قال الرئيس التركي سليمان ديميريل ان وضع العراق الحالي مثار قلق وضرر لبلاده التي تعاني هي ايضاً من الحصار المفروض على العراق، واشار الى ضرورة رفع هذا الحصار من خلال التزام بغداد بقرارات الاممالمتحدة أولاً. وأكد ان الفراغ الأمني الحاصل في شمال العراق جراء وضعه الحالي يجبر تركيا على الاحتفاظ ب"حزامها الأمني" وعملياتها العسكرية هناك. جاء ذلك في مؤتمر صحافي عقده ديميريل امس قوّم فيه أحداث العام من وجهة نظر تركيا، وتطرق فيه الى علاقات تركيا مع الدول العربية، مشيراً الى ان بلاده تعير تلك العلاقات أهمية خاصة. وذلل على ذلك بعلاقته الخاصة مع الرئيس المصري حسني مبارك والتي وصفها بالأخوية، وكذلك بزياراته لبعض دول الخليج والمغرب العربي. ووصف علاقات بلاده بالأردن وفلسطين بأنها ممتازة. وأفرد ديميريل لسورية وضعاً خاصاً مقارنة بالدول العربية الأخرى، قائلاً ان العلاقات بين انقرةودمشق ستظل في تحسن مستمر ما دامت دمشق تلتزم اتفاق اضنه الأمني الذي وقعه البلدان في تشرين الأول اكتوبر 1998. واضاف ديميريل ان العلاقات التركية - الاسرائيلية تنبع من تبادل المنافع والعمل من اجل المصالح المشتركة. وقال ان الدول العربية بدأت تعي حقيقة هذه العلاقة بوضوح، وذكر بأن التعاون التركي - الاسرائيلي ليس موجهاً ضد أي دولة ثالثة. كما تمنى ان تنتهي محادثات السلام مع اسرائيل على كل المسارات في أقرب وقت، مشيراً الى ان السلام في المنطقة هو ما تسعى اليه تركيا ولا تقلق من عواقبه ابداً، في اشارة غير مباشرة الى الانعكاسات المحتملة للسلام السوري - الاسرائيلي على تركيا في المنطقة. وفي ما يتعلق بالقضية الكردية، قال ديميريل ان على البرلمان ان ينتظر قرار محكمة حقوق الانسان الأوروبية بخصوص القضية قبل اتخاذه قراراً بشأن اعدام زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله اوجلان، ووجه دعوة جديدة لعناصر "الكردستاني" لتسليم انفسهم للسلطات التركية قائلاً ان الصراع مع هذا الحزب قد انتهى. لكنه اشار الى ان التخلص من الارهاب قد يستغرق وقتاً. وتعهد بأن تقوم الحكومة خلال السنوات الأربع المقبلة بإصلاحات جذرية وكبيرة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية، في مقدمها تحسين سجل حقوق الانسان وضمان الحريات في تركيا، اذ اشار بثقة الى ان تركيا ستكون جاهزة للانضمام للاتحاد الأوروبي عام 2004 بعد اتمام هذه الاصلاحات، وانها "ستنضم الى قائمة الدول العشر الأكثر تقدماً في العالم بحلول عام 2010 عندما يبلغ معدل دخل الفرد في تركيا عشرة آلاف دولار سنوياً وتتعدى قيمة صادراتها 200 بليون دولار". من جانب آخر طالب ديميريل روسيا بانهاء الحرب في الشيشان، لكنه اكد في الوقت ذاته ضرورة استمرار روابط الصداقة بين انقرة وموسكو. وكان اكثر ما جذب الانتباه في حديث ديميريل تأكيده مراراً ان تركيا ستشهد تغييرات كبيرة تفوق التصور خلال السنوات القليلة المقبلة، واختتامه حديثه بالقول: "ان ما كنا نراه خطأ سابقاً قد يتحول الى صواب مستقبلاً والعكس صحيح". ويجدر بالذكر ان فترة ديميريل الرئاسية تنتهي في ايار مايو من العام المقبل وان مراقبين يتوقعون ان تشهد تركيا أزمة سياسية اثناء اختيار رئيس جديد لفترة سبع سنوات. وكان ديميريل اقترح تعديل الدستور للسماح للرئيس بفترة رئاسية ثانية مع اختصار هذه الفترة الى خمس سنوات، وطالب بأن ينتخب الرئيس من قبل الشعب وليس البرلمان. ولذلك لم يتطرق ديميريل في حديثه الى دور الجيش في عالم السياسة الداخلية، بل قال انه يدعم قرارات 28 شباط فبراير العسكرية. وربما كان ذلك تمهيداً لنية ديميريل ترشيح نفسه لدورة رئاسية جديدة اذا ما تم التعديل الدستوري المطلوب.