في طقس دافئ ومشمس، شارك نحو مليون ايراني في تظاهرات شعبية في طهران ومعظم محافظات ومدن البلاد الرئيسية. وشهدت ساحة الحرية الشهيرة غرب طهران اكتظاظاً شديداً امتد الى الشوارع الستة المؤدية اليها. وتحدث الرئيس الايراني سيد محمد خاتمي في الحشود، وأكد انه ما زال متمسكاً بعد 18 شهراً من توليه السلطة بشعاراته المركزية، ولا سيما دولة المؤسسات والقانون، والمجتمع المدني الاسلامي والدفاع عن الثورة والدستور والوحدة الوطنية وحق الشعب في تحديد خياراته وتقرير مصيره. وأشار الى الضائقة الاقتصادية التي تعرفها ايران اليوم، لكنه بدا متفائلا بالمستقبل، وحرص على شحن مواطنيه بمفردات الأمل والتفاؤل تحت شعار "رب ضارة نافعة"، اذ رأى ان انهيار أسعار النفط المسبب للأزمة الاقتصادية الراهنة في ايران "قد تكون نافعة ودافعة نحو بناء اقتصاد لا يعتمد على الثروة النفطية". أما في ما يتعلق بالمحاور الخارجية، فقد خلت كلمة خاتمي من أي اشارة بالاسم لأي دولة أو جهة أو حتى الى "الشيطان الأكبر" و"الأعداء المتربصين والمتآمرين". وحرص في المقابل على تأكيد عنوان استراتيجية الخارجية منذ قدومه قبل عام ونصف عام عندما شدد على ضرورة انتهاج سياسة ازالة التوترات مع العالم. وخاطب الايرانيين بالقول: "تأكدوا ان حكومتكم تدافع عن الاسلام والثورة وقيم الحق والعدل في العالم، وتنادي بالسلام الحقيقي القائم على العقلانية والعدالة من دون ان تتراجع قيد أنملة عن مبادئها وقيمها، وخيارنا بالعمل على ازالة التوترات في علاقاتنا الخارجية ما زال ثابتاً". لكن البيان الختامي الذي اصدره المتظاهرون من فوق المنصة ذاتها التي تحدث منها خاتمي، بدا أقل مجاملة وأكثر صراحة في تحديد "الأعداء". فأكد "رفض الشعب الايراني المسلم أي حوار أو تطبيع مع الشيطان الأكبر أميركا". وانتقد بشدة الوجود العسكري الأميركي والحليف في الخليج "الذي يقتل الشعب العراقي والأبرياء المدنيين"، وأكد تعاطفه مع مسلمي البوسنة وكوسوفو و"الشعب الفلسطيني المجاهد". وقال قارئ البيان ان الايرانيين "ينددون بالاحتلال الصهيوني لفلسطين وأراضي دول اسلامية شقيقة ويعلنون رفضهم التسوية وبغضهم الكبير لهذا الكيان الغاصب والعنصر الرئيسي في انتشار الفساد والفرقة والأزمات في المنطقة ونؤكد استعدادنا لمواجهة هذه الغدة السرطانية". وتابع البيان: "ما دامت أميركا مستمرة في نهجها الاستكباري مع الجمهورية الاسلامية الايرانية والدول المستضعفة، وما دامت بحضورها العسكري الوقح في الخليج واعتدائها على الشعب العراقي المظلوم تتدخل في شؤون الدول الاقليمية وتفتعل الأزمات، فاننا نصر على مواقفنا تجاه ام الفساد في هذا القرن". وتطرق البيان الى ملفات داخلية وشدد على ضرورة "اعلان البيعة للقائد آية الله علي خامنئي والولاء للسلطات الثلاث وخصوصاً الرئيس المحبوب خاتمي وحكومته"، ودعا المتظاهرون "التيارات السياسية الى ان تؤكد على القواسم المشتركة وتتفادى التحركات المثيرة للتفرقة، والى ان تعلي مصالح النظام الكبرى على مصالحها الحزبية". وكان الايرانيون توافدوا على ساحة الحرية جنوب - غرب العاصمة منذ ساعات الصباح الأولى، وسط اجراءات أمنية مشددة.