هدمت سلطات الاحتلال الاسرائيلي امس منزلين لعائلتين فلسطينيتين في الضفة الغربية وستة منازل لعائلات فلسطينية في الجزء الجنوبي من قطاع غزة، الأمر الذي اثار مخاوف المواطنين وسخط المسؤولين الفلسطينيين. واستجابت سلطات الاحتلال الاسرائيلي "أوامر" رؤساء المستوطنين اليهود في الاراضي الفلسطينية التي صدرت مساء أول من أمس الاثنين وحركت جرافاتها في ساعات الصباح باتجاه بلدة العيسوية الواقعة شمال مدينة القدس وهدمت منزلين فلسطينيين وشردت 25 انساناً. وجاءت عملية الهدم التي نفذتها بلدية القدس الاسرائيلية بعد الانتقادات التي وجهها "مجلس المستوطنات اليهودية" الى حكومة ايهود باراك بتنفيذ أكثر من 1300 اخطار بالهدم صدرت بحق مواطنين فلسطينيين في منطقة القدس شيدوا بيوتهم على رغم رفض السلطات الاسرائيلية منحهم تراخيص بالبناء. وطالت عملية الهدم التي نفذت تحت حراسة الشرطة الاسرائيلية المشددة منزلي المواطنين خالد ناصر الذي يبلغ عدد أفراد عائلته 11 وحسين أبو رياله الذي كان يؤوي 14 انسانا. وكانت جرافات البلدية الاسرائيلية هدمت منزل المواطن ناصر قبل ثلاثة أسابيع وقام بعدها بتشييد غرفة وتوابعها على أنقاض المنزل المدمر بمساحة لا تزيد عن 60 مترا مربعا لايواء أفراد عائلته. أما البيت الثاني فكان مكونا من طابق "تسوية" اضافة الى الطابق الارضي. وأصدرت البلدية الاسرائيلية اخطارات هدم بحق 21 منزلا في البلدة لتضاف الى 26 منزلا آخر تم هدمها في البلدة منذ العام 1967. وتعاني بلدة العيسوية التي اقيمت مستوطنة "التلة الفرنسية" على جزء من أراضيها كرم لويز في مطلع السبعينات من اكتظاظ سكاني كبير بسبب القيود التي تفرضها اسرائيل بشأن بناء مساكن جديدة للمواطنين فيها. وصادرت سلطات الاحتلال الاسرائيلي في العام 1993 ستة آلاف دونم من أراضي البلدة لتوسيع مستوطنة معاليه أدوميم ولتشييد مناطق صناعية وفنادق. وبعد ساعات من انفضاض مجلس المستوطنات اليهودية ولتأكيد التهديدات، استولت مجموعة من المستوطنين اليهود من حركة "جيل المستقبل" الاستيطانية المتطرفة على تلة فلسطينية أخرى تعود الى بلدة تقوع في مدينة بيت لحم ونصبوا أربع خيام أمضوا ليلتهم فيها احتجاجا على ما أسموه تساهلا من حكومة باراك تجاه "البناء الفلسطيني غير القانوني". ورفض مجلس المستوطنات اليهودية تحمل مسؤولية تصرف مجموعة المستوطنين. ونقل عن أحد زعماء المستوطنين قوله "نحن لسنا أداة اخلاء في يد باراك"، في اشارة الى الدعوة التي وجهها نائب وزير الدفاع الاسرائيلي افرايم سنيه باخلاء البؤرة الاستيطانية الجديدة "في اقرب وقت ممكن". وتقع التلة الجديدة على جبل يطلق عليه الاسرائيليون اسم "هيرديم" بالقرب من مستوطنة "تقّوع" اليهودية المقامة على أراض فلسطينية مصادرة. وازال الجيش الاسرائيلي امس هذه البؤرة الاستيطانية. وكان باراك عقد صفقة مع المستوطنين اليهود تقضي باخلاء 10 بؤر استيطانية من أصل 43 اقيمت بعد التوقيع على اتفاق واي ريفر على زمن حكومة بنيامين نتانياهو. وفي قلقيلية، شرع المستوطنون اليهود بتجريف الارض وتسويتها في احدى هذه البؤر التي اتفق الطرفان على ابقائها. وقالت مصادر فلسطينية ان المستوطنين شرعوا بتوسيع المنطقة التي استولوا عليها تمهيدا لبناء