توفي أمس الكاتب المصري لطفي الخولي عن عمر يناهز السبعين عاماً، إثر إصابته بالتهاب رئوي حاد. وسيشيع اليوم من مسجد عمر مكرم في القاهرة. وفي برقية عزاء إلى أسرة الكاتب عبر الرئيس حسني مبارك عن أسفه لوفاة "الكاتب الكبير الذي كان فارساً من فرسان الكلمة الحرة". لطفي الخولي من أبرز المثقفين المصريين إثارة للجدل في حياته السياسية التي تميزت بالتقلبات الحادة والمبادرات المستمرة. ومن أحدث محطاتها تأسيسه "التحالف الدولي من اجل السلام" اعلان كوبنهاغن. ساهم في الاتصالات المصرية مع قادة الثورة الجزائرية نهاية الخمسينات، وفي كتابة سيناريو فيلم "جميلة بوحيرد" عن احدى بطلات تلك الثورة. واتسعت شعبيته عبر رئاسته تحرير مجلة "الطليعة" الشهرية عن مؤسسة "الاهرام" وأغلقها الرئيس الراحل انور السادات إثر مقال للخولي حول اسباب الانتفاضة الشعبية المصرية عام 1977. وقاد الكاتب الراحل حملة معارضة اتفاقات كامب ديفيد، ثم تولى منصب الامين العام ل "لجنة مقاطعة التطبيع"، وأسس "اللجنة المصرية لمناصرة الشعب اللبناني والفلسطيني"، إبان الاجتياح الاسرائيلي للبنان في العام 1982، وكان أحد المقربين من الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. وجاءت خطوته بإصدار "اعلان كوبنهاغن" بمثابة نقلة اعتبرها خصومه "تعميداً لحركة تطبيع شعبي مع اسرائيل". وتوَّج تحركه في هذا السياق بإصدار اول إعلان سياسي من نوعه حمل تواقيع جماعتي السلام في مصر واسرائيل مطلع العام الماضي، والذي صاغ اول وثيقة شعبية في المنطقة تحدد قواعد السلام الشامل، نصّت على اعتراف اسرائيلي بحق الفلسطينيين في اقامة دولتهم وعاصمتها القدس. واستقبل الرئيس حسني مبارك الوفدين، مما مثل دعماً سياسياً رسمياً لهذا الاتجاه. ولد عام 1929 وحصل على دبلوم الحقوق عام 1949 ومارس المحاماة حتى العام 1963 ثم التحق بصحيفة "الاهرام" عام 1963 ورأس تحرير مجلة "الطليعة" من 6519 الى 1977. وكان مقرراً للشؤون الخارجية في "الاتحاد الاشتراكي" التنظيم الحاكم سابقاً من 1971 الى 1973. وشارك في تأسيس حزب "التجمع" اليساري، وشغل منصب الأمين العام للجنة الوطنية لدعم الانتفاضة الفلسطينية، ورأس اتحاد كتاب آسيا وافريقيا، وحصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب العام 1992. كما كان عضواً في وفد مصر في مؤتمر مدريد للسلام العام 1991. وللطفي الخولي عدد من المؤلفات القصصية والمسرحية والسياسية، منها "قهوة الملوك" و"الارانب" و"حوار بين برتراند راسيل وجان بول سارتر" و"يونيو الحقيقة والمستقبل". رئيس "جمعية القاهرة للسلام" السفير السابق صلاح بسيوني ادلى بشهادة الى "الحياة" ضمّنها هذا النعي والتقويم لشخصية الراحل: "عندما يرحل لطفي الخولي فجأة عن الحياة السياسية في مصر والعالم العربي، فإن الخسارة والصدمة أكبر من أن تسطرها كلمات تحاول أن تلم شتات التفكير ازاء اختفاء هذا الرمز السياسي والثقافي العظيم. ولعل اهم ما يقال الآن ازاء هذا المناضل من أجل الحرية السياسية والسلام العادل والشامل انه لم يكن من اصحاب الجمود السياسي والفكري، وكانت واقعيته ثم شجاعته في مواجهة الواقع من المعارك التي اثار من خلاله الفكر السياسي المصري والعربي في معالجته لقضية السلام. فهو الرجل الذي وقف معارضاً لكمب ديفيد ومعاهدة السلام مع اسرائيل، لكنه عدّل من موقفه مثلما عدّل من قبل موقفه من التجربة الماركسية - اللينينية وفشلها في الاتحاد السوفياتي، واتجه بقوة، وبالتنسيق مع منظمة التحرير الفلسطينية، الى تأييد اتفاق اوسلو وإلى تنبيه اهل السياسة الى ان اسرائيل اليوم ليست اسرائيل 1948، وان فيها من الخلافات والصراعات ما يتنافى معه القول إنها دولة الرأي الواحد. ومن هنا تحرك مع قوى السلام ليدعمها في مواجهة اليمين المتطرف. وفي آخر خطاب له امام مؤتمر "مركز بيريز للسلام" الشهر الماضي اعلن ان نتانياهو يضع اسرائيل فوق قنابل موقوتة ستنفجر اذا لم يتم تعديل هذه السياسة. وكان في سبيله الى تنظيم مؤتمر دولي بعد حوالى شهرين لدعم سياسة السلام خلال المعركة الانتخابية الجارية في اسرائيل... رحل عنا المناضل العربي بكل افكاره والتي سبق بها الزمن. وحتى آخر لحظة من حياته التي انطفأت فجأة كان يتحدث عن الاتصالات والحوارات التي يجب تكثيفها في هذه الفترة مع القوى السياسية المختلفة في اسرائيل املاً بحكومة جديدة قادرة على مواصلة السلام. ونحن في حركة السلام المصرية سنواصل المسيرة دون كلل وفاءً لرسالة هذا الرجل الذي وضع بصماته على مر السنين على مسيرة العمل العربي".