في إجراء اعتبر تنازلاً جديداً من جانب جماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة في مصر، ومن أجل كسب رضا الحكومة سحب قيادي بارز في الجماعة هو المهندس مدحت الحداد، طعناً، كان أقامه الشهر الماضي أمام محكمة القضاء الإداري ضد قرار إحالة القضية على القضاء العسكري. ومعلوم ان مدحت يقضي فترة اعتقال احتياطي على ذمة قضية أحالها الشهر الماضي الرئيس حسني مبارك على القضاء العسكري متهم فيها 20 من أبرز قادة الجماعة من رموز النقابات المهنية. وكشفت مصادر في الجماعة أن أزمة كانت تفجرت داخل التنظيم إثر انقسامات في شأن طريقة التعاطي مع القضية وقعت بين المتهمين فيها بعدما أوكل الحداد محاميه للطعن ضد القرار مما آثار حفيظة متهمين آخرين على رأسهم النائب السابق أمين الصندوق في نقابة المحامين مختار نوح، والمحاميان خالد بدوي وابراهيم الرشيدي، حيث شدد هؤلاء على ضرورة عدم اتخاذ أي خطوات قد تعتبرها السلطات استفزازية. وأكدوا ضرورة الحرص على عدم استغلال المحاكمة لتحقيق أهداف سياسية لاعتقادهم بأن الحكومة لن تقبل بذلك، وأن ردها سيكون عنيفاًَ. وأضافت المصادر أن ضغوطاً مورست ضد الحداد لدفعه الى سحب الطعن بعدما أبلغ محامياً قريباً من الدوائر الحكومية يعتزم ترشيح نفسه لخوض انتخابات مجلس نقابة المحامين المقبلة، يتولى الدفاع عن المتهمين في القضية قادة في "الإخوان" بأنه نقل رسالة الى مسؤول مهم في الدولة تضمنت دعوة لاطلاق المتهمين في القضية مع تأكيد على أنهم جميعاً لم يعمدوا الى تحدي الدولة أو اعتزموا قيادة تحرك لتوسيع نشاط التنظيم في النقابات المهنية. وأن المحامي المذكور حذر "الإخوان" من أن إصرار الحداد على المضي في إجراءات الطعن سيطيح بالجهود التي يبذلها لإقناع المسؤولين بوقف الحملة ضد الجماعة ومعالجة القضية الأخيرة بصورة لا تجعل من سجن المتهمين فيها أمراً حتمياً. وأوضحت المصادر أن الحداد استجاب للضغوط بعدما فشل في تأمين دعم لموقفه من جانب اعضاء "مكتب الإرشاد" الذي يسير أمور التنظيم، إذ اعتبر هؤلاء أن القضية تخص قسم النقابات المهنية في الجماعة، وأن أعضاء ذلك القسم قادرون على حل الخلافات من دون ضرورة لتدخل قادة الجماعة، لكن المصادر أشارت الى أن موقف قادة الجماعة آثار ردود فعل سلبية بعدما اعتبره البعض "هروباً من مواجهة الأزمة". وكانت أجهزة الأمن ألقت منتصف شهر تشرين الأول اكتوبر الماضي القبض على 16 من قادة "الإخوان" وكلهم من رموز النقابات المهنية وعلى رأسهم نوح اثناء اجتماع عقدوه في مقر "اتحاد المنظمات الهندسية الإسلامية" في ضاحية المعادي جنوب العاصمة ثم دهمت منازل أربعة آخرين بينهم الأمين العام لمجلس نقابة المهندسين الدكتور محمد علي بشر وأحالت الجميع على نيابة أمن الدولة التي قررت حبسهم احتياطيا بعدما اتهمتهم ب"التخطيط لاختراق النقابات المهنية بهدف نشر أفكار ومبادئ جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، وتجنيد عناصر جديدة لعضوية التنظيم، وحيازة مطبوعات تحوي عبارات مناهضة تحض على كراهية نظام الحكم وإزدرائه". وأحال الرئيس حسني مبارك القضية في وقت لاحق على القضاء العسكري وخوّل النيابة العسكرية سلطة ضم اسماء جديدة الى لائحة الاتهام في حال ثبوت ضلوع اصحابها في أعمال مخالفة للقانون. وكان المحامي بدوي سجل في محضر جلسة تمديد الحبس "تقدير المتهمين للقضاء العسكري"، مما آثار ضجة بين "الإخوان" لكون التصرف يخالف الموقف الرسمي للجماعة الذي يقوم على معارضة إحالة المدنيين عموماً و"الإخوان" خصوصاً على المحاكم العسكرية. لكن مراقبين أعتبروا أن المواقف المتناقضة من جانب المتهمين في القضية، وكذلك قادة الجماعة من شيوخ، تعكس حالة ارتباك تعيشها الجماعة في السنوات الماضية تظهر بشدة مع تعاطيها مع أي متغيرات أو أحداث مفاجئة.