انقرة، نيروبي، نيقوسيا، اثينا - "الحياة"، أ ف ب، رويترز - باشرت السلطات التركية استجواب زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله اوجلان في سجنه في جزيرة امرلي بحر مرمرة وأكدت انها ستسمح للصحافيين بحضور محاكمته، التي لن تكون امام هيئة عسكرية. واخليت الجزيرة من جميع السجناء الآخرين، وشنت قوات الامن التركية حملة اعتقالات واسعة طاولت اربعمئة من الناشطين الاكراد. راجع ص 4 لكن التطور الأبرز في سياق مضاعفات عملية خطف اوجلان من نيروبي الى اسطنبول، والذي طغى على تهديد حزب العمال بپ"تكثيف الحرب" على الدولة التركية، كان اقالة الحكومة اليونانية وزراء الداخلية والخارجية والأمن العام بسبب اللغط حول ايواء سفارة اليونان في نيروبي الزعيم الكردي، ودخوله قبل ذلك الاراضي اليونانية مرتين. في الوقت ذاته نقلت وكالة "فرانس برس" عن مصادر كينية امس ان وكالة الاستخبارات الاميركية والاستخبارات الاسرائيلية ضالعة بعملية خطف اوجلان. وتأكدت مشاركة اجهزة الامن الكينية على رغم النفي المتكرر في البداية الذي ورد على لسان وزير الخارجية بونايا غودانا. وأفادت مصادر في اوساط الاستخبارات في نيروبي طلبت عدم كشف هويتها، ان الاميركيين ابلغوا السلطات الكينية بوجود اوجلان في نيروبي، وان الاسرائيليين كانوا ايضاً على علم بذلك. واضافت المصادر ذاتها ان الاميركيين والاسرائيليين ضغطوا على الحكومة الكينية لتسلم اوجلان الى تركيا. وذكرت مصادر كينية طلبت عدم كشف هويتها ان غودانا كان يعارض تسليم اوجلان الى انقرة، لكن الرئيس الكيني دانييل اراب موي الحريص على علاقات جيدة مع الولاياتالمتحدة واسرائيل، عارض موقف الوزير واتخذ قراراً مخالفاً. واقرت الخارجية الكينية الاربعاء بأن الحكومة الكينية اتخذت قراراً بطرد اوجلان، نفذته اجهزة الهجرة. واقال الرئيس الكيني امس رئيس اجهزة الهجرة فرانك كوينغا في اطار تعديلات في الحكومة وفي الوظائف العامة العليا، ولم يعط اي تفسير لهذه الاقالة. ونسبت صحيفة "ديلي نيشون" الصادرة في نيروبي الى مصادر "جديرة بالثقة في اجهزة الامن الكينية" ان اجهزة الاستخبارات في كينيا "اضطلعت بدور حاسم في اعتقال اوجلان وطرده". ونقلت عن ديبلوماسيين يونانيين في نيروبي ان عناصر من اجهزة الاستخبارات الكينية اوقفوا الزعيم الكردي داخل مقر اقامة السفير اليوناني. وأكدت مصادر عدة ان اوجلان اقتيد الى تركيا في طائرة يملكها رجل اعمال تركي. وكانت صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية نشرت اول من امس تقريراً للصحافي يوسي ميلمان المختص بشؤون الاستخبارات، اشار الى وجود بعثة "مهمة" للموساد في نيروبي التي تشكل محطة اقليمية لكل نشاطاته في منطقة القرن الافريقي. ونقل التقرير عن "مصادر اجنبية" لم يحددها ان "نظام الرئيس الكيني دانييل اراب موي يحصل على ارشاد دائم من مسؤول الموساد في شأن كل ما يتعلق بالتنظيمات الاسلامية وتحركاتها، بخاصة تلك التي تربطها علاقة بالسودان وايران". تحقيق عاجل في اثينا قال وزير الخارجية ثيودور بنغالوس الذي استقال امس: "ضميري مرتاح وقمت بواجبي"، موضحاً ان رئيس الوزراء طلب استقالته فقدمها فوراً. واعتبر ان قضية أوجلان "ملف صعب لأنه يشمل ابعاداً دولية وخيارات شخصية لأوجلان، وأدرنا الأمر بأفضل طريقة ممكنة". ورأى ان اليونانيين الضالعين في مجيء اوجلان الى اليونان نهاية كانون الثاني