المشرفين المؤهلين. وأضاف: «لدى هذه الدار برنامج خاص بالأبناء الذين وصلت أعمارهم سن 22 أو يدرسون في الكليات والجامعات، إذ يجري تسكينهم في شقق الدار إلى سن 25 سنة، ثم تستأجر لهم شققاً خاصة تتسع لما بين أربعة وستة أفراد لمدة ثلاث سنوات، شاملة التأثيث الكامل، وراتباً شهرياً لكل منهم يتراوح بين 2150- 2800 ريال لكل فرد». ولفت إلى استمرار الإشراف عليهم ومتابعة شؤونهم التعليمية وتأهيلهم وتدريبهم حتى يخرجوا إلى المجتمع وهم مستعدون للحياة الجديدة. يذكر أن عدد الشقق التي استأجرتها الجمعية بلغ 18 شقة يسكن فيها أكثر من 94 ابناً، وهي منتشرة في أحياء عدة تمتاز بالهدوء والجو الصحي.