أكد وزراء ونواب ل"الحياة" ان الأغراض التي قصدها رئيس الحكومة اللبنانية الدكتور سليم الحص من خلال بيانه الأحد الماضي، ستأخذ طريقها الى التنفيذ على قاعدة تفاهمه التام مع رئيس الجمهورية إميل لحود وهذا ما لمسه في اجتماع العمل معه ليل أول من أمس في بعبدا. وقالوا ان الحص يبدي ارتياحه الى تعاونه مع لحود الذي لم يرفض له أي طلب، ويأخذ ببعض الملاحظات التي يطرحها من حين إلى آخر، مشيرين الى ان ما ورد في بيان رئيس الحكومة "اننا آلينا على أنفسنا إعادة النظر في تقديرنا ورؤيتنا للواقع الراهن متحملين المسؤولية كاملة أمام الناس" لم يكن سوى إطلاق الإنذار الأخير تمهيداً لقرار مهم كان يمكن اللجوء إليه، في حال لم يلمس أي تجاوب. وكشفوا ان عبارة الحص هذه يمكن فهمها بمثابة تحضير الأجواء للخروج من الحكم في حال لم تؤخذ ملاحظاته في الإعتبار. ولفتوا الى انه اخذ يشعر منذ مدة ان الحكومة تتنقل فوق رمال متحركة، بالمعنى السياسي للكلمة، وأن تجاوزه الوضع الراهن لن يكون في الهرب إلى الأمام، بل في دق ناقوس الخطر وصولاً إلى إحداث صدمة تضع الجميع امام مسؤولياتهم ما دام ماضياً في تحمله المسؤولية، وأن التعديل الحكومي لا يفي بالضرورة إذا بقيت الأمور على حالها. وأضافوا ان الحص "من موقع تحمله للمسؤولية، حدد أوجه الخلل التي تستدعي العلاج لإعادة الإعتبار الى الحكومة التي فقدت من بريقها بعد شهرين على ولادتها، إذ لم يعد من الجائز الإستمرار في الوضع الراهن الذي أخذ يفقدها جمهورها من ناحية، ويخسرها تدريجاً الفريق السياسي الداعم لها من ناحية ثانية، فضلاً عن ان ذلك ينعكس ضرراً على الإجماع السياسي والشعبي الذي حظي به انتخاب لحود رئيساً". ورأوا ان الحص "لم يصدر بيانه الذي صاغه بدقة متناهية ووضع فيه النقاط على الحروف بلياقة فائقة، إلا بعد شعوره ان لا مقدرة له على الإستمرار من دون تصحيح الأخطاء التي باتت تهدد مسيرة الإنقاذ والتغيير، ولم تعد الأضرار تقتصر على الحكومة". وأكدوا انه أحسن في بيان النقد الذاتي توجيه رسائل في كل الإتجاهات وأن لحود كان أول من سارع الى التقاطها وهو من يعترف بحصول أخطاء تتطلب العمل من اجل تفاديها، مشيرين الى ان الأخذ بمضامين البيان يمكن ان يؤمّن إنطلاقة جديدة للعمل الحكومي يعوّض الحكومة ما فقدته من رصيدها الشعبي والسياسي. وإذ ركّز الوزراء والنواب على كلام الحص على الأخطاء التي تمثلت في توقف عجلة الإعفاءات قبل ان تحقق العملية الإصلاحية كل أهدافها وفي بعض التعيينات التي لم تكن موفقة تماماً، أوضحوا ان التخلص منها قد يستدعي إعادة النظر في المؤسسات الرقابية في حال ثبت مسؤوليتها على هذا الصعيد، او رفع الضغوط السياسية التي تتعرض لها الحكومة ودفعتها الى مراعاة قوى سياسية معينة اكثر من اللزوم. وأكدوا ان شوائب عدة اعترت التعيينات والإعفاءات الإدارية التي كادت تعيد الروح الى الترويكا، على الأقل في الإدارة، بعدما دلّت الى وجود محاصصة كانت في غنى عنها، خصوصاً ان البعض، وإن كان اعترف قولاً بقيام تجربة جديدة يجب ان تعطى لها الفرصة، لم يترجم اعترافه من طريق الممارسة خطوات ملموسة. ونفى