يأتي اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة ليذكرنا بأن تمكين هذه الفئة ليس فقط واجبًا إنسانيًا، بل هو استثمار في مستقبل مشرق وشامل لهذه الفئة من أجل تحقيق أحلامهم والمساهمة في رفعة وطنهم.. يُعد اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، الذي يُصادف الثالث من ديسمبر من كل عام، مناسبة عالمية للتوعية بأهمية تمكين ذوي الإعاقة ودمجهم في المجتمع، هذا اليوم ليس مجرد احتفال، بل هو دعوة للعمل من أجل تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتقديم الدعم اللازم لضمان مشاركتهم الفعالة في جميع مجالات الحياة في المملكة العربية السعودية، تُبرز وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية جهودًا نوعية ومبادرات مبتكرة لدعم هذه الفئة الغالية من المجتمع، بما يعكس رؤية المملكة 2030 الرامية إلى تحقيق الشمولية والعدالة. منذ عقود، كانت السعودية سبّاقة في تطوير سياسات وبرامج لدعم الأشخاص ذوي الإعاقة، وقد عززت رؤية 2030 هذا الالتزام، من خلال إطلاق مبادرات استراتيجية تهدف إلى تحسين جودة الحياة للجميع، بما في ذلك ذوي الإعاقة، تعد وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في طليعة الجهات التي تسعى إلى تحقيق هذا الهدف، حيث تعمل الوزارة على توفير بيئة شاملة تسهّل حياة ذوي الإعاقة وتتيح لهم الوصول إلى الفرص المتساوية. من بين المبادرات البارزة التي أطلقتها الوزارة (برنامج مواءمة) الذي يهدف إلى خلق بيئات عمل شاملة للأشخاص ذوي الإعاقة من خلال تقديم شهادة للمنشآت التي تلتزم بتوفير التسهيلات المناسبة، ويعكس البرنامج التزام المملكة بتحقيق بيئة عمل عادلة، تقدم الوزارة بطاقات خاصة لذوي الإعاقة لتخفيض أجور النقل والتأهيل الشامل، تساعدهم على تخفيف تكاليف النقل والاستفادة من خدمات متعددة، ما يسهم في تخفيف الأعباء الاقتصادية عليهم. تولي الوزارة اهتمامًا خاصًا بالمراكز التأهيلية التي تقدم خدمات علاجية وتعليمية وتدريبية موجهة لذوي الإعاقة، مثل مراكز التأهيل الشامل ومراكز العناية النهارية، وبالتعاون مع وزارة التعليم، تعمل الوزارة على تطوير مناهج وبرامج تعليمية تستهدف دمج ذوي الإعاقة في المدارس والجامعات، مع توفير أدوات مساعدة ومرافق مناسبة لهم. تشير الدراسات إلى أن تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة يسهم بشكل كبير في تحقيق التنمية المستدامة، وكما قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: "الدمج هو السبيل لتحقيق تنمية عادلة ومستدامة؛ فلا يمكننا أن نحقق التقدم إذا تركنا أحدًا خلف الركب". من هذا المنطلق، تحرص المملكة على تحقيق الدمج الكامل للأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع، ومن أبرز الأمثلة على ذلك تشجيع ريادة الأعمال؛ حيث أطلقت الوزارة برامج لدعم مشاريع ريادة الأعمال للأشخاص ذوي الإعاقة، ما يمنحهم الفرصة للاستقلال المالي والمشاركة الفعالة في الاقتصاد الوطني، الرياضة للأشخاص ذوي الإعاقة؛ حيث شهدت المملكة تطورًا ملحوظًا في هذا المجال، حيث تُقام بطولات محلية ودولية تعزز من مشاركة ذوي الإعاقة في الأنشطة الرياضية، مثل البطولات البارالمبية. إلى جانب البرامج والخدمات، تسعى المملكة إلى تغيير النظرة التقليدية تجاه الأشخاص ذوي الإعاقة، إذ تهدف الحملات التوعوية إلى تعزيز القبول المجتمعي وإظهار الإمكانات الكبيرة التي يمكن لهذه الفئة أن تسهم بها في بناء الوطن، كما قال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان: "نؤمن أن التقدم الحقيقي يتحقق عندما يتمكن كل فرد في المجتمع من تحقيق إمكاناته كاملة". ساهمت الجهود المبذولة في تمكين العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة ليصبحوا نماذج ملهمة في مختلف المجالات. فعلى سبيل المثال، أصبح العديد من ذوي الإعاقة قادة في ريادة الأعمال والابتكار بفضل البرامج التدريبية والدعم المالي المقدم لهم، ولا يقتصر دور المملكة على تقديم الدعم الحالي، بل يتسع ليشمل رؤية مستقبلية واضحة، فقد وضعت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية استراتيجيات متكاملة تهدف إلى تعزيز التعاون مع الجهات الدولية لتطوير أفضل الممارسات في مجال دعم الأشخاص ذوي الإعاقة. يأتي اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة ليذكرنا بأن تمكين هذه الفئة ليس فقط واجبًا إنسانيًا، بل هو استثمار في مستقبل مشرق وشامل للجميع، الجهود المبذولة من قبل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية وغيرها من الجهات تؤكد التزام المملكة بتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة. كما قال الفيلسوف الهندي غاندي: "عظمة أي مجتمع تقاس بمدى رعايته للأكثر ضعفًا".. بهذه الروح، تستمر السعودية في بناء مجتمع يتيح لكل أفراده تحقيق أحلامهم والمساهمة في رفعة وطنهم، والتقدم الحقيقي لأي مجتمع يُقاس بقدرته على تمكين جميع أفراده، بما في ذلك الأشخاص ذوو الإعاقة، ليكونوا شركاء فاعلين في بناء المستقبل.