لوحظت مرونة روسية في مفاوضات الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن على المشروع العراقي حسب المصادر المطلعة التي تعهدت الاشارة الى مرونة ايضاً من جانب بريطانيا، صاحبة مشروع القرار الأصلية. ودخل المفاوضون الأميركيون والبريطانيون والفرنسيون والصينيون والروس أمس الاثنين الاسبوع الثاني من الجلسات اليومية الرامية الى صياغة نص يلقى اجماع مجلس الأمن ويضع شروط وظروف تعليق العقوبات المفروضة على العراق. وفيما أسرعت المصادر الى القول ان المرونة الروسية لا تعني استعداد موسكو للتصويت لصالح مشروع القرار في هذا المنعطف، اشارت هذه المصادر الى الاهتمام البالغ بألا تسفر المفاوضات عن موقف روسي يكتفي بالامتناع عن التصويت على المشروع لأن الرسالة السياسية وراء الامتناع ليست ايجابية. وفيما سادت اجواء المرونة الاجتماع الأخير الاسبوع الماضي، بقيت الخلافات على النصوص قائمة وتمثلت في مختلف التعديلات والملاحظات على مختلف التفاصيل من الية اطلاق تعليق العقوبات، الى شكل الهيئة الجديدة لنزع السلاح، الى التفاصيل المتعلقة بالحالة الانسانية. وحسب انطباعات المصادر المطلعة، انتقلت الأجواء بعيداً عن احتمالات استخدام روسيا حق النقض الفيتو على مشروع القرار البريطاني بصيغته الحالية، وبدأ العمل على محاولة تحويل المواقف الروسية المفترضة من امتناع الى تصويت لصالح القرار. وقالت المصادر ان شيئاً ما حدث في مكان ما لا علاقة له بالنص العراقي ادى الى مرونة في المواقف الروسية في جوهر المواقف نحو المشروع العراقي. وتابعت ان هذا لا يعني ان روسيا ستصوت لصالح المشروع، انما يفيد بأنها لن تصوت ضده. وزادت المصادر ان بريطانيا من جهتها استقبلت المرونة بالمرونة. اما الموقف الأميركي فإنه لم يطرح جديداً اثناء الاجتماعات بما يفيد اما بالمرونة أو بالتشدد والتصلب، لكن خوض الإدارة الأميركية في عملية التفاوض اعتبر ايجابياً. وفيما برز نوع من موعد حاسم افتراضي بحكم تمديد صيغة "النفط للغذاء والدواء" لفترة اسبوعين تنتهي في 4 الشهر المقبل، اختلف تقدير المعنيين لما اذا كان في الامكان التوصل الى اتفاق على نص اثناء هذه الفترة. وتعمدت الديبلوماسية البريطانية تأجيل البحث في أمرين أساسيين الى ما بعد تبني القرار، هما: أولاً، المراقبة المالية للأمم المتحدة على انفاق العائدات النفطية العراقية، وثانياً، شكل وتفاصيل الهيئة الجديدة لنزع السلاح التي ستحل مكان "اونسكوم". والهدف وراء تأجيل البحث في هاتين المسألتين عائد الى صعوبة الاتفاق عليهما لو وضعتا في النص. كذلك الأمر فيما يخص تأجيل البحث في قائمة ما تبقى على العراق القيام به في اطار نزع السلاح وهي مسألة بالغة الدقة في المعادلات. وبقيت المواقف مختلفة في شأن المرحلة الزمنية ما بين تبني القرار وبين اطلاق تعليق العقوبات. كما ان الولاياتالمتحدة قاومت طروحات العمل نحو تخفيف عزل الشعب العراقي من خلال اجراءات انسانية وفتح البلد على حركة جوية مدنية كما اقترحت فرنسا وتمسكت الولاياتالمتحدة برفض فكرة فك العزل عن الشعب العراقي باعتبار ان فك العزل عن الناس يفك العزل عن النظام، وبالتالي، لا مجال للحديث عن فك عزل الشعب العراقي. وتوقعت الأوساط المطلعة على الملف العراقي ان تستمر لعبة "البوكر" بين الدول الخمس دائمة العضوية في المجلس، لكن المؤشرات الجديدة أفادت بالابتعاد عن حرب "الفيتو" في المعركة العراقية في مجلس الأمن.