اكتشف نايف حواتمة الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين أن الرئيس الإسرائيلي عيزر وايزمان رجل سلام ساند مطالب الفلسطينيين الخاصة بحق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية. وكان حواتمة التقى وايزمان في عمّان على هامش تشييع جنازة الملك حسين وصافحه، وحين عاد إلى دمشق دافع عن المصافحة مُشيراً إلى أنها ضرورية للسلام. وقال: "من يريد السلام يجب أن يلتقي اعداءه". حين قرأت هذا التصريح أمس في "الحياة" تذكرت المثل الشعبي "فلان مثل شعيب السنيدي إذا حدَّرَت الشُعْبَان سند"، أي اذا تدفقت المياه في الشِّعَاب في اتجاهها، سَال هو في الاتجاه الآخر. إن الذي يتابع مسيرة حواتمة في النضال الفلسطيني يجد أنه كان دائماً "سنيدي الاتجاه" نسبة إلى الشعيب الشهير في صحراء نجد، وأنه يسير في الاتجاه المُعاكس لمسيرة رفاقه في النضال الفلسطيني، وموقفه الجديد من السلام ليس بسبب تورطه بمصافحة وايزمان في زحمة العزاء، ولا حباً وقناعة بالسلام، وإنما هو استمرار لمنهج المخالفة الذي ظل يحافظ عليه طوال مسيرة حياتة السياسية. لذا حين شعر أن مشروع السلام بدأ يضعف، وأن الشك بإمكانية تحقيقه بات قناعة لدى معظم الفصائل الفلسطينية أعلن أنه مع السلام، وتحول من النقيض إلى النقيض، رغم أنه حتى أمس القريب كان من الذين لا يفرقون بين الساسة الإسرائيليين، ويؤمن أن الصهيونية ملة واحدة، مهما اختلفت الأسماء. لقد استطاع حواتمة أن يحافظ على موقعه كشريك مُخالف طوال هذه السنوات من خلال إتقانه لمبدأ السير في الاتجاه المعاكس لأي قضية تُطرح على الساحة الفلسطينية مهما كانت أهميتها، وكاد أن يُتَوَج زعيماً لهذا المبدأ بعد عملية السلام، لكن الطبع يغلب على التطبع.