أكدت دمشق انها "تعرف كيف تدافع عن مصالحها" مشيرة الى ان "لغة الوعيد والتهديد" التي تطلقها تركيا ضد سورية "لا تجدي نفعاً"، ذلك ان "لغة الحوار هي الوحيدة القادرة على حل جميع الاشكالات العالقة" بين دمشقوانقرة. جاء ذلك في بيان رسمي صدر عن القيادة المركزية لپ"الجبهة الوطنية التقدمية" التي استمعت الى تقرير سياسي قدمه وزير الخارجية فاروق الشرع، بعدما تلقى الرئيس حافظ الاسد مساء أول من امس اتصالات هاتفية أكد فيها ولي العهد السعودي الامير عبدالله بن عبدالعزيز والرئيسان اليمني على عبدالله صالح والسوداني عمر حسن البشير "تضامن" بلادهم مع سورية ضد التهديدات التركية و"تأييد الموقف السوري الداعي للحوار الديبلوماسي" لحل المشاكل العالقة بين الطرفين. وأعلنت مصادر رسمية ان الشرع قدم في اجتماع "الجبهة الوطنية" تقريراً سياسياً حول "التطورات السياسية خصوصاً ما يتعلق بالتصعيد الخطر الذي لجأت اليه الحكومة التركية في ما يتصل بعلاقاتها مع سورية وبلغة التهديد التي استخدمتها وبتوجيه الاتهامات الى سورية في شأنٍ هو من صميم المشاكل التي ظلت تركيا تواجهها على امتداد سنوات طويلة"، وأشارت الى ان سورية عملت دائماً على "حل المشاكل العالقة بالوسائل السياسية واستخدمت في خطابها لغة العقل والمنطق ودعت الى قيام حوار ودّي وجدي حول هذه المشاكل بهدف التوصل الى الحلول المناسبة التي تحفظ حقوق البلدين وتحافظ على علاقات حسن الجوار". وابرزت وسائل الاعلام الرسمية امس نفي وزير الخارجية اللبناني السيد فارس بويز وجود معسكرات لپ"حزب العمال الكردستاني" بزعامة عبدالله اوجلان في البقاع اللبناني. وتضم "الجبهة الوطنية" الاحزاب السياسية الرئيسية في البلاد منذ ائتلافها في العام 1972، وهي تجتمع عادة في حال حصول تطورات سياسية مهمة. واشارت المصادر الرسمية الى ان التهديدات التركية "ليست بعيدة عن التحالف" بين انقرة وتل ابيب. وأكد المجتمعون ان هذه "المواقف التصعيدية لن تجدي نفعاً مع سورية التي تعرف كيف تدافع عن مصالحها ومصالح أمتها العربية، وان لغة التهديد والوعيد ليست اللغة الصالحة للتعامل بين الدول". وكان الناطق الرئاسي السيد جبران كورية أعلن مساء اول من امس ان الامير عبدالله بن عبدالعزيز اتصل بالرئيس الاسد و"عبر عن تضامن السعودية مع سورية وتقديرها لمواقفها ودعوتها الى معالجة الامر مع تركيا بالطرق الديبلوماسية وحرصها على مصالح العرب والمسلمين". واضاف ان الرئيس اليمني دعا في اتصالين هاتفيين يومي امس وأول من امس الى "معالجة المسائل بين انقرةودمشق بروح حسن الجوار والتاريخ المشترك"، بعدما أكد "تضامن" صنعاء مع دمشق، كما ان الرئيس السوداني "أبدى القلق للتصعيد الذي لجأت اليه بعض الاوساط التركية حيال سورية مؤكداً تضامن بلاده مع سورية وشعبها في وجه الاستفزازات والتهديدات التركية وتقدير السودان للروح العربية والاسلامية التي تعالج بها سورية الموقف". وقال الناطق الرئاسي ان لقاء الرئيس الاسد ونظيره اللبناني الياس الهراوي مساء الاثنين تناول "الوضع الناشئ في المنطقة نتيجة مواقف وتصريحات بعض المسؤولين