كان فن السينما اخترع قبل بداية القرن العشرين بأربع سنوات على الأقل. غير ان الافلام التي كانت تحقق خلال تلك السنوات كانت عبارة عن تسجيل، بالصورة المتحركة، لأحداث حقيقية، أو في أحسن الأحوال، بعض المشاهد المسرحية وقد مرت أمامها الكاميرا. ولكن في شهر ايار مايو من العام 1902، اطلّت السينما على جمهورها اطلالة مفاجئة لم يكن أحد يتوقعها على الإطلاق. وكانت طلّتها على يد الفرنسي جورج ميلياس، الذي أسس في ذلك الحين لنوع من السينما سيصبح هو، وحتى نهاية القرن مع فيلم "التهديد الخفي" لجورج لوكاس، النوع المفضل لدى الجمهور العريض، والناجح أكثر من أي نوع آخر، ونعني به "الخيال العلمي". إذن، كان أول أفلام الخيال العلمي في ذلك الحين، فيلم الفرنسي ميلياس "رحلة الى القمر" الذي اقتبسه عن رواية كانت بدورها سحرت الناس جميعاً، واعطتهم ألف سبب وسبب لكي يحلموا بالبعيد وبآفاق الفضاء اللامتناهية: هي رواية جول فيرن التي تحمل الاسم نفسه. في ذلك الحين لم يكن في امكان البشرية ان تتوقع الوصول حقاً الى القمر، ولا كان في امكان أهل السينما ان يتوقعوا التقدم التقني الذي سيطرأ على هذا الفن ويحوله الى ألعاب بالكومبيوتر. يومها كان كل شيء يدوياً، الخدع، المناظر وما الى ذلك. ومع هذا اعتبر الفيلم فتحاً في عالم الصورة واعتبر معجزة صغيرة أين منها المعجزات. وترسخت لميلياس مكانة فنية مكنته من ان يحقق أفلاماً عدة من النوع نفسه، كما ترسخت له مكانة تاريخية ظلت مرتبطة باسمه حتى بعد رحيله فقيراً حالماً معدماً، اذ عجز عن ان يجاري الاميركيين لاحقاً في ميدان اختراعه هو، وطوروه هم.