الوزراء والنواب ان تكون هناك مشكلة سياسية مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري ما دام انه يرفض المحاصصة ويمتنع عن التدخل لدى اجهزة الرقابة. وأكدوا ان لمراعاته حدوداً شرط ألا تبلغ مرحلة الحصول منه على إجازة مرور في مقابل موافقته على بعض التعيينات العائدة الى الشيعة في لبنان، خصوصاً ان لعبة استدراج العروض ما زالت قائمة. وختموا "اننا لا نود الدخول في التفاصيل وأن ما يهمنا في نهاية المطاف ان تأتي جلسات مجلس الوزراء بدءاً من اليوم لتؤكد ان هناك نية صادقة في عدم تكرار الأخطاء او الوقوع في لعبة الإبتزاز اذا أريد لبيان الحص ان يكون الإطار العام للتوجه الجديد للحكومة". وكان زوار الحص نقلوا عنه امس استمراره في الحكم وتفاهمه التام مع لحود. وقال النائب بطرس حرب الذي زاره "ان الحكومة ستنكب على التحضير لملف شامل في التعيينات لبتّه نهائياً، وانتظروا التعيينات بعد الموازنة". وأعلن ان الحص "من المؤمنين بأن المرحلة المقبلة يجب ان تكون مرحلة تغيير لإخراج البلد من المأزق. وإذا لم يحصل التغيير فسنصل الى الفشل الكبير الذي يجب ان نتفاداه". وأوضح انه لمس من الحص "تصميماً عميقاً وجيداً على متابعة مسؤولياته وعلى محاولة معالجة مكامن الخلل في المرحلة السابقة والتصدي لها". والتقى الحص المدير العام للأمن العام اللواء الركن جميل السيد، ووفداً من الفاعليات الدرزية نقل عنه "تفاؤله بالخير". ورأى النائب عاصم قانصوه ان بيان الحص "لا يكفي، والمطلوب إجراءات تدعمه"، داعياً الحكومة الى "إعادة النظر في كل قراراتها الإدارية". ورأى رئيس حزب الوطنيين الأحرار دوري شمعون "ان الإصلاح لم يتم بالشكل الصحيح"، لافتاً الى "ان حديث الرئيس الحص كان واضحاً وأن الرجوع عن الخطأ فضيلة". ودعا، بعد لقائه البطريرك الماروني نصرالله صفير، الى "الانتهاء من قضية عودة المهجّرين في اسرع وقت"، معتبراً "ان المصالحة الوطنية لا تتحقق ما دام هناك مهجّر خارج قريته، ولا ضرر من فرض مبلغ صغير على سعر صفيحة البنزين من اجل عودة المهجّرين اذا كان صحيحاً ان العائق امام العودة هو المال". وأضاف "نحن لا ننتظر العجائب بل نريد إصلاحاً إدارياً ووقفاً للإهدار والسرقات، وخصوصاً الإصلاح القضائي". ورأى "ان هناك قسماً من المعارضة القائمة هو لمصالح شخصية"، وأيّد "المعارضة البنّاءة التي تنبّه الحكم الى الأخطاء التي يقع فيها". ودعا النائب وليد جنبلاط الى "ان يخفف قليلاً" من لهجة معارضته. واعتبر اتحاد الرابطات المسيحية برئاسة بيار حلو ان صرخة الحص "شكلت صدمة ايجابية يجب ان يستفيد منها جميع المعنيين للإلتفاف حول مسيرة العهد ولمتابعة الإصلاح". وأكد إصراره على "ضرورة استكمال الملفات المالية". واعتبر المكتب المركزي للتنسيق الوطني المؤيد للعماد ميشال عون ان الإصلاح "لا يمكن ان يكون شاملاً إلا في ظل السيادة التامة والقرار الحر والوفاق الوطني الحقيقي". وانتقد "ذوي النفوذ الذين يطالبون بتقديم الإصلاح الإقتصادي على الإداري"، ومن سمّاهم "الحيتان المالية الذين يعبرون الى الناس عبر بوابة الإحباط الجديد والنغمة الطائفية البغيضة".