80.79% انخفاض استهلاك الكهرباء خلال فصل الشتاء    التنوع الاقتصادي يرفع اقتصادات دول الخليج 4.2%    انتخاب السعودية رئيساً لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر    106 مليارات ريال استثمارات أجنبية مباشرة في السعودية خلال 2023    السعودية تفوز برئاسة لجنة الملاحة الجوية بالمنظمة العربية للطيران المدني    المملكة تطلق مبادرة لمكافحة الجفاف في «كوب 16» ب150 مليون دولار    الأمن العقاري.. ثروة وطن    روسيا: الدولار يفقد جاذبيته عملةً احتياطيةً    وزير الخارجية: تداعيات التصعيد في غزة تنذر بحرب شاملة    البشر القدماء يمتلكون رؤوسا كبيرة    النصر يخسر أمام السد بثنائية في النخبة الآسيوية    وصل إلى الرياض في «زيارة دولة».. ولي العهد يعقد جلسة مباحثات رسمية مع الرئيس الفرنسي    الزعيم كعبه عالٍ على الغرافة    جيرارد يعالج الأخطاء الدفاعية قبل مواجهة العربي القطري    يايسله يُعلق على تعادل الأهلي أمام الاستقلال    النصر يخسر موقعة السد والهلال يلتقي الغرافة    تعليم سراة عبيدة يحتفي باليوم العالمي للطفل    «الشورى» ل«السياحة»: راجعوا جدول المخالفات وعززوا دور وكالات السفر    ذوو الإعاقة.. تقديرٌ للقدرات ودعمٌ للتنمية الشاملة    هلال نجران يباشر 1028 بلاغًا اسعافيًا خلال نوفمبر    تامر يكشف سراً مع أليسا عمره 12 عاماً    نائب أمير مكة يرعى الملتقى العلمي لأبحاث الحج والعمرة والزيارة    «التواصل الحضاري» يعزز دور التسامح    خالد يسلم يشارك في مهرجان البحر الأحمر ب«حافة وميرا ميرا»    خطبة الجمعة للحث على النزاهة ومحاربة الفساد    أطباء في جدة يناقشون أسباب إصابة 17.9 % من البالغين بالسكر    لا تنحرج: تجاهلُها قد توصلك للموت    5 أغذية تصيبك بالكسل    تأثير الكراغينان على الصحة    تحذير من ملحقات Apple    القيادة تهنئ رئيس الإمارات بذكرى اليوم الوطني لبلاده    مفاجأة حلب.. الشام في الزمن المستباح    أدب القطار    سعود بن نايف يرعى ختام مبادرة "الشرقية تبدع"    مخطط إسرائيلي لضم الضفة الغربية وإقامة أربع مدن جديدة    محمد بن عبدالرحمن يلتقي مسؤولي "مكنون"    الرئيس السوري: هجوم الفصائل «محاولة لتغيير خريطة» المنطقة    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال27 إلى بيروت    أمير الحدود الشمالية يؤكد على تعزيز الوعي المروري    أمير المدينة يتسلم تقرير الأمن البيئي    بيولي يُبرر خسارة النصر أمام السد    محافظ الزلفي يلتقي مدير إدارة التعليم    ولي العهد والرئيس الفرنسي يعقدان لقاء موسعا    جامعة أم القرى تُطلق عهدً جديدً في طب الأسنان بتدشين برامج الزمالات الطبية.    جامعة أم القرى تعزز حضورها الدولي بزيارة جامعات هونج كونج.    خالد بن سلمان يبحث العلاقات الثنائية مع الوزير المنسق للأمن القومي السنغافوري    أمير المدينة يفتتح مبنى مجلس المنطقة الجديد ويدشن مشروع تطوير مراكز الإمارة    "المملكة" و"لتوانيا" توقعان اتفاقية لتعزيز التعاون في مجال خدمات النقل الجوي    نائب أمير مكة يرعى الملتقى العلمي ال24 لأبحاث الحج والعمرة    نائب أمير مكة يُدشن مشاريع للهلال الأحمر ويطلع على منجزات خدمة ضيوف الرحمن    محافظ الخرج يستقبل العميد القحطاني لانتهاء فترة عمله مديراً لمرور المحافظة    رحم الله الشيخ دخيل الله    وفد من مؤسسة سليمان الراجحي في جولة تفقدية لجمعية التوعية والتأهيل الاجتماعي بمنطقة جازان    الشؤون الإسلامية تواصل تنفذ جولاتها الرقابية على الجوامع والمساجد بأبي عريش وفيفا    أمير المنطقة الشرقية يرعى توقيع اتفاقيات بين فرع وزارة الصحة وجهات حكومية    أهمية توثيق الأعمال لتجنُّب النزاعات المستقبلية    زواجاتنا بين الغلو والفخامة والتكلُّف والبساطة (1)    أمير تبوك يزور الشيخ أحمد الخريصي في منزله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذاكرة القرن العشرين - 1 كانون الأول ديسمبر 1956 : غرقت "غراما" في مستنقعات كوبا وبدأت اسطورتها
نشر في الحياة يوم 01 - 12 - 1999

"غراما" كلمة لها وقع السحر في كوبا. أمور كثيرة تسمى بها. وكبار السن حين ينطقونها يلمع في أعينهم شيء من الحنين. ولكن ما هي "غراما" هذه؟ انها سفينة. وسفينة صيد بالتحديد. وهذه السفينة التي لا يتجاوز طولها العشرين متراً بكثير، دخلت اسطورة الثورة الكوبية لسبب واضح، وهو أنها كانت السفينة التي نقلت قيادات الثوار الكوبيين من توكسبان على الشاطئ الشرقي للمكسيك، الى الأراضي الكوبية، يوم قرروا أواخر العام 1956 ان الوقت حان، أخيراً، لتحول الثورة السياسية، الى انتفاضة عامة. وكان فيديل كاسترو، بالطبع، على متن السفينة بين الثوار الآخرين.
