يبدأ في أول كانون الثاني يناير المقبل العمل بالقرار الجديد الذي أُعلن في مسقط عن خفض الرسوم الجمركية واعادتها الى مستوياتها السابقة قبل رفعها في النصف الأول من سنة 1999 الى 15 في المئة بعد تراجع أسعار النفط ولمواجهة العجز في الموازنة التي كانت أعدت على أساس 12 دولاراً للبرميل. وجاء قرار خفض الرسوم بعد خمسة عوامل أساسية لتحريك الاقتصاد العُماني. وصدرت ردود فعل ايجابية من رجال الأعمال العمانيين والعاملين في القطاع الاقتصادي ترحيباً بقرار إعادة الرسوم الجمركية الى ما كانت عليه، بعد دعوات عدة لإعادة النظر في القرار السابق الذي سبب صدمة للكثيرين خصوصاً ان السيد سالم بن هلال الخليلي رئيس غرفة تجارة وصناعة عمان قال: "ان رفع الرسوم قتل للاقتصاد العماني" محملاً القرار مسؤولية الركود الذي ضرب الاقتصاد الناشئ الذي كان يجاهد لجذب الاستثمارات ورؤوس الأموال الى عدد كبير من المشاريع الاقتصادية الكبرى التي لا يزال بعضها معطلاً بسبب انسحاب الممولين الأجانب أو ترددهم في البدء بالتنفيذ. واقترح الخليلي في حينه، بدلاً من رفع الرسوم، تبني سياسات الترويج للأعمال والاستثمارات وتوسيع آفاقها. ودافع السيد مقبول بن علي سلطان وزير التجارة والصناعة عن زيادة الرسوم وقال: "انها كانت ضرورية للخروج بالبلاد من أزمة اقتصادية عنيفة سببها تراجع أسعار النفط العنصر الأساسي في الدخل العماني". وأضاف، في معرض اجاباته على استفسارات مجلس الشورى "ان انخفاض أسعار بعض السلع الضرورية في الأسواق الدولية خفف من تأثير زيادة الرسوم الجمركية". وطرح مقارنة للأسعار قبل زيادة الرسوم وبعدها وأوضح ان 283 سلعة انخفضت أسعارها مقارنة ب247 سلعة ارتفعت وتم تثبيت أسعار 505 سلع من مجموع 1025 سلعة شملتها الدراسة. ورأى البعض ان السلع التي شملها قرار الرفع ليست كمالية بل ان بعضها يعتبر ضرورياً والمستهلك هو من يدفع في نهاية الأمر فاتورة رفع الرسوم الجمركية ليتحول من مدخر الى مدين وبالتالي تتراجع قوته الشرائية التي تعطل دورة الحياة في الاقتصاد. وجاء الأمر السلطاني تلبية لمتطلبات عدة أوجدتها الظروف الراهنة ولحسم ما سببه قرار رفع الرسوم من سلبيات ستكون آثارها الأكبر مستقبلية على التخطيط العماني الذي نُظّم من أجله مؤتمر الرؤية المستقبلية للاقتصاد العماني 2020. ويمكن اجمال الأسباب التي دعت الى إعادة الرسوم الى ما كانت عليه بالآتي: 1- تحسّن أسعار النفط الذي ساهم الى حد كبير في زوال الأسباب التي أدت الى رفع الرسوم ومن ثم فإن ابقاءها مرتفعة لن يكون مقنعاً للمستهلك أو رجل الأعمال أو حتى للمستثمر الذي يرغب في رؤية أوضح تتيح له تحقيق حساباته القائمة على الربحية اولا وأخيراً. 2- ان السلطنة تواجه استحقاقاً خليجياً صعباً يتمثل في الاتحاد الجمركي الذي سيبدأ العمل به سنة 2005 بعدما أقرته قمة دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض. وعُمان من الدول الخليجية الست التي تُعَد رسومها الجمركية مرتفعة الى حد ما، وفي ضوء ذلك فإن ترتيب الأوراق بات مهماً وضرورياً لتقريب النسبة من السقف المحدد خليجياً. 3- قرب السلطنة، خصوصاً ولايات منطقتي الباطنة والظاهرة، من الأسواق الاماراتيةودبي بمناطقها الحرة وتسهيلاتها الجمركية ما جعل من دبي سوقاً دائمة لرجل الأعمال العماني أو المستهلك على حد سواء بسبب التباين في أسعار السلع بين السلطنة ودولة الامارات ومن السهل جداً مشاهدة عشرات السيارات تصطف باستمرار على منافذ الحدود العمانية - الاماراتية محملة بأنواع مختلفة من السلع كالأجهزة الكهربائية أو الأثاث وقطع غيار السيارات والالكترونيات وغير ذلك من السلع. 4- ان دعوات السلطان قابوس المستمرة، خصوصاً خلال جولته السنوية السنة الجارية ركزت على فتح الاقتصاد والاهتمام بنموه لمواجهة العولمة اضافة الى مفاوضات دخول السلطنة الى منظمة التجارة الدولية المقررة في السنة 2000. كل ذلك أوجد دوافع اضافية للاهتمام بتجاوز ما من شأنه عرقلة النمو الاقتصادي أو الحد من قدرته التنافسية. وفي هذا الاطار شُكل في الاسابيع القليلة الماضية، مجلس رجال الأعمال برئاسة الشيخ سالم الخليلي. ومن مهمات المجلس متابعة الاقتصاد العماني ودرس العراقيل او الاجراءات التي تحد من نموه. وشكلت لهذا الغرض لجان عدة للمتابعة والتنسيق، اضافة الى مجلس التنسيق الاقتصادي برئاسة السيد سيف بن حمد البوسعيدي وزير ديوان البلاط السلطاني. 5- وكانت أهم العوامل في التراجع عن القرار حالة الكساد أو الركود التي اصابت الاقتصاد العماني المتطلع الى مساحات أفضل للرؤية المستقبلية. وكانت شكاوى رجال الأعمال لا تنقطع خصوصاً ان هناك عدداً من القطاعات الاقتصادية تضرر كثيراً من أهمها القطاع المصرفي وما أحدثته أزمة نقص السيولة ما أوجد وضعاً صعباً.