يواجه شعراء وكتاب العامية في السعودية حملة مناهضة يقودها بعض المحافظين والأكاديميين، والغريب في هذه الحملة أنها متخصصة فقط في محاربة اللهجات السعودية، لكنها غير مهتمة بسطوة اللهجات المحلية العربية الأخرى في الأفلام والمسلسلات، والإعلانات، وكأن الخطر على اللغة العربية، والذوق السليم محصور بهذه اللهجات دون غيرها. قد يكون سبب التركيز على محاربة استخدام اللهجات السعودية في الإعلام والشعر، دون غيرها، هو حداثة دخولها وسائل الإعلام بهذا الشكل الواسع. فالعامية السعودية لم تصقلها المنابر، والإذاعات، والمقالات، والافلام السينمائية. لكن الوقت سوف يكشف لأصحاب هذه الحملة أنه لا فرق بين عامية وأخرى، وأن القضية هي مجرد فوارق في توقيت الاستخدام. إن مسألة استخدام اللهجات المحلية في الكتابة والفن والشعر لا بد أن تعالج في رأيي من اعتبارات أساسية أهمها، أن اللغة العربية ليست قطعة ثلج يخشى عليها من الذوبان، وإنما هي لغة القرآن، وقد وعد الله تعالى بحفظها. ثانياً أن المتحمسين لاستخدام العامية في الأعمال الفنية، لا يهدفون من ذلك إلى تغيير اللغة العربية، وإنما يُعبِّرون بكلمات يُحسُّون أنها تلامس وجدان الناس. ثالثاً أن على الذين يغارون على اللغة العربية أن يدركوا أن جميع اللغات في العالم تحاول الانفتاح على الآخر من دون أن تحس بهذا الخوف من الجديد. وأقرب مثال على ذلك اللغة الفرنسية التي أدخلت في السنوات الاخيرة عدداً من الكلمات العربية في قاموسها مثل "انتفاضة" و"بركة" وغيرها من الكلمات الغريبة على الفرنسية، وخلال وقت قصير ستكون "إن شاء الله" جزءاً من اللغة الفرنسية لشيوع استخدامها في فرنسا، ومع ذلك لم نسمع فرنسياً يدعو بالويل والثبور وعظائم الأمور لدخول كلمة "بركة" في قاموس اللغة الفرنسية. وأخيراً لا بد من الإشارة إلى أنه ليس من العدل و المنطق أن نكيل بمكيالين في تعاملنا مع استخدام اللهجات العربية في الإعلام والشعر، فنترك بعض اللهجات تأخذ حظها وتُصقَل في الإعلانات والأفلام والمقالات، والقصائد، وتعامل وكأنها من لهجات العرب الفصيحة، ونُحَرِّم على البعض الآخر أي فرصة للتعبير عن وجودها.