الاتراك، وان الهراوي عبر عن تضامن لبنان رئيساً وحكومة وشعباً مع سورية في موقفها الحكيم الداعي الى اعتماد الحوار الديبلوماسي لحل المسائل العالقة". وفي الكويت أ ف ب ذكرت وكالة الانباء الكويتية ان أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح اتصل هاتفياً امس بالرئيس السوري حافظ الأسد والرئيس التركي سليمان ديميريل وحثهما على حل الأزمة بين بلديهما بالحوار. وأوضحت الوكالة ان الشيخ جابر "اثنى خلال مكالمته مع الرئيس الأسد على الموقف الذي أعربت عنه سورية في شأن الرغبة في الحوار والتباحث لحل الوضع بين البلدين الجارين". وأضافت ان الشيخ جابر شدد في اتصاله مع الرئيس ديميريل على ان "لغة الحوار والتباحث هي السبيل الأمثل لعلاج حدة التوتر بين البلدين المسلمين، كما أنها تجنب المنطقة أزمة جديدة اضافة الى الأوضاع الحالية المتأزمة التي ستنعكس آثارها سلباً على كامل المنطقة". وفي سبها جنوب ليبيا رويترز، أ ف ب.، قال الرئيس الليبي العقيد معمر القذافي انه سيعتبر أي هجوم تركي على سورية "اعتداء" على ليبيا، وذلك في كلمة ألقاها الليلة قبل الماضية خلال اجتماع في المدينة، وحذر فيها انقرة من اجراءات اقتصادية ضدها، معتبراً ان "اعلان تركيا هو تمهيد لدخول اسرائيل لاحتلال سورية بسهولة". وتساءل القذافي: "أين معاهدة الدفاع العربي المشترك". واكد "ان العرب لا يريدون ان يدافعوا عن وجودهم وحريتهم"، وأضاف ان "أي اعتداء على سورية هو اعتداء على ليبيا"، مهدداً "عشرات الشركات التركية العاملة في ليبيا بأنها ستفقد عملها لتحل محلها الشركات اليونانية نكاية بتركيا". واشنطن وفي واشنطن، أعلنت ادارة الرئيس بيل كلينتون امس تأييدها للمبادرة التي يقوم بها الرئيس المصري حسني مبارك لخفض حدة التوتر بين دمشقوانقرة، ودعت كلاً من تركيا وسورية الى حل الخلافات بينهما بالوسائل السياسية والديبلوماسية، مشيرة الى انها على اتصال بالحكومتين لتهدئة الوضع. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية جيمس فولي انه على رغم الحملات الكلامية القاسية بين سورية وتركيا، فإن البلدين اكدا دعمهما لمبدأ "حل الخلاف بالوسائل الديبلوماسية"، وان الرئيس مبارك الذي زار دمشق خلال عطلة نهاية الاسبوع ويزور انقرة "سيسعى الى خفض التوتر. وبالطبع نؤيد جهوده لحل الأزمة بالوسائل الديبلوماسية". وكرر فولي موقف الادارة من حزب العمال الكردستاني، واعتباره "منظمة ارهابية" وبمعارضة مواقف الدول التي تقدم الملجأ له. وقال: "لقد حضينا سورية باستمرار على وقف دعمها لحزب العمال الكردستاني"، وتابع ان "سورية على قائمة الدول التي تدعم الارهاب كونها قدمت الملجأ للمنظمات الارهابية كحزب العمال". وسئل ما إذا كان لدى الادارة الاميركية أدلة تشير الى ان حزب العمال الكردستاني يعمل في سورية، فأجاب ان ما يعرفه هو ان عدداً من اعضاء قيادة الحزب يقيم في سورية. ولم يقلل المسؤول الاميركي من مخاطر التوتر بين دمشقوانقرة، رغم انحصاره حتى الآن بالحملات الاعلامية الشديدة اللهجة. وفيما نقلت وكالة "رويترز" من ديار بكر عن أحد مسؤولي الأمن الاتراك ان