واشنطن - رويترز - قال مسؤولون اميركيون انهم أرجأوا اتخاذ قرار نهائي في شأن التحقيق في حادث الطائرة المصرية المنكوبة على أساس انه عمل جنائي أو مجرد حادثة حتى يتسنى لمصر اجراء مزيد من المراجعة للأدلة المتاحة. وقال جيم هول رئيس المجلس القومي لسلامة النقل ليل الثلثاء ان وكالته ستؤجل إحالة التحقيق في حادث الطائرة الى مكتب التحقيقات الفيديرالي الاميركي إف.بي.آي الى ان يصل مزيد من الخبراء المصريين وبينهم مترجمون لمراجعة البيانات. وأفادت صحيفة "نيويورك تايمز" امس الاربعاء ان المحققين يعتقدون الآن ان جميل البطوطي مساعد الطيار المناوب قال في هدوء "توكلت على الله" قبل ان يفصل الطيار الآلي ثم يوجه الطائرة. وذكرت الصحيفة ان البطوطي 59 عاماً وهو طيار قديم في شركة "مصر للطيران" وطيار سابق في سلاح الجو المصري لم يكن من المفترض ان يكون في مقعد القيادة وقت وقوع الحادث، لكن مسؤولي الشركة تعرفوا على صوته في مسجل الصوت الخاص بقمرة الطائرة. وقال مسؤول حكومي ان أحد الطيارين كان فيما يبدو خارج قمرة القيادة حين نطق الآخر بعبارة "توكلت على الله". وقال المسؤول "قد يكون شخص ما ضالعاً في عمل جنائي ما". وقالت مصادر في التحقيقات ان مسجل الصوت أظهر ان هذه العبارة نطقت قبل ان تبدأ الطائرة في انحدارها السريع. وسقطت الطائرة وهي من طراز "بوينغ 767" يوم 31 تشرين الأول اكتوبر الماضي قبالة ساحل ماساتشوستس ليلقى كل من كانوا على متنها حتفهم وعددهم 217 شخصاً. ويبدو ان هبوط الطائرة السريع من ارتفاع 33 ألف قدم عشرة آلاف متر لا يدعم النظريات التي ذهبت الى احتمال حدوث عطل ميكانيكي. وتعتقد السلطات الاميركية ان الأدلة المتاحة من مسجل الصوت تثير احتمال ان يكون هذا الانحدار وقع عمداً. وقال هول للصحافيين: "لم نجد حتى الآن أي مؤشر على حدوث شيء ميكانيكي أو متصل بالأحوال الجوية قد يكون السبب في هذا الحادث". غير ان هول قال انه ما زالت هناك خلافات في تفسير الكلمات التي نطلق بها الطيار. وبدا واضحاً ان هول يريد المحافظة على تعاون مصر في التحقيق. وقال هول ان "رابطة الشراكة القوية بين بلدينا في هذا التحقيق لا بد ان تعزز فرص تحديد السبب النهائي لهذا الحادث المأسوي". غير ان جون اسبوسيتو الذي يدير مركز التفاهم الاسلامي - المسيحي في جامعة جورجتاون قال ان عبارة عضو الطاقم قد تكون مماثلة لتعبير الاستغاثة الذي يستخدمه الكاثوليك حين يواجه المرء مأزقاً وهو "أغيثيني ما مريم". وأضاف: "نعتقد انه تصرف انسان تقي. هذا هو الشيء الذي يجب ان نتعامل معه بحساسية". وقالت مصادر حكومية ان المجلس القومي لسلامة النقل كان يعتزم اعلان نقل التحقيق الى مكتب التحقيقات الفيديرالي مساء الثلثاء، لكن السفير المصري نبيل فهمي توجه الى مجلس سلامة النقل ومكتب التحقيقات ووزارة الخارجية للاعتراض على التعجل في احالة التحقيق. وقال رئيس المجلس ان لويس فريه مدير مكتب التحقيقات الفيديرالي أيده في قراره تأجيل إحالة التحقيق وان المجلس سيتخذ القرار النهائي بالتشاور مع مصر. وفي القاهرة استبعد أشرف حسين وهو طيار في شركة مصر للطيران منذ العام 1985 ويعرف طياري الطائرة المنكوبة احتمال ان يكون الطياران تعمدا الحادث. وأضاف ان مساعد الطيار عادل أنور وهو في السابعة والثلاثين من عمره كان على وشك الزواج بعد يومين من عودته من الرحلة. وقال: "جرى الترتيب لكل شيء وكانت شقته جاهزة ولذلك فمن المستبعد تماماً ان يكون انتحر أو خرب الطائرة". ووصف حسين قائد الطائرة أحمد الحبشي بأنه "رجل محترم جداً". وكان مسجل الصوت في قمرة القيادة الذي ألقى ضوءاً جديداً على الحادث انتشل من المحيط على بعد مئة كيلومتر جنوب جزيرة نانتيكت بداية الاسبوع. ودلت البيانات التي قدمها الصندوق الأسود الأول لبيانات رحلة الطائرة ان الطيار الآلي أوقف بعد نصف ساعة تقريباً من اقلاع الطائرة من مطار كنيدي في نيويورك. وبعد ذلك بثماني ثواني بدأت الطائرة هبوطها الحاد بسرعة تفوق السرعة التي صمتت الطائرة لتحملها. وكشفت الثواني الأخيرة من مسجل البيانات ان المحركين أطفئا. وأظهرت معلومات الرادار ان الطائرة ارتفعت مرة أخرى لفترة وجيزة قبل ان تهوي مجدداً في المحيط. وظلت عمليات انتشال حطام الطائرة موقوفة بسبب ارتفاع أمواج البحر لكن هول قال انه ومدير مكتب التحقيقات الفيديرالي طلبا من البحرية الاميركية جلب سفينة انقاذ ثقيلة يمكنها مواجهة ظروف الجو الصعبة في المنطقة. وقال هول: "أعتقد ان من أوائل الأشياء التي نريد انتشالها الجزء الخاص بقمرة القيادة في الطائرة".