يناير الماضي "ارتكبوا جريمة ضد الأمة وهم مسؤولون عن وضع اوجلان اليوم". وأكد مسؤول النيابة العامة في اثينا جورج كوليوكوستاس ان تحقيقاً عاجلاً سيفتح في شأن الزيارة وكلف احد القضاة درس شهادات الاشخاص الذين اكدوا في الأيام الاخيرة انهم سهلوا مجيء اوجلان الى اثينا من دون علم السلطات. وأقرّ وزير الداخلية اليوناني اليكوس بابادوبولوس الذي استقال ايضاً بأن اوجلان كان مهدداً بپ"الخطف" عندما كان لاجئاً في مقر اقامة السفير اليوناني في كينيا، موضحاً ان "السفارة ومقر الاقامة كانا محاطين بقوات امن من كينيا ومن عناصر بيض وواضح ان اوجلان كان مهدداً بالخطف". وكان الناطق باسم الحكومة اليونانية ديميتريس ريباس اعلن ان وزراء الخارجية والداخلية والأمن العام قدموا استقالاتهم تلبية لطلب رئيس الوزراء كوستاس سيميتس، بعد المضاعفات المتسارعة التي شهدتها قضية اوجلان. وأوضح ان الوزراء الثلاثة ثيودور بانغالوس واليكوس بابادوبولوس وفيليبوس بيتسالنيكوس قدموا استقالاتهم خلال اجتماع مشترك للحكومة وقيادة الحزب الاشتراكي الحاكم باسوك. وقال ان سيميتس طلب "كشف المسؤولين الذين سمحوا لأوجلان بدخول اليونان وتسببوا في مشكلة بمبادراتهم وأعمالهم غير المشروعة". وبين هؤلاء نواب اشتراكيون. وفي حديث الى صحيفة "تانيا" الاشتراكية اليونانية تراجع بانغالوس عن تصريحات قال فيها ان اوجلان توقف مرة فقط مطلع الشهر الجاري في اليونان لتزويد طائرته وقوداً، وأكد انه جاء مرتين الى اليونان، وفي الأولى لم تعرف السلطات بأمره.وحمّل بانغالوس الطيران المدني والسلطات القضائية والشرطة ومصلحة الجمارك المسؤولية. وبعد استقالة الوزراء الثلاثة عين جورج باباندريو نجل رئيس الوزراء الراحل اندرياس باباندريو وزيراً للخارجية، فيما عين فاسو باباندريو وزيراً للداخلية، وعين ميخائيليس كريسوخويديس وزيراً للأمن العام. محاكمة أوجلان وعلى صعيد محاكمة اوجلان نقلت "فرانس برس" عن وزير الخارجية التركي اسماعيل جيم قوله ان اوجلان سيحصل على حكم "غير منحاز" في تركيا، مؤكداً امام صحافيين خلال زيارة رسمية لبراغ ان زعيم حزب العمال لن يحال على محكمة عسكرية بل "سيحاكم وفقاً للقوانين المعمول بها في تركيا والاتفاقات الدولية" التي وقعتها انقرة. وزاد ان "تركيا تملك نظاماً قضائياً اكثر ليبرالية من غالبية دول الاتحاد الأوروبي". في الوقت ذاته اكد رئيس الوزراء التركي ان اوجلان "في صحة جيدة" وسيحاكم بطريقة "مستقلة". واعتبر ان توقيف الزعيم الكردي سيشكل "درساً" لليونان.وأضاف: "حرصنا على الا تساء معاملته خلال اعتقاله وتبين انه في صحة جيدة ولم يجرح احد" خلال عملية خطفه. وتابع ان "استجواب اوجلان سيبدأ اليوم أمس وقد يكون بدأ، وربما يستمر سبعة أيام او أقل". وقدم المحامون الايطاليون للزعيم الكردي شكوى ضد تركيا لدى المحكمة الأوروبية لحقوق الانسان، احتجاجاً على الطريقة التي عومل بها منذ اعتقاله. وقال المحاميان جوليانو بيسابيا ولويجي ساراسيني: "واضح من الصور التي عرضها التلفزيون التركي ان اوجلان تعرض لعنف نفسي وبدني خلال الرحلة الجوية الى تركيا". وحمل بيان لپ"الجبهة الوطنية لتحرير كردستان" الجناح السياسي لحزب العمال، تهديداً بپ"تكثيف الحرب" على تركيا. وأضاف البيان: "سنلجأ الى كل اشكال الكفاح ضد الدولة التركية ... ولن ينعم اي مسؤول تركي بالراحة في منزله. سترون ذلك قريباً جداً".