الجيش التركي ألغى عطلات كل الوحدات العاملة على الحدود التركية - السورية على امتداد 877 كيلومتراً بسبب الموقف المتوتر بين أنقرةودمشق، وانه طلب من آلاف الجنود وقوات الأمن إلغاء اجازاتهم، اعربت موسكو عن قلقها من "تصاعد التوتر" على حدود البلدين وطالبت انقرة بأن "تسحب فوراً" قواتها من شمال العراق. وذكر بيان رسمي أصدرته وزارة الخارجية الروسية ان التصعيد بين أنقرةودمشق "أياً كانت دوافعه ... سوف يزيد من حدة التوتر في منطقة الشرق الأوسط الغاصة بالأزمات". وأشار البيان الى ان التصعيد "يجري في منطقة قريبة" من الحدود الجنوبيةلروسيا والكومنولث، ودعا الى ضبط النفس، والشروع في حوار سياسي لإزالة التوتر، معتبرة الموقف السوري "بناء"، ورحبت بجهود الرئيس المصري حسني مبارك لإيجاد حل للمشكلة. وأبدت روسيا استعدادها للتوسط ل "إقامة الحوار" بين أنقرةودمشق. من جهة أخرى، أكد الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية فلاديمير رحمانين ان على تركيا ان "تسحب فوراً" قواتها من شمال العراق وان لا تسمح بتكرار "مثل هذا العمل" لاحقاً. وأشار الى ان مكافحة الارهاب ينبغي ان تتم في صورة تراعي احكام القانون الدولي وليس بتصرفات "تناقض الشرعية الدولية". وفي عمان أ ف ب، دعا مجلس النواب الأردني الى تطويق الأزمة الناشبة بين "الجارتين المسلمتين" سورية وتركيا، وانتقد ضمناً هذه الأخيرة لاتخاذها مواقف "متشنجة" وطالبها ب "وقف التهديدات والتلويح بالمواجهة العسكرية" مع سورية. واتهمت الصحف العراقية من جهتها، أمس تركيا أ ف ب بتنفيذ مؤامرة اميركية - صهيونية تستهدف سيادة الدول العربية المجاورة لها، لا سيما سورية والعراق. ودعت صحيفة "العراق" تركيا الى التراجع عن هذه السياسة قائلة: "ان على حكام تركيا ان لا يتحولوا الى مخلب قط صهيوني - اميركي في ايذاء العرب واشغالهم عن قضاياهم القومية، والأجدى بهم ان يعودوا الى جادة الصواب والمنطق وان يكفوا عن غلوائهم واندفاعهم المحموم في معاداة الأمة العربية خدمة للمخطط الصهيوني الامبريالي". من جهتها، اعتبرت صحيفة الجمهورية ان "السلوك التركي سيلحق بعلاقات تركيا مع العراق ومع الأمة العربية اضراراً كبيرة". ورحب عضو المجلس الوطني العراقي والقيادي في حزب البعث الحاكم سعد قاسم حمودي امس بالجهود التي يبذلها الرئيس المصري حسني مبارك لحل الأزمة بين سورية وتركيا، ومنع وصولها الى درجة الصدام المسلح. وقال لوكالة "فرانس برس"، "ان هذا التحرك الذي يقوده الرئيس مبارك هو خير للعرب وخير للاتراك على حد سواء، واننا نرحب بأي جهد عربي يحول دون دفع الامور الى حافة الصدام المسلح". وفي لندن تلقت "الحياة" بياناً صادراً عن "مكتب الإرشاد للاخوان المسلمين" عنوانه "بيان حول الحلف التركي - الاسرائيلي" يستنكر "إنشاء المحاور الاستعمارية الظالمة، وبوادر العدوان على أمتنا وشعبنا العربي المسلم في سورية". ويدعو "الدول العربية والاسلامية شعوباً وحكومات للوقوف سداً منيعاً وجبهة واحدة في وجه أي تهديد، حائلين دون وقوع أي صدام بين المسلمين وذلك من قبل ان يستفحل الخطر وتقع الواقعة".