في إشارة على التحسن الواضح في العلاقة بين إيران و حركة "طالبان"، وصلت أمس شاحنات محملة بالبضائع الإيرانية والتركية يقودها سائقون إيرانيون من أصول تركية إلى مزار الشريف عاصمة الشمال الأفغاني الخاضعة لسيطرة الحركة. وجاءت الشاحنات من إيران وتركيا عبر الحدود التركمانية في وقت أجرى نائب حاكم ولاية جوزجان الافغانية الشمالية ملا حافظ كريم داد محادثات مع مسؤولين تركمان على حدود البلدين من أجل تنسيق المواقف في مكافحة المخدرات وتنظيم حركة الجمارك و عبور السيارات إلى جانب استيراد الكهرباء من تركمنستان إلى الولايات الأفغانية المتاخمة للحدود. وقالت مصادر أفغانية مطلعة ل "الحياة" أمس، أن مرور سائقين إيرانيين في مناطق خاضعة لسيطرة حركة "طالبان"، تطور هو الأول من نوعه منذ ظهور الحركة عام 1994. وكانت "طالبان" اعتقلت أكثر من 50 سائقاً ايرانياً بتهمة نقل أسلحة وذخائر إلى المعارضة الأفغانية في الشمال قبل سيطرة الحركة على الشمال في آب اغسطس الماضي، ما نتج عنه توتر في العلاقات مع طهران خصوصاً بعد قتل ديبلوماسيين إيرانيين وصحافي إيراني على أيدي عناصر من "طالبان". واوضحت مصادر أفغانية أن هذا التوجه الإيراني جاء بعد سلسلة من لقاءات ضمت مسؤولين من "طالبان" وآخرين إيرانيين من أجل تحسين العلاقات بين الجانبين "لغايات اقتصادية بالدرجة الأولى"، في ظل تضييق باكستاني على البضائع الأفغانية المارة بأراضيها خوفاً من عودتها غير مجمركة إلى باكستان، ما يضر بالاقتصاد الباكستاني. وسيوفر هذا التحرك سوقاً اقتصادية جديدة للبضائع الإيرانية والتركية ويعزز صلة البلدين بالسوق في آسيا الوسطى. وتعلّق إيران أهمية قصوى على هذا التطور الإيجابي وهي تسعى إلى تقديم ميناء بندر عباس كمنفذ وحيد لدول وسط أسيا الى العالم الخارجي. واعتبرت المصادر أن هذا يضر بالاقتصاد الباكستاني كونه يدفع الأفغان إلى إعادة تسويق هذه البضائع في مناطق القبائل غير الخاضعة لسيطرة الحكومة الباكستانية فينمو بذلك اقتصاد موازٍ كان حسب احصائيات أخيرة سبباً في 40 في المئة من خسائر الإقتصاد الباكستاني.. وحسب مصادر أفغانية قدمت من الشمال الأفغاني فإن 3000 شاحنة عبرت خلال الشهرين الماضيين من تركمنستان إلى أفغانستان .ويتردد ان تركمانستان تفرض على كل شاحنة افغانية رسماً مقداره 1000 دولار. ورأى محللون أن الانفتاح الإيراني تجاه "طالبان" جاء متزامناً مع تحرك أميركي يقوده مساعد وزير الخارجية الأميركية كارل أندرفورث الذي يصل إلى باكستان اليوم الإثنين من أجل البحث مع القادة الباكستانيين في مسألة أفغانستان وقضايا التسلح و الأسلحة النووية في المنطقة. منافسة صينية في غضون ذلك بدا ان افغانستان باتت مسرحاً لمواجهة اميركية - صينية بعدما أُعلن عن وصول وفد صيني رفيع المستوى إلى كابول أمس للقاء قادة "طالبان". وتعد زيارة هذا الوفد المكون من خمسة أشخاص، الأولى من نوعها منذ وصول المجاهدين إلى السلطة عام 1992، إذ أن الحكومة الصينية حرصت طوال فترة الأزمة الأفغانية على اتباع سياسة حليفتها باكستان في أفغانستان. وكانت معلومات رشحت أخيراً عن إقدام "طالبان" على تسليم الصين بقايا الصواريخ الأميركية من طراز "كروز" التي أطلقت على أفغانستان في آب اغسطس الماضي رداً على تورط اسامة بن لادن في تفجير سفارتي اميركا في نيروبي ودار السلام. وعلمت " الحياة " أن وفداً صينياً كان زار مناطق جنوب غربي أفغانستان وتفقد بقايا الصواريخ الأميركية كما حصل على إحداها وكان سليماً تماماً. وتخشى واشنطن أن تقوم الصين بتطوير صاروخ مماثل، ما دفع ستروب تالبوت للقيام بزيارة سرية غير معلنة إلى الصين للتحقق من هذه المعلومات.