أدى توقف الإشتباك السياسي بين مؤيدي رئيس الجمهورية العماد إميل لحود ورئيس الحزب التقدمي الإشتراكي النائب وليد جنبلاط إلى انحسار التراشق الإعلامي إفساحاً في المجال أمام معاودة الحوار بعيداً من تبادل الضغوط السياسية. وفي معلومات "الحياة" أن دمشق أدّت من خلال رئيس جهاز الأمن والإستطلاع في القوات السورية العاملة في لبنان اللواء الركن غازي كنعان، دوراً إيجابياً في وقف الإشتباك السياسي وبرز ذلك في اجتماعه أول من أمس مع رئيس "الحزب التقدمي" الذي كان له موقف هادئ عبّر عنه في مؤتمر صحافي في قصر المختارة، وصفه المراقبون بأنه سيشكل من الآن وصاعداً الإطار العام لتعاطيه مع رئيس الجمهورية من موقعه المعترض" علماً أن دمشق لامته وأبدت إنزعاجها من طريقته في طرح مواقفه. وأكدت مصادر سياسية ان اجتماع جنبلاط وكنعان تزامن مع إتصالات لبنانية - سورية، ظلت بعيدة من الأضواء، أفضت إلى ضرورة استئناف الحوار بين الرئيس لحود ورئيس "التقدمي" بواسطة المدير العام للأمن العام اللواء الركن جميل السيد الذي كان التقاه مرة واحدة، اكثر من ثلاث ساعات، أعقبها لقاءات مع مسؤولين إشتراكيين. وكشفت المصادر أن عضو قيادة الحزب غازي العريضي اجتمع حتى الآن ثلاث مرات مع السيد، بناء على رغبة جنبلاط، مشيرة الى احتمال معاودة الإجتماعات بينهما في القريب العاجل. وأشارت الى ان الحوار بين السيد والعريضي يأتي في سياق الإتفاق الذي توصل اليه الأول مع جنبلاط الذي يتجه الى منح العهد والحكومة فرصة لإيجاد الحلول للأخطاء وللثغرات التي تحدث عنها رئيس الحكومة الدكتور سليم الحص في البيان الموقف الذي أصدره قبل نحو عشرة أيام. وأكدت ان الحوار يتجاوز مشروع قانون الإنتخاب الذي أعدّه الحزب التقدمي وسلّمه إليه، إلى الموقف من كل القضايا المطروحة على الساحة اللبنانية وهي ليست كناية عن مخاوف وهواجس شخصية، يحاول البعض ان يختصرها في القانون. وشددت على الدور الذي أدّاه كنعان في تبديد الأجواء التي تسمح بمتابعة الحوار، بعيداً من تبادل الضغوط او الإتهامات، تاركاً للمسؤولين في الدولة، ولجنبلاط إعداد جدول أعمال بكل القضايا والمواضيع التي اثارها الأخير، منذ وصول لحود الى رئاسة الجمهورية. ولفتت ايضاً الى ان اخراج العلاقة بين لحود وجنبلاط من دائرة العنف السياسي، سيؤدي الى تحصين الاستقرار على نحو يؤمّن المناخ المطلوب لاستمرار الحوار، مشيرة الى ان الموقف الأخير لرئيس "التقدمي" ساعد، ولو بالواسطة، على ان يتقدم كل منهما خطوة في اتجاه الآخر. وأكدت المصادر ان العاصفة السياسية والإعلامية التي شهدتها البلاد نهاية الأسبوع الماضي دارت بين جنبلاط ونواب ووزراء وسياسيين مؤيدين للعهد انبروا للدفاع عنه رداً على ما ورد في مقابلة صحافية له، لم تكن لتتراجع في سرعة إلا بعد بلوغها الحد الأقصى من المواقف التي اقتربت من اختراق الخطوط الحمر. وأوضحت ان الهدنة السياسية والإعلامية التي أبرمت، عبر دمشق، بين لحود والحكومة من جهة، وجنبلاط من جهة ثانية، لا تعني بالضرورة ان هناك رغبة في محاصرة المعارضين والمعترضين، بمقدار ما ان هناك رغبة مشتركة في إعطاء فرصة للحكم الذي بادر بالإعتراف بعدد من الأخطاء التي لا بد من تصحيحها وهذا ما خلص اليه مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة، فضلاً عن ان التباين في الموقف لا يستدعي، أياً تكن الإعتبارات، إطاحة العلاقات الشخصية او التفريط بها، وصولاً الى هدم كل الجسور التي يمكن ان تستخدم للحفاظ على التواصل، خصوصاً ان المعركة السياسية تدور بين من هم محسوبون على خانة التحالف الوطيد مع سورية. واعترفت المصادر بأن هناك من حاول استغلال بعض ما ورد على لسان جنبلاط في مقابلته الصحافية وإن كان في غنى عنها، لينال منه شخصياً، مستفيداً من تعرضه للحود، وبالتالي مراهناً على مقدرته على إخراجه من المعادلة السياسية. وتابعت ان جنبلاط ربما تعرض لهيبة الدولة، ما ادى الى اندفاع خصومه ومنافسيه القدامى والجدد، الى شن حملة اقتربت ايضاً من اختراقها الخطوط الحمر، بهدف ضرب شوكته، ظناً منهم ان الفرصة مؤاتية لإضعافه ومن ثم للإنقضاض عليه، في الوقت المناسب وتحديداً من خلال قانون الإنتخاب الجديد. ورأت المصادر ان توسيع الحملة الإعلامية على جنبلاط جاءت لتعذر استخدام السلاح نفسه ضده كان استخدم سابقاً، وهو ان رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري يدفعه الى المعارضة وإلى قول ما يتجنّب قوله، إذ ثبت ان رئيس "التقدمي" لا يعمل لحساب أحد. وختمت "ان المشكلة كانت في حدة الخطاب السياسي لجنبلاط، ولم تكن في تبيان الأخطاء التي سبق لعدد من أركان الموالاة ان توقفوا امامها ولفتوا الى ضرورة معالجتها، مع فارق انه تناول الرئيس لحود وكان في مقدوره تفادي الوقوع في الخطأ قبل تداركه، ليعاود الحوار السياسي في اجواء باردة".