"الانترنت أداة الثورة العالمية ضد العولمة والرأسمالية". هذا رأي موقع "18 حزيران/ يونيو" الذي ساهم في تنظيم الأعمال التحضيرية للانتفاضة المعادية للعولمة و"منظمة التجارة العالمية". ويشير التاريخ الى التمرين على الانتفاضة الذي جرى خلال الصيف الماضي في مدن مختلفة. ومع أن الترابط بين هذه النشاطات لم يكن واضحاً، إلاّ أن البوليس ووكالات التجسس الدولية تابعتها أولاً بأول. وٍأقام بعض قوات البوليس والأمن مواقع مناهضة في الفضاء الألكتروني للانترنت. ودخلت "وكالة المخابرات المركزية" سي آي أي في الولاياتالمتحدة ميدان أعمال الانترنت وأنشأت شركة خاصة لانتاج الوسائل التقنية الألكترونية. انتفاضة حزيران يونيو يمكن الاطلاع في الانترنت على وثائق انتفاضة حزيران يونيو، التي هيأت لأحداث سياتل. عرض موقع الانتفاضة نصوص التقارير الخبرية والصور الفوتوغرافية والتسجيلات الصوتية وأشرطة الفيديو التي التقطت في بلدان ومدن عدة. واستخدمت شبكة الانترنت في تنظيم النشاطات في نحو 50 بلداً. مجموعات متنوعة بشكل لا يصدق، من جماعات البيئة في زمبابوي وبولنده والبرتغال الى الاتحادات العمالية، كاتحاد عمال الملابس في بنغلاديش، الذي يضم مليون ونصف المليون عضو، واتحاد صيادي الأسماك في الهند واتحاد النقابات في النمسا والعاطلين عن العمل في فرنسا والسكان الأصليين في نايجيريا الذين يناضلون ضد شركات النفط وحتى المزارعين في أندونيسيا والسنغال. واستفادت المواقع الثورية في الانترنت من تقنية "العلاقة الموسوعية" Hyperlink "السحرية" التي تفتح "نوافذ" في الموقع نفسه للاطلال على عشرات المواقع الاخرى حول العالم. وكشفت انتفاضة 18 حزيران يونيو عن دور هذه المواقع التي تابعت نشاطات الثوار مع حركة الشمس من لحظة إشراقها على الكرة الأرضية في نيوزيلنده واستراليا الى الغروب في سياتل ومناطق الغرب الأميركي. في سيدني اقيمت مهرجانات واحتفالات في الشوارع ضد العولمة. وكما حدث في سياتل قامت مجموعات جوالة بالتحريض وإثارة الناس والدعوة الى رفع لافتات في الشوارع الرئيسية للأحياء المالية، وإنشاء مسارح الشوارع الجوالة، وتنظيم أعمال ذاتية تستهدف شركات معينة ضالعة في العولمة، وإقامة "ولائم غذاء ضد العولمة" وتحشيد جولات احتجاجية حول بنايات الشركات. "لا نقود ولا جوازات" ومع مسار الشمس سارت النشاطات الثورية عبر قارة آسيا، من كوريا الجنوبية الى تايلند وماليزيا وأندونيسيا التي شهدت مساهمات ريفية نظمها اتحاد فلاحي سومطرة، ومن هناك الى جنوب آسيا الى النيبالوبنغلاديشوالهند، حيث جرى تنظيم 25 نشاطاً احتجاجياً شارك فيه مئات الآلاف من الناس، الذين "همّشتهم العولمة والسياسات الاقتصادية لمنظمة التجارة العالمية"، وفق تعبير القائمين على موقع "18حزيران". ويظهر من سجلات الحركة أن النشاط الوحيد في منطقة الشرق الأوسط كان في اسرائيل ونظمته حركات البيئة، فيما شهدت أوروبا فعاليات عدة لحركات البىئة والاتحادات العمالية. واتسمت معظم الفعاليات الأوروبية بطابعها الاحتفالي المرح. ففي مالطا وميلان وروما اقيمت حفلات موسيقية راقصة في الشوارع. وشهدت مدينة كولون في ألمانيا "مسيرات ضاحكة" استهدفت بالسخرية زعماء دول "مجموعة الثمانية" الغنية. وتجولت عبرالمدن الأوروبية معسكرات الهنود التي شارك فيها 440 ناشطاً هندياً تحت شعار "لا نقود ولا جوازات سفر". وفي لوزان في سويسرا استعاد الناس بالغناء والرقص الشوارع التي خصصت للسيارات. وشهدت أسبانيا احتفالات "ملونة" في مدن بلباو في الباسك وفي مدن الجنوب كفالنسيا وهويلفا، حيث شاركت الحركات النسائية والجماعات المطالبة بالحكم الذاتي وأنصار البيئة والنقابات. واتخذت انتفاضة "18 حزيران" أعنف طابع لها في لندن التي شهدت تظاهرات أكبر من تلك التي حدثت الاسبوع الماضي في سياتل. استهلت الاحتفالات بهجوم مئات الدراجات الهوائية على "قلب الوحش"، وهو الاسم الذي يطلقه أعداء العولمة على "السيتي"، حي المال في لندن. وقامت مجموعات "طائرة" بهجمات ضد أهداف مختارة، كمطاعم همبرغر "ماكدونالدز" ووكالات التشغيل الدولية. ونظمت مسيرات خاصة ضد استخدام الفضاء للأغراض العسكرية، فيما افترش الناس الشوارع لمنع مرور السيارات. بوليس الانترنت وأينما يوجد ثوار يوجد بوليس والعكس صحيح. مقابل سلاح الانترنت في يد الثوار يوجد "انترنت" البوليس. بوليس حي المال في مدينة لندن أنشأ موقعاً خاصاً به في الشبكة يحتوي على صور فوتوغوافية للمتظاهرين المطلوبين بسبب مشاركتهم في أحداث حزيران يونيو. وذكر مصدر في بوليس لندن أن عرض الصور في الانترنت ساعد على تشخيص 13 شخصاً مطلوبين للتحقيق. ويعتقد كيرون شارب المسؤول عن التحقيق أن النشاطات العابرة للقوميات في الانترنت من أكثر الفعاليات الثورية تنظيماً. ورفض رجل البوليس ادعاءات الثوار أن نشاطاتهم عفوية ولا تشرف عليها قيادات منظمة، وذكر أن أعمال العنف التي وقعت مخطط لها بدقة. ولم يشرع البوليس بعد بالتعاون عبر الانترنت على الصعيد الدولي مع قوات البوليس في البلدان الاخرى. لكن الشبكة أصبحت هدفاً لملاحقات البوليس الدولي. أوضح ذلك توشينوري كانيموتو، رئيس البوليس الدولي "الانتربول"، الذي أعلن أخيراً أن شبكة الانترنت ينبغي أن لا تتحول الى عالم يسرح فيه الخارجون على القانون. واعتبر النشاطات السياسية "عابرة القوميات" نمطاً من الجرائم ينبغي ملاحقته. وتطور سلطات البوليس والأمن في بلدان عدة قدرات تقنية ووسائل للعمل داخل الانترنت. والزعامة في هذا الميدان ل"وكالة الأمن القومي" للولايات المتحدة NSA، المتخصصة بأعمال التنصت على المكالمات الهاتفية في جميع أنحاء العالم، ويُعتقد أنها تملك أكبر شبكة للتلصص على الانترنت. و دخلت الانترنت أخيراً، ومن الباب الواسع "وكالة المخابرات المركزية الأميركية" "سي آي أي". تجاوزت الوكالة المسؤولة عن أعمال التجسس اسلوبها السري حين أنشأت شركة خاصة لتطوير تقنيات الكومبيوتر وأدوات العمل في الانترنت. اسم الشركة In-Q-It. ويرمز الحرفان الأولان الى صفة المخابرات intelegence وحرف Q الى بطل أفلام جيمس بوند، والحرفان الأخيران الى تكنولوجيا المعلومات. وفي عدد قادم تعرض صفحة "علوم وتكنولوجيا" أسرار هذه الشركة التي يدّعي مؤسسوها أن الهدف منها تحرير المواهب الشابة في الانترنت من سيطرة الشركات الكبرى!