تنتشر الأطباق اللاقطة لبث القنوات الفضائية في اليمن بكثافة وتمكن مشاهدتها على سطوح الأبنية السكنية والحكومية والفنادق، وعلى سطوح المنازل في الأحياء الراقية والفقيرة على السواء. وخلال السنوات القليلة الماضية أصبح "الدش" أو "الصحن الفضائي" من أهم مستلزمات "الأثاث" المنزلي، كل بحسب مقدرته المالية في اقتناء واحد من أنواع الأطباق اللاقطة، سواء الخاصة بالبث عبر القنوات "الحرة" أو عن طريق الاشتراك في القنوات "المشفرة". وتتباين المبررات التي تدفع اليمنيين إلى اقتناء "الدش" فيما بعض "الواعظين" وخطباء المساجد يحذرون من فساده وإفساده لقيم المجتمع و"أخلاقياته". ومنهم من يستعرض أمام المصلين ما رآه من فسوق وفجور في القنوات الفضائية. والعزوف عن مشاهدة البرامج "الرتيبة" وذات الطابع الرسمي المقيد لما يبثه التلفزيون المحلي واحد من أهم أسباب انتشار "الدش" في اليمن. وبينما اقتناه فقراء فإن ميسورين لا يزالون على "تشددهم" في منع "الطبق" السحري من الولوج الى منازلهم تجنباً ل"فساد" ابنائهم وأفراد أسرهم، وإن كان بعضهم يلجأ إلى بيت الجيران ويسترق المشاهدة ما أمكن. وتبرر شريحة أخرى اقتناء "الدش" بأن "العلم به خير من جهله"، وترى الغالبية ممن يملكون أطباقاً لاقطة أن الهدف هو المتعة والفائدة في مشاهدة البرامج الثقافية والدرامية والاخبارية السياسية، ما يفتقد إليه التلفزيون المحلي. وبعضهم يصف "الدش" بأنه "نزهة للعيون والعقول" التي ترغب في متابعة ما يحدث في العالم. يقول آخرون ان الاطباق اللاقطة للبث الفضائي "جهاز نادر" يأسر أفراد العائلة، صغاراً وكباراً، في المنزل. وفي حين تنتاب كثيرين رغبة في مشاهدة البرامج الاخبارية من بقاع بعيدة، وبإيقاعات مختلفة سياسياً، فإن الوقت الباقي "لا يمنع من مشاهدة الجميلات وعارضات الأزياء ودراما نهاية القرن واغراءات أخرى لا تخلو من فائدة". وتنتشر في اليمن محال لبيع "الدش" وتوابعه بحسب مريديه بخاصة في المدن الرئيسية حيث تصل نسبة مشاهدي القنوات الفضائية الى ثمانين في المئة، علماً ان الغالبية تحرص على متابعة نشرات الأخبار المحلية تحسباً لتغييرات كتعديل وزاري، أو ترقباً لأخبار سارة مثل "الحد من ارتفاع الاسعار" او "محاكمة فاسدين" ومفجري انبوب النفط أو خاطفي الضيوف الاجانب. وفي الارياف اليمنية يقل انتشار "الدش" على سطوح المنازل، فالتقاليد والتكاليف تمنع إدراج الريف في حلبة السباق على اقتناء الأطباق اللاقطة التي جنى كثيرون من الاتجار فيها أرباحاً طائلة، بل وتفوق بعضهم على تجار القات والبن. وهناك ظاهرة المتابعة الجماعية للقنوات الاخبارية عند اليمنيين اثناء مقايل القات بعد الظهر، وفي المساء يذهب كل الى شأنه مع غرائب الاطباق الساحرة وعروض الانفتاح الملونة، إذ يتمتع "الدش" بحرية تفوق حرية مشاهديه في ممارسة السياسة والرأي الآخر.