و"غراما" هذه دخلت الاسطورة، بالتحديد، ليلة 1/2 كانون الأول 1956، مثلما يدخل الاسطورة أي كائن حي: أي بعد "موتها". اذ أن "غراما" غرقت عند انتهاء تلك الليلة، بعد ان صارعت طوال ساعات وحول المستنقعات المحيطة بمكان رسوها في "لاس كولوراداس" الى الغرب من "سانتياغو دي كوبا".
وكانت السفينة "غراما" قد غادرت ميناء توكسبان يوم 25 من تشرين الثاني نوفمبر من ذلك العام. والطريف انها حين وصلت الى الميناء لنقل الثوار، فوجئ هؤلاء بحجمها الصغير، اذ كانوا يتوقعون ان تكون سفينة كبيرة تليق بأحلامهم الثورية. من هنا ما أن أطلت حتى نظروا الى كاسترو يسألونه: "أهذه هي السفينة؟". فابتسم وأجاب: "أجل وليس لدينا سواها". مهما يكن في الأمر، فإن الثوار وعددهم 82، لم يجدوا مهرباً من الصعود اليها لتبدأ رحلة شاقة نقلتهم شرقاً عبر ذلك القسم من بحر الكاريبي، وكان الثوار خلال الرحلة جائعين عطاشى منهكين. وكانوا يعرفون ان المؤن والمياه التي في حوزتهم بالكاد تكفيهم. وكان غيفارا الموجود معهم والذي كانوا يستشيرونه بوصفه طبيباً، قال لهم ان المبدأ الأول الذي عليهم اتباعه كان يقول بالاستغناء عن الاستحمام. وهكذا لم يستحم أي منهم. وهم كانوا يعرفون ان ما لديهم من أطعمة يكفيهم لثلاثة أيام فقط، لذلك يجب ألا تطول الرحلة أكثر من ذلك.
لكن الرحلة طالت، ثم تشعبت. والواقع ان قائد السفينة، وبناء على أوامر كاسترو، حاول أول الأمر ان يرسو بها في نهاية قناة "تبكييرو"، أي في المكان نفسه الذي كان سبق لثائر القرن الماضي الكوبي جوزيه مارتي ان أرسى فيه سفينته حينما قام برحلة مشابهة. بالنسبة الى كاسترو كان هذا الأمر مفعماً بالرمز ومن شأنه ان يرفع معنويات ثواره ويثير حماسة الشعب الكوبي. غير ان قائد السفينة، وبعد تأخر نهار بكامله، لم يفلح في الوصول الى المكان، وذلك لأن الخرائط التي كانت في حوزته بدت مختلفة عن الخرائط الفعلية للمكان. وهكذا جابهت السفينة أول صعوبة اذ وجدت نفسها محاصرة وسط مستنقعات ووحول لم يكن قد حُسب لها أي حساب. هنا، شك قائد السفينة في جدوى استمرار تلك المحاولة وأسر بالأمر الى كاسترو، ففكر هذا ملياً ثم طلب منه ان يتابع طريقه، وان يرسو في مكان آخر... شرط ألا يكون بعيداً عن سانتياغو دي كوبا، حيث ثمة انتفاضة وعد أصحابها بالوصول والانضمام اليهم.
وهكذا تابع القائد مسيرة مركبه ممعناً اكثر في اتجاه الشرق. أما كاسترو فكانت حاله مثل حال رفاقه: كان جائعاً منهكاً مريضاً بشكل لم يعد معه للرموز أي معنى لديه. بات المهم الوصول الى اليابسة وطمأنة الثوار سواء أكانوا على المركب أو في سانتياغو أو غيرها. وعند صباح ذلك اليوم الأول من كانون الأول، وصلت السفينة الى مكان غير بعيد عن مدينة لاس كولوراداس الساحلية، وبدأ الثوار يهتفون بالنصر، ولكن في الوقت نفسه اكتشفوا ان السفينة بدأت تغوص في وحول مستنقع يبعد كيلومترين عن المكان الذي يقصدونه. وهكذا لم يعد أمامهم إلا ان يغادروا، واحداً بعد الآخر، السفينة التي راحت تغرق. ولقد اضطرهم ذلك الى الاكتفاء بأسلحتهم الخفيفة مبقين على ظهر السفينة كل ما لديهم من أسلحة ثقيلة كان من المستحيل عليهم نقلها، وسط مياه تغمرهم حتى أكتافهم. ولقد زاد من صعوبة وضعهم ظهور طائرة عسكرية فجأة راحت تقصفهم وتطلق النار عليهم، وكانت النتيجة ان فقدوا، على الفور ثمانية مقاتلين، ومع هذا واصلوا طريقهم حتى وصلوا الى اليابسة. وكان تعليق غيفارا على ذلك بقوله: "ان هذا ليس رسواً، بل هو طوفان حقيقي".
الصورة: السفينة "غراما"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.