دخل الجيش الروسي امس دون قتال الى مدينة شالي التي امهل سكانها حتى الاثنين لطرد المقاتلين الشيشانيين منها قبل "تطهيرها". وكانت شالي، الواقعة على مسافة 20 كيلومتراً جنوب شرقي غروزني، آخر مدينة كبيرة خارج سيطرة القوات الروسية عدا العاصمة الشيشانية. ورفض رئىس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين مجدداً اتهامات موجهة الى موسكو باستعمال غير متوازن للقوة او ممارستها سياسة الاحتلال. وسُجّل خروج كثيف للمدنيين من غروزني. واعترفت القيادة الروسية بفقدانها مروحيتين، فيما طالب كنوت فوليبيك رئيس منظمة الامن والتعاون الاوروبية اثناء جولته القوقازية روسيا بعدم تجاهل النواحي الانسانية للحرب في الشيشان. وصرح بوتين في حديث مع ضباط القوات الصاروخية في محافظة ارخانغيلسك في شمال روسيا امس بان "ما من احد يستطيع اتهام السلطة الروسية بانها تستخدم القوة بشكل غير متوازن او مناسب في مكافحتها الارهاب في الشيشان، او تستطيع وصف روسيا بانها دولة تمارس الاحتلال". واضاف ان القوات الروسية تدافع في الشيشان عن "وحدة اراضي روسيا الاتحادية وعن الشعب الشيشاني الذي وقع في قبضة الارهابيين والعصابات". وقال بوتين في مقابلة نشرتها صحيفة "فيدوموستي" امس أ ف ب ان موسكو "تعتزم منح الشيشان درجة من الحكم الذاتي تضمن من جهة التوازن بين المصالح القومية والشيشانية، وتكون من جهة ثانية متطابقة مع الدستور الروسي والقوانين التي تنظم العلاقات بين المركز واعضاء الاتحاد". ومنذ نهاية الحرب الروسية - الشيشانية في 1996، لم يتم تحديد وضع الشيشان التي باتت تتصرف بحكم الامر الواقع كدولة مستقلة لم تعترف بها لا موسكو ولا أي بلد آخر. يشار الى ان روسيا دولة اتحادية يتمتع اعضاؤها بحكم ذاتي يختلف بحسب وضعية كل منها. وفي باريس، اعلن وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين انه "ما من احد يملك في الوقت الحالي وسيلة للضغط على روسيا، لكن ينبغي ان نذكرهم بانهم ينتهكون تعهداتهم وانه من غير المجدي التفكير في حل عسكري". واضاف فيدرين "اعرف انه لا توجد وسيلة لممارسة ضغوط فورية وفعالة" لارغام موسكو على وقف عمليتها العسكرية، لكن "هناك اتفاقاً على ان نقول لروسيا ان ما تقوم به خطأ تماماً وينبغي العودة الى الحل السياسي". وصرح سيرغي شويغو وزير شؤون الطوارىء الروسي امس بان عدد المدنيين الذين غادروا غروزني خلال الايام الاربعة الاخيرة قد تجاوز 3 آلاف شخص. واضاف ان القوات الفيديرالية لم تعد تقصف الاحياء السكنية والطرق في غروزني منذ نهاية الاسبوع الماضي. وقال انها ستواصل هذا الوقف المحدود لاطلاق النار من الساعة الثامنة صباحاً وحتى الرابعة نهاراً في الايام المقبلة لتسهيل خروج المدنيين، بالاضافة الى تأمين باصات لنقلهم. وتابع الوزير الروسي انه يحاول الاتصال بالرئيس الشيشاني اصلان مسخادوف لبحث مسائل متعلقة بالمدنيين في غروزني الذين يتمركزون حالياً، حسب قوله، في اطراف المدينة وليس في وسطها. واكدت وزارة الدفاع الروسية نجاح عملية التمشيط في مدينة شالي جنوب العاصمة الشيشانية. وكان وجهاء شالي الذين فاوضوا على رحيل المقاتلين الشيشانيين، اكدوا للجيش الروسي انه لن يواجه مقاومة في المدينة. واعلن الجنرال الروسي غينادي تروشيف قائد العمليات على الجبهة الشرقية في وقت سابق انه ستتم "تصفية" المقاتلين المتبقين في شالي. واشارت مصادر في قيادة القوات الفيديرالية في شمال القوقاز الى ان تقدم الجيش الروسي في ضواحي غروزني اجّج الخلافات بين مسخادوف والقائد الميداني المتشدد شامل باسايف. فبينما يريد باسايف ان يخرج مع فصائله من العاصمة الشيشانية لتنظيم حرب العصابات الواسعة في كل اراضي الشيشان والمناطق المجاورة لها، يرى مسخادوف ان انسحاب المقاتلين من غروزني سيؤدي الى انهيار معنويات جميع المقاومين للزحف الروسي وسقوط مشروع الدولة الشيشانية المستقلة. من جهة اخرى، اعترفت موسكو بتدمير مروحيتين عسكريتين اثناء عملية البحث عن طيار روسي اسقطت طائرته من نوع "سوخوي" الاثنين الماضي ومقتل طاقم احداهما المكون من ستة اشخاص، فيما اُعلن عن انقاذ الطيار المفقود. وعلى صعيد آخر، بدأ كنوت فوليبيك الرئيس الحالي لمنظمة الامن والتعاون الاوروبية جولته في شمال القوقاز، والتي تطلب وضع برنامجها مناقشات صعبة في موسكو. وصرح المسؤول الاوروبي في محج قلعة عاصمة داغستان بعد تفقده اوضاع النازحين والمهجرين ان روسيا "يجب الاّ تنسى نواحي انسانية خلال تصديها لاعمال الارهاب". وجدد فوليبيك دعوته لموسكو لفتح حوار مع قوى مؤثرة في الشيشان، من ضمنها مسخادوف. وكان بوتين تعهد توفير "السلامة التامة" للمسؤول الاوروبي خلال جولته القوقازية.