مستعمرة جديدة. وتقع هذه البؤرة الاستيطانية على تلة تتوسط مستوطنتي أرييل وتفوح المقامتين على أراضي محافظة سلفيت. وأعرب المواطنون الفسطينيون عن تخوفهم من أن يتمكن المستوطنون من خلق تواصل بين هاتين المستوطنتين على حساب أراضيهم الزراعية. قطاع غزة وفي قطاع غزة، هدمت سلطات الاحتلال الاسرائيلي صباح امس الباكر، ستة منازل تعود ملكيتها لمواطنين فلسطينيين، بحجة وجودها في منطقة خاضعة للسيطرة الاسرائيلية في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة. ووصف مسؤول فلسطيني هذه الخطوة بأنها استفزازية، واعتبرها غطرسة اسرائيلية، وتأتي كرد على منع العمال الفلسطينيين امس من العمل في مستوطنات القطاع، وذلك لليوم الثالث على التوالي. واعتبر مدير الأمن الوطني اللواء عبدالرزاق المجايدة سياسة هدم البيوت من قبل سلطات الاحتلال بأنها "غطرسة اسرائيلية"، وخطوة تأتي في سياق الرد على منع العمال الفلسطينيين من العمل في مستوطنات قطاع غزة. وأكد المجايدة ل"الحياة" وجود نحو 12 - 15 ألف جندي اسرائيلي في قطاع غزة، مدججين بالسلاح والعتاد، بالاضافة الى الآليات والمدافع والذخائر وغيرها من العتاد العسكري. ووصف ذلك بأنه مخالف للاتفاقات. وعرض المجايدة عدداً من المخالفات والخروقات الاسرائيلية للاتفاقات الموقعة بين منظمة التحرير والدولة العبرية، مشيراً الى وجود "قائمة طويلة" من هذه الخروقات والمخالفات. وأوضح ان وجود خمسة مواقع عسكرية اسرائيلية على مفترقات الطرق والمداخل المهمة في القطاع، اضافة الى نحو 15 موقعاً عسكرياً في المستوطنات، وفرقة عسكرية كاملة يشير الى ان هناك استعدادات لحالة حرب. وكان مواطنون فلسطينيون اقاموا المباني الستة على اراضٍ حكومية فلسطينية من مخيم خانيونس للاجئين، بعد ان ضاقت بهم سبل العيش في ظل ازمة سكنية خانقة، وقيود فرضتها سلطات الاحتلال تمنع البناء في المناطق الخاضعة لسيطرتها. وتمت عملية الهدم من دون انذار مسبق. ويعاني قطاع غزة أزمة سكنية حادة، نظراً لمساحته الضيقة البالغة نحو 360 كيلومتراً مربعاً، وعدد سكانه الكبير البالغ نحو مليون نسمة، في حين يحتاج القطاع الى نحو 300 الف وحدة سكنية خلال السنوات العشر القادمة. وكانت قوة عسكرية اسرائيلية مؤلفة من نحو 200 جندي، معززة بنحو 30 آلية وجرافة عسكرية، اغلقت عند منتصف الليلة قبل الماضية المنطقة وهدمت البيوت الستة، التي تقع على بُعد نحو 15 متراً من الموقع العسكري الاسرائيلي المسمى "النورية" غرب مدينة خانيونس. وقال المجايدة ل"الحياة" انه كان يجب على سلطات الاحتلال ابلاغ الجانب الفلسطيني من لجنة الارتباط العسكري المشتركة، وألا يقوموا بهذه الخطوة الاستفزازية، مشيراً الى انها تؤثر في العلاقات الفلسطينية - الاسرائيلية، وتؤدي الى احتكاك بين السكان وجنود الاحتلال، قد يصل الى حد المواجهة. ودان مدير المركز الفلسطيني لحقوق الانسان المحامي راجي الصوراني سياسة هدم البيوت، التي تمارسها سلطات الاحتلال ضد المدنيين الفلسطينيين. ودعا الصوراني، خلال حديثه لمراسل "الحياة" المجتع الدولي، والدول الموقعة الى اتفاقية جنيف الرابعة، الخاصة بحماية السكان المدنيين تحت الاحتلال الى تحمل مسؤولياتها تجاه هذه الانتهاكات الجسيمة للاتفاقية.