المراسم الخاصة بالتشكيليين السوريين ظاهرة ثقافية تستحق الاهتمام. بدأت مع موافقة محافظة دمشق منذ أكثر من سنة على تخصيص عدد من غرف بيت السباعي، وهو من البيوت الدمشقية العريقة في حي البزورية وسط دمشق القديمة، لبعض الفنانين التشكيليين، ليستخدموها مراسم موقتة، ريثما يتم ترميم بيت أكبر وأوسع لاعتماده مرسماً دائماً لفناني دمشق المنتجين، يعملون فيه بشكل دوري على ضوء نشاطاتهم وتميزهم وحاجتهم. ولا شك بأن وجود مثل تلك المراسم يضفي الكثير من الحيوية على تلك البيوت، ويحقق هدفين أساسيين: حل مشكلة بعض الفنانين الذين تمنعهم ظروفهم المادية من ايجاد مرسم مستقل، وإظهار أحد الوجوه الأساسية للحياة الثقافية في سورية، وتعريف الجمهور الزائر بنشاطات التشكيليين. حققت تلك الفكرة، حلم الفنانين بوجود مراسم لهم في بيوت دمشق القديمة التابعة لدوائر الدولة المختلفة، خصوصاً تلك التي جرى الاعتناء بها، وإعادة ترميمها لاستقبال السياح باعتبارها نماذج جيدة للبيت الدمشقي الأصيل. ومنذ فترة قريبة، عرضت صالة عشتار أول معرض لنتاجات هؤلاء الفنانين ضمت أعمالاً لنذير اسماعيل وغسان السباعي وباسم دحدوح ونزار صابور وسوسن الزعبي ونذير نبعة وفائق دحدوح وصفوان داحول. وأتاحت هذه الفكرة للفنانين امكان اللقاء الدائم والحوار المفتوح بين تجاربهم والمتلقي العادي والزائر الأجنبي والعربي الذي يزور دمشق القديمة، ليجد فيها شيئاً جديداً حياً في فضاء العمارة التقليدية الزاخرة بفنونها وجمالياتها وزخارفها. وفي هذا الاطار يأمل التشكيليون السوريون أن تجد هذه الظاهرة تطورها، وثباتها، وحمايتها، ضمن قوانين معينة تنظم علاقة هذه المراسم بالجهات المعنية، حتى لا تكون ظاهرة عابرة، أو موقتة. وامتدت ظاهرة المراسم الى مدينة حماه فوافقت المحافظة على تخصيص بيت قديم مهجور في حماه القديمة مرسماً للتشكيليين في المحافظة، حيث أحيا هؤلاء الفنانون هذا البيت الذي له علاقة بالعمارة الحموية التي تتمتع بطراز خاص، فأصبح محط أنظار الناس والسياح يزورونه ويتعرفون من خلاله الى أحد أهم معالم المدينة، ويشارك في مراسم حماه نخبة من أهم فناني المدينة نذكر منهم: بركات عرجة وسهام منصور ومصطفى الراشد نجيبة وموريس سنكري وفريز فرزات وفايز عبدالمولى وعماد جروة ومحمود شيخوني ومفيد زغرات وحسان سبج ووائل مصري وموفق جمال. الفنان عرجة قال ل"الحياة": ساعدني هذا المكان على أن أجد نفسي التي نسيتها منذ خمسة وعشرين عاماً من جديد، لكأني أرسم للمرة الأولى، لقد وفر لي هذا المكان امكان الاحتراف والرسم الدائم والتأمل. انه فضاء مفتوح للشغل... والروح.