أعلن الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة حداد ثمانية أيام إثر وفاة أول رئيس للجزائر المستقلة أحمد بن بلة عن عمرٍ يناهز 96 عاماً، حيث انتقل إلى رحمة الله ظهر أمس الأول في بيته في الجزائر العاصمة بعد تدهور حالته الصحية.وقال بوتفليقة في برقية تعزية «يشاء القدر أن يرحل عنا واحد من أبرز زعماء الجزائر المعاصرين وحكيم من صفوة حكماء إفريقيا المتبصرين المجاهد الرئيس المغفور له بإذنه تعالى أحمد بن بلة أحسن الرحمن وفادته وطيَّب ثراه وأكرم مثواه وأنزله في جنات النعيم مع الصادقين والشهداء وحسُن أولئك رفيقا».وأضاف الرئيس أن أحمد بن بلة «كان من الرعيل الأول الذين خططوا لثورة التحرير وحملوا مشعلها في الداخل والخارج إلى أن غدرت به إدارة الاستعمار في قرصنة جوية غير مسبوقة بصحبة مجموعة من رفاقه الزعماء في 22 أكتوبر من عام 1956 ليمضي مرة أخرى أمدا في زنازين المحتل لكنه ظل على عهده صامدا مسهما من غيابات السجن بآرائه وحكمته في تسيير شؤون ثورة نوفمبر إلى جانب رفاق الدرب في جيش وجبهة التحرير ثم في الحكومة المؤقتة». ورافق الرئيس بوتفليقة جثمان الراحل أحمد بن بلة الذي تم نقله أمس إلى قصر الشعب في الجزائر العاصمة حيث تم عرض جثمان الفقيد لتمكين كبار المسؤولين في الدولة والمواطنين من إلقاء النظرة الأخيرة عليه، وسيتم تشييع جنازة الفقيد بن بلة اليوم الجمعة بعد صلاة الظهر في مربع الشهداء في مقبرة العالية بالعاصمة.ويوارى بن بلة الثرى اليوم في مقبرة الشهداء. يغادر الفقيد الجزائر وهي تستعد للاحتفال بخمسين سنة من الاستقلال في ظل جدل محموم بين الجزائر وباريس حول الاعتذار وتجريم الاستعمار وتنكر فرنسا الرسمية لماضيها الاستعماري الملطخ بدماء الجزائريين. ..«بن بلة» مناضلاً ثم رئيساً بن بلة يعتبر أحمد بن بلة أحد أبرز وجوه الحركة الوطنية، بدأ نضاله السياسي في ريعان شبابه حيث انتمى إلى خلايا حزب الشعب الجزائري الذي أسسه رائد الحركة الوطنية مصالي الحاج، ولد بن بلة في مدينة مغنية أقصى الغرب الجزائري في العام 1916، وتابع دارسته في مسقط رأسه قبل أن ينتقل إلى تلمسان ليتابع دراسته الثانوية، وأدَّى الخدمة العسكرية أثناء الاحتلال الفرنسي للجزائر في 1937، وأدَّت أحداث الثامن من مايو 1945، والتي قتلت فيها فرنساالجزائريين المطالبين بالاستقلال بعد الحرب العالمية الثانية، إلى إعادة تشكيل وعيه السياسي، فانخرط في أغلب الأحزاب الوطنية التي كانت تطالب آنذاك بالاستقلال التام للجزائر، ، وحُكِمَ عليه بسبع سنوات سجناً، ولكنه فرّ من السجن وذهب إلى القاهرة ليؤسس رفقة حسين آيت أحمد ومحمد خيضر مكتب الوفد الخارجي لجبهة التحرير الوطني. وتعرَّض رفقة أربعة من مرافقيه محمد بوضياف، رابح بيطاط، وحسين آيت أحمد، ومصطفى لشرف، إلى عملية قرصنة جوية من قِبَل القوات الجوية الفرنسية عندما كان يعبر بطائرته المغرب متجهاً إلى تونس، وكان ذلك في 22 أكتوبر 1956، وبقي الخمسة معتقلين في سجن «حصن ليدو» بجزيرة أكس بمقاطعة شارونت البحرية حتى الاستقلال في 5 يوليو 1962. وأصبح بن بلة أول رئيس لمجلس الثورة، وفي 15 سبتمبر 1963 أول رئيسٍ للجمهورية، ولكن سرعان ما بدأت تطفو مشاكل إلى السطح بين بن بلة ورفقائه، ليدبر وزير دفاعه هواري بومدين أول عملية انقلاب في تاريخ الجزائر ولكن الرئيس الجديد في بيانه للجزائريين في 19 يونيو 1965 فضَّل أن يطلق على تلك العملية مصطلح «التصحيح الثوري» أي تصحيح مسار الثورة والدولة في نفس الوقت.وظل بن بلة معتقلاً وفي إقامة جبرية حتى 1980، حيث أطلق الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد سراحه في أكتوبر من هذا العام لينتقل إلى منفاه الاختياري في سويسرا ويؤسس في 1981 حزباً معارضاً «الحركة من أجل الديمقراطية في الجزائر»، حيث شكَّل مصدر إزعاج لسلطات بلاده.