بعد ايام من بدء مونديال البرازيل، من دون ان يتمكن من مشاهدة اي مباراة تلبي شغفه لمتابعة انتصارات فريقه المفضل، الألماني، وجد العشريني سفيان عتيقة اخيراً ضالته بلاقط البث التلفزيوني الأرضي(الانتين). وعتيقة الذي يعمل حاجباً في احدى الشركات الخاصة في مدينة اربد (80 كلم شمال العاصمة الأردنية عمان)، غير قادر على شراء «الرسيفر» الخاص بالفضائية التي تحتكر بث مبارايات المونديال بسبب اوضاعه المالية المتردية. فثمن هذا الرسيفر يعادل راتبه لشهرين، بينما يكافح هو للإبقاء على شيء من الراتب بعد الخامس من بداية كل شهر، ممضياً بقية الأيام في البحث عمن يقرضه ما يمكن ان يقتات عليه هو وعائلته. وجاءت المفاجأة عندما سمع عتيقه أن مديره قدم له مكافأة عشرة دنانير (14 دولاراً تقريباً) في الوقت الذي أخبره احد شبان حيه المتهالك أنه بات بالإمكان حضور المونديال بالتعليق العربي، بتكلفة لا تزيد عن دينار ونصف، هي ثمن «الانتين» (اللاقط) الذي يلتقط بث إحدى القنوات السورية. ويقول عتيقه انه بعد ايام من البحث عن «الانتين» الذي فقد من كل اسواق المدينة والمدن الحدودية المجاورة، علم أن أحد محال بيع الأدوات المنزلية أعاد عرض «الإنتينات» التي كان القى بها في المستودع منذ سنوات بعدما غزت الصحون اللاقطة البيوت وهجر الناس المحطات الأرضية التي بقيت صندوق بريد لرسائل الحكومات وتبث اغاني وطنية ومسلسلات عفا عليها الزمن. ويقول الشاب الذي استعاد متعة متابعة كرة القدم انه ومنذ التقط البث الأرضي لمحطة «دنيا سورية» التي لا تعبأ بالقوانين الدولية او «الاحتكار»، بدأ يرى اصدقاءه الذين لم ينجحوا في العثور على لاقط، فيجتمعون ويتابعون المباريات حتى وإن عرفوا نتيجتها مسبقاً في نشرات الأخبار. ولا يشكل هؤلاء الأصدقاء على عتيقه اي عبء جديد بحضورهم مباريات المونديال في بيته اكثر من ابريق شاي او فشار بدأت رائحته تعيد الحياة والبسمه الى بيته. وقال احمد ايوب، صاحب محل أطباق لاقطة للمحطات الفضائية، إن الهوائيات عادت للظهور من جديد في الأسواق، بعد أن تم ركنها في مستودعات تجار الكهربائيات لمدة طويلة، لدرجة أنها أصبحت في حكم المنتهية جراء انتشار الأطباق اللاقطة وأجهزة الاستقبال الفضائية المعروفة ب «الدش». ولفت إلى أن أسباب الإقبال المتزايد على شراء هذه الهوائيات القديمة هو احتكار البث من قبل قناة فضائية، فيما لم تستطع الفضائيات الأِخرى تقديم المباريات لمشاهديها، ما اضطر الشباب من الطبقتين الوسطى والفقيرة الى اللجوء الى بعض القنوات الأرضية في دول مجاورة، بخاصة السورية منها، والتي ما زالت تبث بالنظام القديم. وأشار أيوب إلى إن هذه المحطات تنقل عن غيرها من المحطات التي تحتكر بث نهائيات كأس العالم، من دون مراعاة أي مسآلة قانونية، ما دفع الكثير من محبي الكرة إلى تلك الوسيلة القديمة التي كادت تنقرض وتنتهي إلى الأبد.