تمسكت روسيا أمس الاثنين بشبح "الفيتو" لمنع مجلس الأمن من تبني مشروع "اومنيبوس" العراقي، الذي يضع شروط وظروف تعليق العقوبات المفروضة على العراق، ما أدى إلى تكثيف الاتصالات بين العواصم على مستوى وزراء خارجية الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، وأسفر عن تأجيل آخر لطرح المشروع إلى التصويت ربما إلى اليوم الثلثاء مع إبقاء احتمالات التصويت ليل الاثنين واردة. واستمرت لعبة "البوكر" الدولية اثناء فترة العطلة الأسبوعية مع احتفاظ عواصمروسيا والصين وفرنسا بسرية تصويتها على مشروع القرار البريطاني بصيغته الحالية أو بتعديلات إضافية عليه. ولم تقتصر السرية على اللاعبين الخمسة الأساسيين، أي روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، وإنما تكتم بعض العواصم على مواقفه النهائية حتى على الديبلوماسيين العاملين في بعثاتها. واحيطت المواقف بغموض بالغ في بعض الحالات مع تلميحات مدروسة لإجبار بريطانيا على الأخذ بمزيد من التعديلات الروسية والصينية والمقترحات الفرنسية التي تجعل مشروع "اومنيبوس" قابلاً للتبني. وعملت الديبلوماسية البريطانية على افتراض امتناع روسيا والصين عن التصويت في أفضل الحالات بعدما توصلت إلى اقتناع بأن تصويتهما لمصلحة المشروع بات مستحيلاً. إلا أن الديبلوماستين الروسية والصينية صعّدتا مواقفهما وأصرتا على تعديلات على مشروع "أومنيبوس" لضمان الاكتفاء بالامتناع عن التصويت بدلاً من استخدام "الفيتو". فالامتناع يسمح لمجلس الأمن بتبني القرار، أما "الفيتو" فيحول دون ذلك. وأمام جدية إمكان لجوء روسيا والصين إلى استخدام "الفيتو" إذا تم زجهما في الزاوية، من ناحيتي جوهر المشروع وتوقيت طرحه إلى التصويت، استمرت المفاوضات الرفيعة المستوى وأعلنت الديبلوماسية البريطانية ظهر أمس الاثنين ان قرار توقيت طرح المشروع على التصويت لم يتخذ بعد. واتضح لجميع اللاعبين ان العمل الجاري لا يهدف إلى ضمان دعم روسيا والصين للمشروع وإنما إلى ضمان الامتناع، ما اثر في تقويم نوعية التعديلات التي يمكن الأخذ بها لجعل مشروع القرار غير مرفوض. وأصرت الديبلوماسية الروسية على تغيير في لغة "آلية اطلاق تعليق العقوبات"، خصوصاً لجهة ايضاح "الامتثال الكامل" و"التقدم المحرز" في إطار نزع السلاح في العراق، وسعت إلى تحسينات أساسية في لغة المشروع كي تسمح للمجلس بتبنيه. في المقابل، أصرّت الديبلوماسية الأميركية على لغة "الامتثال الكامل" للعراق مقابل "تعليق" العقوبات، واعتبرت التجاوب مع كامل التعديلات الروسية أمراً مستحيلاً. ودخلت عناصر أخرى في المفاوضات المكثفة، خصوصاً لجهة توقيت التصويت، بعضها لا علاقة له بالملف العراقي وإنما باعتبارات ثنائية ومحلية مثل العمليات الروسية في الشيشان والمواقف الدولية منها. واحتدت لعبة "البوكر" في الأيام القليلة الماضية، ما جعل كل الاحتمالات واردة، بما في ذلك الاحتمال المستبعد، أي احتمال عدم طرح المشروع على التصويت.