قتل احد أكبر المصرفيين في العالم، البليونير ادمون صفرا، وهو لبناني يهودي يحمل الجنسية البرازيلية، في حريق غامض اندلع في مقر اقامته في امارة موناكو، بعدما هاجمه رجلان مقنعان تمكنا من مغافلة حراسه الاسرائيليين. وذكرت شرطة موناكو ان صفرا توفي اختناقاً من جراء الحريق الذي اندلع في منزله المكون من طبقتين حوالى الساعة الخامسة والنصف فجراً بالتوقيت المحلي. وأشارت الى ان الحريق أودى بحياة احد العاملين لدى صفرا، في حين أصيب أحد حراسه بجروح من جراء سلاح أبيض لم يحدد نوعه، عندما حاول اعتراض المهاجمين. لكن حياته ليست في خطر. وفيما لم تكشف شرطة موناكو هوية القتيل الثاني، أشارت أنباء غير مؤكدة الى ان الأمر يتعلق بخادمة صفرا وأنه عثر على جثتيهما في أحدى غرف المنزل حيث كانا لجآ هرباً من النيران. وأصدرت محكمة إمارة موناكو التي تعد من أماكن الإقامة المفضلة لدى الأثرياء والمشاهير نظراً الى فخامتها وأمنها وغياب القوانين الضريبية فيها، مذكرة جلب بحق الشخصين المقنعين اللذين هاجما صفرا بتهمة "محاولة القتل وإشعال حريق متعمد". لكن الكثير من الغموض يلف ملابسات إقدام الرجلين على إشعال الحريق الذي بدأ خارج الطبقة الأخيرة من المنزل، ثم امتد الى داخله، وأيضاً كيفية تمكنهما من اقتحام المنزل على رغم الحراسة الاسرائيلية التي يحيط بها صفرا نفسه منذ سنوات عدة. وذكرت مصادر على صلة بالوسط المصرفي ل"الحياة" ان صفرا واجه متاعب جدية من جراء الأزمة المالية الروسية خلال صيف سنة 1998، إذ أظهر التدقيق في عمليات مصرف "ريبابليك بنك اوف نيويورك" ان مئات من الحسابات العائدة لمواطنين روس على صلة بعمليات تبييض الأموال لحساب المافيا الروسية. وأشارت الى ان الحريق الذي اندلع في منزل صفرا ربما هدفه اتلاف وثائق محرجة كان يحتفظ بها في المنزل. وأفادت مصادر أخرى ان مقتل صفرا جاء في وقت كان على وشك اتمام صفقة بيعه لمصرف "ريبابليك بنك أوف نيويورك" الى مصرف "هونغ كونغ اند شانغهاي بنكينغ كوربوريشن" بمبلغ قدره حوالى 10 بلايين دولار، وإعداده لبيع مجموعة "صفرا ريبابليك" القابضة. وذكرت انه كان يعتزم الاحتفاظ بالفرع التابع للمصرف في بيروت والذي يتولى ادارته رجا سلامة شقيق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لأن للبنان "مكانة خاصة في قلبه". وأشارت الى ان صفرا الذي يعاني من مرض "باركنسون"، رغب في ترتيب أحوال مؤسساته، استعداداً للتقاعد. وتعد شركة "صفرا ريبابليك" من أهم المجموعات المصرفية القابضة، حيث يقدر رأسمالها بحوالى بليون دولار، ولها فروع عدة في موناكو وسويسرا ولوكسمبورغ وغيرنسي وغيرها. وكان صفرا وُلد في بيروت، في أسرة تعمل في الحقل المصرفي منذ عهد العثمانيين، وانتقل سنة 1948 برفقة أسرته للإقامة في البرازيل فحصل على جنسيتها، وقام بأولى خطواته في الحقل المصرفي. وفي وقت لاحق وعلى ضوء اتساع نشاطه المهني، وتحوله الى ما يشبه الامبراطورية المالية، أصبحت اقامته موزعة بين موناكو وجنيف ونيويورك. وقال بعض الذين عرفوه وعملوا معه ل"الحياة" انه لم يكن يرغب في حيازة الجنسية الاسرائيلية وانه كان يمد يده دائماً لمساعدة اللبنانيين ممن يطلبون منه ذلك في نيويورك. والمعروف عنه وعن أسرته رعايتهما لمشاريع ثقافية وجامعية في كل من اوروبا واسرائيل التي رجح بعض المصادر ان يُدفن فيها.