يسعى وزير الخارجية السوري السيد فاروق الشرع الى تجنب المصافحة العلنية مع رئيس الوزراء الاسرائىلي ايهود باراك يوم غد، في حين يصر الجانبان الاسرائىلي والأميركي على ذلك. ويؤكد المسؤولون السوريون ان الهدف من لقاء باراك - الشرع "ليس اعلامياً" وانهم يريدون "الخوض في جوهر المفاوضات لإحراز تقدم في اقرب وقت ممكن". وتوقعت مصادر ديبلوماسية مطلعة في واشنطن، امس، ان يطغى الطابع البروتوكولي والاحتفالي على اجتماع البيت الابيض غداً الاربعاء بين الشرع وباراك برعاية الرئيس بيل كلينتون الذي لعب الدور الرئيسي في استئناف المفاوضات على المسار السوري - الاسرائيلي عبر جهود سرية بدأها في آب اغسطس الماضي. وسيلتقي الرئيس كلينتون باراك والشرع كلاً على حدة. وسيسعى الى اقناع وزير الخارجية السوري لقبول مصافحة علنية أمام الاعلاميين قبل توجه المسؤولين السوريين والاسرائىليين الى "بلير هاوس" لاستكمال البحث في مبادئ اتفاق السلام على اساس "ما تحقق في المفاوضات السابقة". وقالت مصادر مطلعة ل"الحياة" ان المنسق الاميركي لعملية السلام دنيس روس سيعلن في نهاية اليومين الأول والثاني بيانين يقوّم فيهما نتائج المحادثات بعد اطلاع باراك والشرع على نصهما. وتوقع ديبلوماسيون ان يعقد الوزير الشرع مؤتمراً صحافياً في ختام المحادثات يُدعى اليه جميع الصحافيين، بمن فيهم الاسرائىليون. وسيفعل باراك الأمر نفسه. وانضم رئيس الاركان الاسبق اللواء المتقاعد يوسف شكور ومندوب سورية في الاممالمتحدة الدكتور ميخائيل وهبة الى الوفد المفاوض المرافق لوزير الخارجية السيد فاروق الشرع. وكان الوزير الشرع غادر امس الى واشنطن للقاء رئيس الوزراء الاسرائىلي ايهود باراك يوم غد، ورافقه على متن الطائرة اللواء المتقاعد ابراهيم عمر الذي قاد جهاز الاستطلاع في الجيش، والمستشار القانوني الدكتور رياض داوودي. وبعد تسلم العماد اول المتقاعد حكمت الشهابي رئاسة الاركان من اللواء شكور بعد حرب تشرين الاول اكتوبر 1973، شغل الاخير منصب معاون وزير الخارجية ثم عُين خبيراً في الخارجية وعضواً في اللجنة السياسية. وهو ينضم للمرة الاولى الى الوفد المفاوض في حين شارك كل من داوودي وعمر ووهبة في مفاوضات "واي بلانتيشن" عامي 1995 و1996 التي جرت برئاسة السفيرالسوري السابق في واشنطن السيد وليد المعلم. وتنتهي اليوم فترة التمديد التي طلبها المعلم بعد انتهاء مهمته رسمياً في منتصف الشهر الماضي، ويتوقع ان يغادر واشنطن بعد أسبوع. كما يشارك في الوفد مسؤولون امنيون وعسكريون، اضافة الى مدير مكتب الوزير السيد سمير قصير والمترجمة الدكتورة بثينة شعبان ومسؤوليْن اعلامييْن رسمييْن هما المدير العام ل"الوكالة السورية للأنباء" سانا الدكتور فائز الصائغ والمدير العام للتلفزيون السيد صفوان غانم. "ديبلوماسية الفطر" وقالت المصادر الاميركية ان الاعلان عن استئناف المفاوضات يعني ان الوسيط الاميركي تمكن من تقريب وجهات النظر وسد عدد من الفجوات في المواقف بشكل يسمح بالقول انه تم التفاهم على الخطوط العريضة للقضايا الاربع المطروحة التي تشكل عناصر السلام. وهي: الانسحاب والترتيبات الامنية وطبيعة السلام والتزامن. وقال المصدر "لا اعتقد انهم كانوا سيجتمعون في واشنطن لو لم تكن هناك تفاهمات متقدمة". والجدير بالذكر ان كبار المسؤولين الاميركيين، وبينهم السفير دنيس روس منسق الجهود الاميركية لعملية السلام، سبق وأكدوا ان جهودهم كانت تتركز على تحضير الارضية والتفاهم بين الطرفين الى درجة تسمح باستئناف المفاوضات التي ستتم بعدئذ بسرعة. وتنسب المصادر الى مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الاوسط