الانسان ابن مجتمعه، يعيش فيه، ويتفيأ ظلاله، ويتكيف مع احواله. وللمجتمع تأثير كبير على الناس عامة، وعلى الشباب خاصة، لأن الانسان اجتماعي بطبعه، يتأثر بالخير والفضيلة، وبالفساد والرذيلة. ويظهر تأثير المجتمع على الشباب في صور متعددة أهمها: التقليد الأعمى، وهو انتقال السلوك من شخص لآخر، لوجود استعداد فطري لدى الانسان في محاكاة غيره وتقليده في حركته وأفعاله، مما ينم عن ضعف حقيقي للانسان. وقد يكون التقليد لسلوك صحيح، وتعرف خير، وقد يكون عكس ذلك فيسبب الانحراف. ومن اهم مظاهر التقليد المرضية، ارتداء بعض الشباب السلاسل الذهبية والفضية وغيرها. بعض الشباب يعتبرها نوعاً من الأناقة، والحرية الشخصية، والبعض الآخر يرى فيها خروجاً عن القيم الدينية والعادات والتقاليد. يقول أحمد جعيدي 21 عاماً: "من حقنا ان نفعل ما نريد، وارتداء السلاسل متاح للجميع، وهي تفضي عليّ شخصياً نوعاً من الأناقة وتلفت النظر الي". اما وليد الشنتير 23 عاماً فيقول: "انا من هواة جمع السلاسل، ولا أرى فيها عيباً، وإذا كانت تُشعرنا بالسعادة، وتحقق لنا رغباتنا في الظهور بمظهر لائق.. فما الضرر من ارتدائها؟!". الطالبة الجامعية رولى تفاحة 19 عاماً تعتقد ان الشباب الذي يهتدي مثل هذه الاشياء يبتعد شيئاً فشيئاً عن مظاهر الرجولة وما تتطلبه من حزم وثبات. وتضيف: "لو تقدم لي شاب ممتاز ولكنه يرتدي سلسلة وأراد خطبتي او الزواج مني فلن اوافق عليه قط". اما خالد راشد 21 عاماً فيقول: "اعتقد ان معظم من يرتدون السلاسل هم أبعد ما يكونون عن الدين والأخلاق ولذلك اخشى التعامل معهم ولا أثق بهم". لكن يوسف دراغمة 25 عاماً يبرر ارتداءه السلسلة بقوله: "انني ارتدي سلسلة بها آية الكرسي لكي تحفظني وتبعد عني السوء!". الدكتور حامد ابو علبة طبيب صحة نفسية يوضح رأي علم النفس والدين في هذه الظاهرة فيقول: "لكل من الشاب والفتاة دور اجتماعي يختلف حسب طبيعة كل منهما. وهذا الدور له معايير سلوكية تحدده، فمنه الحلال ومنه الحرام، منه الخطأ ومنه الصواب. والدين يحرم ارتداء الرجال الذهب. أما اذا استبدل الشاب الذهب بنوع آخر من ادوات الزينة فانه بذلك يشتبه بالنساء، ويكون ملعوناً كما ذُكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم". وينبه د. ابو علبة الى ان بعض من يطلقون عليهم النجوم او المشاهير ينقلون هذه السلوكيات عن الغرب، ويحاول شبابنا التشبه بهم، ويرون فيهم القدوة في القول واللباس. وهذه القدوة هي التي تهدم قيم مجتمعنا وتعاليم ديننا الحنيف. ويضيف قائلاً: "اني لأعجب ان يرتدي شاب سلسلة بها آية الكرسي لكي تحفظه، اذ لو كانت كذلك لشرعها الله سبحانه وتعالى. اما الخرافات التي يدّعيها البعض من ان هذه الاشياء تجلب الحظ فهي مخالفة للحقيقة والمنطق، ولا شك انها جميعاً اساليب يحاول الشباب من خلالها تبرير اخطائهم". ويختم د. ابو علبة حديثه بالقول: "من الضروري ان يتخلص الشباب من هذه العادات، باتباع نصائح آبائهم واختيارهم للقدوة الحسنة التي تلتزم بتعاليم الدين، وبالعرف الذي درج عليه المجتمع بعيداً عن مثل هذه المظاهر الفارغة!". قلقيلية - الضفة الغربية - فلسطين