يعتبر السيد يوسف الخطيب المعروف باسم "العقيد حسان" قائد الولاية التاريخية الرابعة، التي كانت تضم ولايات الوسط الجزائري، أحد أهم الشخصيات الوطنية المرشحة للرئاسيات المقررة في نيسان ابريل المقبل، ويحظى باحترام الجيش وبتقدير المجاهدين وله سمعة طيبة في ولايات الوسط. لماذا ظهر العنف في الولاية الرابعة التي كنتم ترأسونها تاريخياً؟ - لنرجع قليلاً الى الوراء. كانت الولاية الرابعة مهمشة منذ 1962، بسبب أزمة خلط الأوراق التي تركت تأثيراً في ولايتنا، ورغم ان موقفنا واضح من الصراع بين الحكومة وقادة الأركان العامة للجيش بعد الاستقلال، وهو إلتزام الحياد، إلا أن ما قمنا به من وساطات بين الأطراف المتصارعة ابقانا في الهامش، واتصلت شخصياً بالسيدين أحمد بن بلة ومحمد خيضر وطلبت منهما الدخول الى الجزائر وعقد مؤتمر، لكن خيضر رد علي بحضور بن بلة: "يجب أن نأخذ الحكم مهما كان الثمن"، كان هذا في الرباط عام 1962، وكان مبادرة شخصية مني، وعندما اجتمع قادة الولايات في الشلف - بعد ذلك - طلبت منهم أن يجدوا حلاً للأزمة ويتركوا مشاكل الخارج جانباً، ولكنهم لم يجدوا الحل في الاجتماع، واجتمعوا في تلمسان وأعلنوا عن مكتب سياسي، ومع ذلك بقينا على الحياد وطالبناهم بالدخول الى ولايات الوسط، وفعلاً جاءوا ليدخلوا العاصمة ويستقروا ب "فيلا جولي" في آب اغسطس 1962، وعندما أمر خيضر الجيش بدخول العاصمة منعناهم والتزمنا الحيطة لأننا لم نكن نسعى الى سفك الدماء، وهو ما جعل الوسط يبقى مهمشاً. إن الشعب كره الحكم بصفة جهوية وأذكر اننا في مناسبة لذكرى الشهيد محمد بوقرة عام 1992، طرحنا سؤالاً: "لماذا بدأ العنف في الجزائر وخاصة في ولايات الوسط" ولم نتلق اجابة، بيد أننا كنا نعرف الاجابة، فهذه الجهة مهمشة ومحقورة، وجماعة الجبهة الاسلامية للانقاذ، وعدوا أبناءها "بشيء جديد وهو الاسلام والعدالة، وحل المشاكل الاجتماعية"، وهو ما جعل الشعب يمشي معهم، لكن المجازر التي ارتكبت والتدمير الذي مس المنطقة جعل الناس تتراجع. كيف ترون الحل الأمني في برنامج ترشحكم؟ - يتم بطريقتين وهما الطريقة المباشرة في مواصلة محاربة الارهاب تماماً بكل الوسائل المتوفرة لدى الدولة في اطار احترام القوانين، والطريقة غير المباشرة وهي معالجة أسباب الأزمة وخصوصاً الشباب. يقال انكم اتصلتم بالمؤسسة العسكرية بعد سماعكم تزكية عناصر منها السيد عبدالعزيز بوتفليقة فهل هذا صحيح؟ - التقيت قيادات في المؤسسة العسكرية، أبلغتهم بموقفي وقلت لهم ان الطريقة التي يجب أن تتم بها عملية الترشيح، يجب أن تكون واضحة وشفافة، وعلى الأحزاب أن تلعب دورها في ترشيح من تريد. وقلت لهم، عارضت ترشيحه عام 1994 فكيف أوافق اليوم، واعتبرت ذلك لا يتماشى مع شعار القطيعة الذي نرفعه منذ 1992. وقلت لهم انه لا توجد لي مشكلة مع هذا الشخص، ولكن له مشاكل مع الدولة، مثل قضية مجلس المحاسبة، ولم نتكلم بصفة رسمية وانما أبلغتهم بنيتي في الترشيح ليس بهدف تزكيتي وانما بهدف توضيح موقفي. لماذا كونتم كتلا مع السادة أحمد طالب الابراهيمي، ومحمد الصالح يحياوي وعبدالله جاب الله؟ - لقاؤنا كان على نقطة واحدة، وهي مطالبة الرئيس والمؤسسة العسكرية باحترام تعهداتهما. كيف تفسرون دخول الجنرال خالد نزار في الخط؟ - موقف الجنرال خالد نزار متناقض، ولا أعرف ما إذا كان يتحدث باسمه الخاص أو باسم المؤسسة العسكرية، ولماذا غير رأيه بين عشية وضحاها؟ ومن حقه أن يعبر عن رأيه كشخص اما كانتماء للمؤسسة فهذا مرفوض في نظري. لكن الجنرال نزار هو الذي اقترح بوتفليقة عام 1994 ورفضته آنذاك؟ - الوضع يختلف اليوم عما كان عليه عام 1994. هل ستشاركون في الانتخابات الرئاسية المقبلة؟ - يجب أن نضع في الاعتبار عملية المشاركة بالضمانات التي ستقدم لنا كمرشحين على مختلف المستويات، ونحن بدأنا في مشاورات مع المرشحين الأحرار والأحزاب للبحث عن طريقة لفرض هذه الضمانات، وأي ترشح مرهون بوجودها. يقال انكم ترشحتم لسد الطريق أمام بوتفليقة؟ - هذا الكلام ليس صحيحاً فأنا لست ضد بوتفليقة كشخص وليست له مشكلة معي، وانما مع المجلس الأعلى للمحاسبة، وكل ما نريده هو اعطاء الفرص لكل المرشحين من دون الانحياز لهذا المرشح أو ذاك. فعندما التقيت الأمين العام لجبهة التحرير الوطني بوعلام بن حمودة وجدت الضغوط عليه، وكاشفني انه لا يدعم بوتفليقة لأن له مشكلة مع مجلس المحاسبة ولأنه مستشار لأحد أمراء الخليج. يقال انكم اتصلتم برئيس لجنة المواطنين للدفاع عن الجمهورية صالح بوبنيدر؟ - تبادلنا وجهات النظر، اتفقنا على الضمانات التي ستعطى للمرشحين وضرورة أن تكون الانتخابات شفافة ونزيهة. لماذا ترفضون مصطلح "الأسرة الثورية" المتداول في الجزائر وأنتم عضو فيها؟ - عندما نتحدث عن "الأسرة الثورية" يتبادر الى أذهاننا السؤال الآتي: "كم عدد أفرادها"؟ انهم أقلية مجاهدون وأبناء الشهداء، أما أبناء المجاهدين فانهم مثل غيرهم من أبناء الشعب، وليس من حق أحد أن يرث الثورة من دون غيره. فالثورة مكتسب للشعب كله، والمجاهدون لم يقوموا بالثورة وحدهم وانما كانوا وسط الشعب مثل الحوت في الماء، وما دام في بلادنا 75 في المئة من الشباب، فالحديث عن "الأسرة الثورية" يعني تهميش الغالبية، والمفروض أن نقوم بجمع الصفوف لا التفريق بين أبناء الشعب. ما تفسيركم للجوء بعض الأحزاب الى التزكية عوض ترشيح قادتها؟ - مع الأسف ان غالبية الأحزاب لا تزال صغيرة، باستثناء جبهة التحرير الوطني وجبهة القوى الاشتراكية بحكم الأقدمية، ونظراً للتناقضات داخل الأحزاب فإن جبهة التحرير الوطني وجدت نفسها تزكي من تنكرت له قبل ذلك. قال لي بوعلام بن حمودة: "ان المؤسسة العسكرية هي التي اقترحت بوتفليقة"، بعد أن كان يحدثني عنه وعن أسباب استبعاده كمرشح بسبب مشكلته مع مجلس المحاسبة، ووجوده مستشاراً لأحد أمراء الخليج، وفجأة تغير موقف بن حمودة "بعد أن كان ضد بوتفليقة أصبح يسانده" من دون اللجوء للمؤتمر خوفاً من انفجار الحزب. ما تفسيركم لما أصاب الأحزاب من انشقاق بسبب بوتفليقة؟ - يدل على عدم وجود وعي سياسي ونضالي، وظهور الانتهازيين، وهو ما جعل الأحزاب لا تعود الى قواعدها في اتخاذ قرار التزكية لهذا الشخص أو ذاك. يروج البعض معلومات تفيد أن الهدف من اقتراح بوتفليقة باسم هيئات في السلطة هو امتصاص غضب جهة معينة. فماذا تقولون؟ - أرفض الحديث بهذه الطريقة، لأنه يمس الوحدة الوطنية، ماذا تقول عن ولايات الوسط التي لم تصل اليها السلطة منذ 1962؟ إذا كان لا بد من معالجة أي مرض فعلينا معالجة الجهوية مثلما نجحت الثورة باسم الوحدة الوطنية سوف تنجح الجزائر بفضل كل أبنائها المخلصين. ما تفسيركم ل "اقتراح" بوتفليقة كمرشح إجماع؟ - أولاً من جاء به كان يريد الوصول من خلاله الى السلطة، لأنه يساعدهم، وأقول ان الشعب هو الذي يعيّن الرئيس، والأحزاب لا تملك العدد الكافي من المناضلين ميدانياً لتعيينه رئيساً، وهي تعرف أن هذا المرشح أو ذاك يخدم أغراضاً قد تتناقض مع برنامج الحزب الخاص به، وكل حزب له برنامجه الخاص. ومبدئياً من الصعب ان تجتمع الأحزاب على شخص، وانما يمكنها الاتفاق على برنامج، وما يدهشنا هو طرح اسم بوتفليقة كمرشح إجماع قبل معرفة برنامجه، والمطلوب هو صدقية الشخص قبل برنامجه. لنتحدث عن الجديد في برنامج ترشحكم؟ - لا اعتقد ان الشعب بحاجة الى خطابات وانما الى واقع. وأنا اؤمن بالديموقراطية لأنني مارستها عندما طبقنا التسيير الجماعي للولايات بعد مؤتمر الصومام عام 1956. وما علينا اليوم إلا احترام الغالبية، وعلى الأحزاب التي تريد الوصول الى السلطة احترام نقطتين: نبذ العنف تماماً، والعمل في اطار قوانين الجمهورية، ومعالجة أسباب الأزمة أو المرض الذي ألم بالجزائر خصوصاً الجانب المتعلق بالشباب. كيف تقوِّمون هدنة الجيش الاسلامي للانقاذ؟ - ليس لدي معلومات أو معطيات لأتحدث عنها، وهي في عمومها مبادرة مقبولة. وإذا كان هؤلاء يقبلون نبذ العنف ووضع السلاح فإن الحل موجود، لكن طرحه مرتبط بفهم خلفيات العملية. وعلى الصعيد الاقتصادي؟ - اعتقد انه لا يمكن الهروب من الاصلاحات، وانما يجب أن تساير وضعية الشعب، وحل المؤسسات يجب أن يتم في اطار حوار شفاف مع المعنيين وهم العمال. هناك من يقول ان المشكلة في الجزائر هي بين السلطة والحزب المحظور، فماذا يقول يوسف الخطيب؟ - ربما كان هذا الطرح في بداية الأزمة مقبولاً، أما اليوم فالمشكلة أعمق، خصوصاً بعد أن أخذت العدالة مجراها في القضية. وهناك أشخاص ينتمون الى هذا الحزب المحظور، وعليهم العمل في اطار القوانين سياسياً. العالم كله يتحدث عن مأساة الجزائر وعندما ظهر قانون يوحد الجزائريين أحدث ردود فعل سلبية، فبماذا تعللون ذلك؟ - الأمر يحتاج الى التحسيس والوعي، والوقت الكافي لتضميد الجروح. ماذا تقولون عن ترشح سيد أحمد غزالي وهو الذي تراجع عن انتخابات 26 كانون الأول ديسمبر 1991 عندما كان رئيس الحكومة؟ - اعتقد ان هناك الكثير من الانتهازيين، والدليل هو أن كل مرشح يحسب نفسه أفضل من الآخر، فالسيد أحمد غزالي يظن نفسه أفضل من السيد بوتفليقة والجزائر تحتاج الى رجال عندهم نزاهة وكفاءة واخلاص وليس الانتهازيين. هل أنت متفائل؟ - طبعاً، لي أمل في الخروج من الأزمة، ولم أيأس أبداً لأن الشعب بيده الحل، فهو الذي قاد الثورة وحقق انتصاراته بفضل اطاراته المخلصة، ولا شك في أن ظهور وعي شعبي، وتحرك الأحزاب سياسياً، سيكون في صالح الخروج من الأزمة. متى بدأت لجنة الحوار الوطني اتصالاتها مع الجبهة الاسلامية للانقاذ؟ - في الحقيقة، ان الجبهة الاسلامية للانقاذ لم يكن يرد ذكرها في اللجنة، وانما كان الحديث يدور حول "الحساسية الاسلامية"، وذلك لوجود تخوفات ليس من أعضاء اللجنة وانما من بعض الأحزاب المشاركة في الحوار، باستثناء ثلاثة أحزاب، طالب قادتها بمشاركة الحزب المحظور وهي جبهة التحرير الوطني بقيادة عبدالحميد مهري، جبهة القوى الاشتراكية حزب حسين آيت أحمد، والحركة من أجل الديموقراطية حزب الرئيس أحمد بن بلة. واشترطت هذه الأحزاب، في أول لقاء للجنة بها، حضور الجبهة الاسلامية للانقاذ، وواصل حزب الرئيس بن بلة اللقاءات التي أجرتها اللجنة مع الأحزاب بينما قاطعها لاحقاً حزبا السيدين: حسين آيت أحمد، وعبدالحميد مهري. وبقي التخوف من ذكر الحزب المحظور أو تجنب ذكره متواصلاً في اللقاءات التي جمعتنا بالأحزاب آنذاك وكانت اللقاءات تتكرر مع الأحزاب نفسها، مثل: حركة النهضة، التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية، وحزب التجديد الجزائري، والحركة من أجل الديموقراطية الى جانب الأحزاب الصغيرة. وبمرور الزمن اتخذت اللجنة الوطنية للحوار قراراً يقضي باجراء اتصالات مع ما كان يعرف آنذاك باسم "الحساسية الاسلامية"، استجابة لمطالب الأحزاب في إلحاق الحزب المحظور بالمتحاورين مع اللجنة. هل الاتصالات بشيوخ الانقاذ في السجن كانت باقتراح من اللجنة أو المؤسسة العسكرية؟ - انها فكرة أعضاء اللجنة بما فيهم الضباط الثلاثة الذين كانوا يمثلون في اللجنة المؤسسة العسكرية، ولا أعرف ان كانت لهم استشارات في المؤسسة. أؤكد ان المبادرة كانت منا كأعضاء للجنة وليست من أي جهة أخرى، وتمت العملية بطريقة غير مباشرة عبر أحد الوسطاء فلم تحقق النتائج المنشودة منها، اذ فشل الوسيط حسن لعريبي القيام بالمهمة. وهو ما جعل اللجنة تباشر الاتصال المباشر من طريق ثلاث شخصيات بينها: الجنرال الطيب الدراجي وبموافقة من المؤسسة العسكرية، وكان اللقاء الأول مجرد جس نبض قيادة الحزب لمعرفة مدى الاستجابة للحوار وفق الشروط التي اقترحتها اللجنة وهي الإبقاء على المشاركين في الحوار تحت الاقامة الجبرية، وكان الرد ايجابياً اذ قبلوا اقتراحنا وأعطوا ثقتهم فينا. وفي اللقاء الثاني لممثلي اللجنة مع الشيوخ تم الاتفاق بين اللجنة والشيوخ على تعيين أربعة ممثلين مؤهلين لهم ممن كانوا في السجن آنذاك للمشاركة في التحضير لندوة الوفاق الوطني، التي تقرر عقدها مع انهاء عهدة المجلس الأعلى للدولة، وهؤلاء الممثلون للحزب المحظور هم: حدّي، بوخمخم، قمازي وشيقارة، وهم الذين تم اطلاق سراحهم لاحقاً حين أصبح السيد زروال رئيساً. كيف أعطيت الموافقة على إشراك الانقاذ في ندوة الوفاق الوطني لعام 1994؟ - بعد أن تم الاتفاق مع الشيوخ على تعيين ممثليهم في الحوار اتصلنا بالمجلس الأعلى للدولة بقيادة علي كافي وأبلغناه، بقرار اللجنة القاضي باطلاق سراح ممثلي الحزب المحظور للمشاركة في الحوار مع البقاء تحت الاقامة الجبرية لغاية الوصول الى اتفاق معها. وماذا حدث بعد ذلك؟ - اقترحنا تأجيل عقد ندوة الوفاق الوطني شهراً وذلك لتمكين الممثلين للحزب المحظور من الالتحاق بالأحزاب التي شرعنا في الحوار معها ضمن المجموعة التي اشترطت حضورهم للمشاركة في الندوة، ووافق المجلس الأعلى للدولة والأحزاب المشاركة في الحوار على هذا التأجيل. لكن من أجهله هو أسباب عدم اطلاق سراح ممثلي الانقاذ للمشاركة في الحوار أو الندوة التي قاطعتها الأحزاب التي اشترطت حضورهم. هل الاتصالات بينكم وبين الشيوخ كانت تتم بالكتابة؟ - لا، كل ما وقع كان مجرد حوار بين ممثلي اللجنة وشيوخ الحزب المحظور. وماذا حدث في ندوة الوفاق الوطني بعد غياب ممثلي الانقاذ؟ - لم يرشح المشاركون فيها أي رئيس في اعتبار ان عملية الوفاق عن مرشح الندوة لم تتم، الى جانب غياب الأحزاب الفاعلة عنها. يقال ان اسم بوتفليقة كان مطروحاً ليكون مرشحاً باسم الندوة لرئاسة المجلس الأعلى للدولة؟ - الواقع ان اسم بوتفليقة طرح علي آنذاك وأنا أرأس اللجنة الوطنية للحوار ورفضت قبوله رئيساً لأنه لا يمثل القطيع، وهددت بتقديم استقالتي من اللجنة. وفي اليوم الثاني من اجتماع الندوة أبلغت رسمياً بعدم ترشيحه، وبالتالي أعلنت للحضور في الندوة بأنه "لا يوجد مرشح باسم الندوة". كيف تمت عملية انشاء لجنة الحوار الوطني؟ - في البداية، تلقيت اتصالاً من المؤسسة العسكرية، التي لم تكن تربطني بها أية صلة من قريب أو بعيد وتمت استشارتي في مسألة انشاء لجنة للحوار فباركت ذلك بعد أن تم اطلاعي على فشل بعض المبادرات السابقة وقلت لهم انني بعيد عن السياسة وإذا رأيتم في مشاركتي أهمية فأنا مستعد لخدمة الوطن. وفي اللقاء الثاني وافقت على المشاركة وفوجئت بالأعضاء الثمانية للجنة يختارونني رئيساً لهم، ولم يكن لي رأي في تعيين أي عضو منهم، وعلى رغم إصراري على المشاركة كعضو أبوا إلا أن أكون رئيساً للجنة. من كان يمثل المؤسسة العسكرية وهل كانت القرارات تتخذ داخل اللجنة؟ - أعترف ان اللجنة لم تكن تتلقى الأوامر من أية جهة ولم يكن يمارس ضدها أي ضغط من الخارج بل كان الجميع يعمل كعائلة واحدة وكانت القناعة بيننا مشتركة في البحث عن حل للأزمة ولهذا نجحنا في تأسيس أرضية المرحلة الانتقالية بحرية. هل "الحساسية الاسلامية" هي سبب الأزمة أم طرف فيها؟ - يظهر المشكل وكأن هذه الحساسية هي الطرف الأساسي فيها إلا أن إشراك كل الأحزاب جعلها طرفاً كبقية الأطراف على رغم أهميتها في الحل آنذاك، وكنا نجتمع بالأحزاب الكبيرة على حدة، والأحزاب الصغيرة على حدة. وشخصياً كنت أصر على مشاركة قادة الأحزاب الفاعلة مثل حسين آيت أحمد الذي بعثت اليه برسالة عبر عبدالحميد مهري، وقلت له ان وجودك في الجزائر أهم في عملية تحقيق السلام. لماذا التزمتم الصمت بعد الاستقالة لغاية اليوم؟ - أحد أسباب الاستقالة هو عدم التزام الرئيس بتعهداته المتمثلة في "القطيعة" إذ بمجرد انتخابه عين الحكومة من دون أحداث قطيعة مع بعض الوجوه، وهو ما جعلني أبادر بالاستقالة وعلى رغم أنه حاول إقناعي بالتراجع عنها إلا أنني اتخذت القرار وأنا لا أغير في مواقفي، اذ سبق وأن اتخذت قراراً في عهد الرئيس السابق بن بلة كما اتخذت قراري في عهد من أزاحوه عن الحكم ولن أتراجع عنه. أما سبب الصمت فهو استجابة لطلب الرئيس بأنه سيجري استشارات مع الطبقة السياسية في خطوات لاحقة للبحث عن حل للأزمة وبالتالي فإن أي تصريح مني قد يفسر لصالح هذا الطرف أو ذاك، وهو ما جعلني امتنع عن الادلاء بأي موقف لغاية اليوم. إن مساندتي للرئيس كانت مرتبطة بمضمون برنامجي وكانت صادقة وذات نية واخلاص بعد أن مشى الشعب مع الرئيس زروال في انتخابات تشرين الثاني بنوفمبر 1995، إلا أن عدم الوفاء ببعض التزاماته ومنها احداث القطيعة جعلني انسحب من طاقمه. يوسف الخطيب العقيد حسان } ولد في 19 تشرين الثاني نوفمبر 1932 بالأصنام الشلف. وتابع دراسة الطب في جامعة الجزائر سنة 1954 - 1955. ومنذ سنة 1955 و1956 اصبح عضواً في جبهة التحرير الوطني.والتحق في 19 أيار مايو 1956 تاريخ الاضرابات الطلابية الجامعية والثانوية،بالثورة في المدية الولاية الرابعة التاريخية. اصبح في سنة 1959 مسؤولاً سياسياً وعسكرياً برتبة نقيب في المنطقتين الثالثة والرابعة الأوراس، في سنة 1960 ثم ترقى الى رتبة رائد وأصبح عضو مجلس الولاية الرابعة في تموز يوليو 1960. وبعد وفاة سي محمد بونعامة الذي سقط في ميدان الشرف في 8 آب اغسطس 1961، بالبليدة اصبح قائداً للولاية الرابعة. وفي نيسان ابريل 1965 اصبح عضواً في مجلس الثورة، وعضواً في الامانة التنفيذية لجبهة التحرير الوطني. وفي نهاية 1967 انهى دراسته بنيل شهادة الدكتوراه في الطب والتحق بالمستشفى للتخصص في الجراحة العامة والتخصص في امراض النساء والتوليد في مستشفى بارني حسين داي. وبعد المحاولة الفاشلة للاطاحة بالعقيد هواري بومدين التي قام بها العقيد الطاهر الزبيري عام 1967 وجد نفسه مجرد طبيب في الصحة العمومية في عين صالح ولاية تامنراست في الاقامة الجبرية. ومن 1973 - 1977 ولأسباب سياسية حصل على اقامة وفتح عيادة طبية في تيارت. ومن 1977 الى أيلول سبتمبر 1996 زاول نشاطاً طبياً حراً في الجزائر. وفي 14 تشرين الأول اكتوبر 1993 عينته المؤسسة العسكرية رئيساً للجنة الحوار الوطني. وفي شباط فبراير 1994 - كانون الأول ديسمبر 1995 اصبح مستشارآً سياسياً للرئيس اليمين زروال، ومدير حملته الانتخابية في رئاسيات شباط فبراير 1995 - وفي حزيران يونيو 1996 استقال لأسباب سياسية، والتزم الصمت. وفي كانون الثاني يناير 1999 سحب استمارات التوقيع للترشح للرئاسيات المقررة في نيسان المقبل.