سابقاً والسفير لدى اسرائيل مارتن انديك تشبيهه الجهود الديبلوماسية وراء الستار بنمو الفطر. والمعروف ان الفطر ينمو في الظلام. وعندما يكشف وتسلط الاضواء عليه يكون قد اكتمل. وتوقعت المصادر الديبلوماسية ان تتم المفاوضات السورية - الاسرائيلية بعد اجتماعات البيت الابيض في الولاياتالمتحدة وعلى الاغلب في منطقة واشنطن، خصوصاً ان الجانب السوري يصر على الوجود الاميركي الفاعل داخل غرفة المفاوضات ليكون شاهداً على ما يقال ووسيطاً. وتعطي هذه المصادر مثلاً على اهمية الدور الاميركي بالقول انه لو لم يكن الاميركيون في المفاوضات السابقة لما كانت هناك "وديعة". ومن المنتظر ان يعمل الطرفان خلال يومي الاربعاء والخميس المقبلين على تحديد نقاط التفاوض وجدول الاعمال ومكان المفاوضات ومدتها ومستواها، خصوصاً بعدما تم التوصل الى اتفاق على المبدأ العام، الامر الذي دفع المراقبين الى التكهن بأن هناك مجموعة ضمانات معطاة من الجانبين واليهما عبر الطرف الاميركي. وكان السفير انديك اجتمع بعد ظهر امس مع السفراء العرب المعتمدين في واشنطن لاطلاعهم على تفاصيل الجهود الاميركية السرية خلال الاشهر الماضية، والتي بقيت بعيدة عن الاضواء حتى عن المسؤولين الاميركيين غير المعنيين مباشرة بالعملية وعن الاطراف العربية الاخرى، ومنها لبنان. وتتوقع المصادر المطلعة ان يبدأ المسؤولون اللبنانيون في عملية تشكيل الوفد اللبناني الى المفاوضات التي يتوقع ان تستأنف على المسار مع اسرائيل خلال شهر. وتردد اسم كل من السفير ظافر الحسن الامين العام لوزارة الخارجية او مدير الامن العام اللواء الركن جميل السيد لترؤس الوفد اللبناني. وكشف الناطق باسم مجلس الامن القومي مايك هامر بعض تفاصيل الاجتماع، فقال ان الرئيس كلينتون سيجتمع في البيت الابيض الى كل من الشرع وباراك صباح غد الاربعاء، ويتبع ذلك اجتماع موسع للوفود السورية والاسرائيلية والاميركية. وبعد ذلك تنتقل المفاوضات الى بيت الضيافة الاميركي "بلير هاوس" مقابل البيت الابيض حيث يترأسها كلينتون او وزيرة الخارجية اولبرايت. واضاف هامر ان المفاوضات ستستأنف صباح الخميس في "بلير هاوس" وينتقل الوفدان بعد الظهر الى البيت الابيض للاجتماع مجدداً مع الرئيس كلينتون. وتوقع هامر تعتيماً اعلامياً كاملاً على اجتماعات اليومين. وقال ان الرئيس كلينتون مرتاح الى الجهود التي بذلها خلال الشهور الماضية عبر الاتصالات الهاتفية التي اجراها مع الرئيس حافظ الاسد ورئيس الوزراء باراك. الى ذلك تحدثت صحيفة "واشنطن بوست"، امس، نقلاً عن مصادر الادارة عن الجهود الديبلوماسية السرية الاميركية التي ادت الى الاعلان عن استئناف المفاوضات السورية - الاسرائيلية غداً الاربعاء في البيت الابيض. وقالت الصحيفة ان الوساطة الاميركية اوصلت الجانبين اقرب الى الاتفاق من اي وقت مضى. وذكرت ان التبادلات الديبلوماسية التي لعب الرئيس بيل كلينتون دوراً مهماً فيها عبر اكثر من 12 اتصالاً هاتفياً منذ آب اغسطس الماضي مع الرئيس حافظ الاسد، ومثلها مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك، أدت الى تفاهمات على متطلبات كل جانب للجانب الآخر حول القضايا الاساسية وهي التوقيت والامن وطبيعة العلاقات الديبلوماسية والثقافية والتجارية. واضاف المسؤولون في الادارة ان الوسيط الاميركي تمكن خلال الشهور الماضية من التقريب في الفجوات بين المواقف حول عدد من القضايا الاساسية الامر الذي عزز امكانات التوصل الى اتفاق يرتكز على الانسحاب من مرتفعات الجولان في مقابل ضمانات امنية سورية ووعود بإقامة علاقات طبيعية مع اسرائيل.