ربما كانت محاكمة الدكتورة عالية شعيب الاربعاء المقبل بتهمة "ترويج الإباحية" ستمر من دون انتباه لولا الضجة التي اثارتها الدكتورة في الكويت قبل سنوات، بإعلانها وجود ظاهرة "السحاق" بين طالبات الجامعة، وهي الظاهرة التي لا تزال الدكتورة تتبنى حملة للبحث العلمي فيها، فيما يرى منتقدوها انها تسعى فقط الى البروز الاعلامي على حساب سمعة المجتمع. تعود قضية المحاكمة الى عام 1996 عندما رفع أربعة من الاسلاميين دعوى ضد الدكتورة شعيب ودار "الربيعان" للنشر، بسبب ما ورد في ديوان شعر لها تحت عنوان "عناكب ترثي جرحاً" من عبارات "تدعو الى الاباحية ونشر الفساد ومخالفة العادات والتقاليد والتعدي على الذات الإلهية" بحسب نص الاتهام. وفي الدعوى ذاتها اتهامات مماثلة للكاتبة ليلى العثمان في شأن بعض كتبها التي نشرتها الدار نفسها. وفي حديث الى "الحياة" تنفي عالية شعيب هذه الاتهامات وتقول: "في الكتاب قصيدة عنوانها: قبل طبق الحلو، فيها أصف تفاحة بأوصاف أنثوية، وهو وصف تجريدي لا يمكن ان يكون خادشاً للأخلاق لأنه عن تفاحة وليس امرأة، ومن رفع الدعوى قص ألفاظاً جنسية من سياق القصيدة، وأبرَزَها للنيابة العامة فبدت وحدها فاقعة جداً وهذا غير دقيق، والكتاب ليس اباحياً بل هو متداول ويباع منذ العام 1993". ولا تخشى عالية حكماً بالسجن في جلسة الأربعاء، وتقول: "تلقيت تطمينات بأن النساء لا يسجنّ في الكويت في مثل هذه القضايا، وأنني في حال الادانة سأُغرّم مالياً فقط، وهذا لا يعجبني لأنني أطمح الى البراءة الكاملة فالادانة ستكسر كبريائي وستكون مؤذية جداً لي في البحوث التي اجريها، ولعلاقاتي الأكاديمية والاجتماعية". وأيّاً يكن موقف المحكمة من عالية، فإن محاكمتها ستظلّل بالموضوع الأكثر اثارة، وهو حماستها الكبيرة للحديث عن وجود ظاهرة الشذوذ الجنسي بين النساء في الكويت، وانتهاؤها أخيراً من انجاز بحث عن هذا الموضوع غير التقليدي، لا بد ان ردود الفعل الكويتية عليه لن تكون ايجابية. وأصدرت الجامعة قبل سنوات قراراً بفصل الدكتورة شعيب بعد حديثها الى الصحافة عن مناظر شذوذ جنسي بين الطالبات في دورات المياه في الجامعة، لكن عالية شعيب أكدت ل"الحياة" امس انها ما زالت تدرّس "فلسفة الأخلاق" في كلية الآداب في الجامعة، وأن القرار لم ينفذ. أطلقت عالية على البحث "كلام الجسد"، وتقول انه "بحث علمي عن السحاق والبغاء في المجتمع الكويتي أجريته بالاستعانة بفريق من المتطوعات، وقمنا بمقابلة عدد من الفتيات والنساء اللواتي لديهن ميول سحاقية، وواجهتنا صعوبة في اقناع كثيرات بالتحدث إلينا، لكنني فهمت ان بعضهن بصدد عمل تجمع سري يتصل بجهات غربية تساند الحرية من هذا الجانب". وتلاحظ ان "كثيرات منهن من عائلات ذات نفوذ سياسي ومادي، ما يجعل القدرة متوافرة لديهن للتجمع والاتصال بالخارج". ولكن ما الفائدة من التنقيب عن مثل هذه الانحرافات وابرازها لوسائل الاعلام؟ تجيب عالية شعيب: "لأن مواجهة هذه الظواهر مسؤولية المختصين في المجتمع وانا منهنّ، والسحاق ممارسة تنتج عن خبرات صعبة وظروف اجتماعية مؤلمة تعيشها الفتاة، او بسبب اختلالات هرمونية، وهذا يؤدي الى معاناة كبيرة لديها وتظهر الحاجة لمن تتحدث اليه ويساعدها في الخروج من المشكلة. وللأسف فإن الجهات المعنية بمواجهة هذه الظاهرة تتعمد تجاهل وجودها، وأولاها الجمعيات النسائية المتخلفة عندنا في الكويت". وتتابع: "لا اسعى من ذلك الى الانتشار الاعلامي فأنا معروفة في الوسطين الاكاديمي والادبي منذ سنوات، ولكن لعدم وجود جهة كويتية تمتلك الجرأة للتعامل مع المشكلة تطوعت أنا لذلك، لأنني متخصصة وكنت ضمّنت رسالتي للدكتوراه بحثاً عن النظرة الدينية الى جسد المرأة، وعندنا في الكويت عادة أن نجبن عن مواجهة المشاكل، ونضعها في خزانة ونقفل عليها". وكان منتقدو عالية شعيب رأوا ان اهتمامها الزائد بقضية السحاق اسقاط لمشكلة ذاتية على المجتمع، وهي تقول في ذلك: "اتهموني بأنني سحاقية وهذا غير صحيح، وأحب أن أؤكد انني اعتبر السحاق خطأ من النواحي الدينية والاخلاقية والقانونية، وانه مشكلة نفسية تحتاج الى علاج ولا اطالب بحرية الشذوذ كما يحدث في الغرب". وتقترح في بحثها حلولاً للمشكلة، منها توعية المجتمع بالظاهرة ومواجهة مسبباتها. وتطالب ب"خط هاتفي ساخن تتصل من خلاله الفتاة التي تشعر بميول سحاقية بالاخصائية النفسية او الطبيبة ليجري الحوار والعلاج النفسي من خلال الهاتف اولا ولإقناع الفتاة بالحضور لتلقي العلاج". ولكن كيف سيكون رد فعل المجتمع على مثل هذا البحث؟ تجيب عالية: "واجبي تنوير المجتمع بمشكلاته في شكل شجاع، ولا خصومة لي مع المتدينين وأنا لا اهاجمهم ولا أعتبرهم أعداء كما يفعل غيري، بل أن علاقتي الطيبة مع بعضهم ساعدتني في البحث عن توضيح موقف الدين وعلماء الشريعة عبر التاريخ بالسحاق كظاهرة اجتماعية وأسلوب المجتمعات القديمة في التعامل معه".