تكاد النظرية القائلة ان "الساحل الغربي لحوض البحر المتوسط غارق"، والتي يسعى باحثون الى اثباتها، تلقى من الاكتشافات ما يعززها يوماً بعد يوم. فبعدما كان نقيب الغطاسين اللبنانيين محمد السارجي اعلن العام الماضي اكتشافه مدينة غارقة قبالة شاطئ مدينة صيدا جنوبلبنان، ثمة اثبات آخر هذه المرة يتمثل في كتاب الباحث زاريه امادوني "الآثار الغارقة على الساحل اللبناني" Plongژe Archeologique sur le littoral Libanais الصادر حديثاً بالفرنسية عن دار تحمل اسم المؤلف. الكتاب، الذي صدر في طباعة فاخرة في134 صفحة من القطع الكبير، جعله المؤلف في خمسة فصول تتناول الموقع الاثري الغارق قبالة الميناء في طرابلس، وغرق السفن كشاهد على أول حقبة في ساحل القلمون، ودرس موقع اثري قبالة ساحل الهري، وابحاث على جرار جيئ بها من البحر، وآثار البحر في جبيل في بداية التاريخ، اضافة الى خرائط وصور لمواقع تحت الماء وجرار كثيرة من كتابه لدرس تواريخ الفخاريات والاحجار والمنحوتات المنتشلة من المياه في انفه والقلمون والميناء في طرابلس حيث حدد ثلاثة صخور تحت الماء على عمق قليل مرجحاً ان تكون سفن كثيرة اصطدمت بها وغرقت بضائعها الى شمال هذه الصخور "ما يعني ان السفن كانت تأتي من الجنوب". والبضائع هي جرار كنعانية وفنيقية ورومانية ويقارب تاريخها الالف سنة قبل الميلاد. اما آثار جبيل فيعول عليها امادوني كثيراً اذ من المعروف انها تعود الى 9 آلاف عام قبل الميلاد لكن "في الواقع هي اقدم من ذلك كثيراً اذ هناك حجارة مشغولة يدوياً تدل على ان الانسان مرّ في هذه البلاد منذ مئات آلاف السنين"، مشيراً الى ان الآثار موجودة على اعماق مختلفة يصل بعضها الى 16 متراً، وهناك مغاور، تشبه كاتدرائيات، يصل ارتفاع سقفها الى 11 متراً وفيها ينابيع ماء ساخنة، ما يعني ان الانسان كان يعيش فيها". اضافة الى ذلك هناك اشياء كثيرة غارقة في البحر وهي مما كانت تحمله السفن قديماً. وهذه الاشياء التي غرقت مع سفنها تدل في تلك الحقبة سواء أكانت بين لبنان وروما او الاسكندرية "وكلها اشياء تفسح في المجال امام الابحاث العلمية والتاريخية". ويشير في كتابه الى طريقة العمل خلال البحث والى الاعماق والاسماء الجغرافية للمواقع مع وصف لاشكالها ومساحتها. وتحدث امادوني ل"الحياة" عن بداياته في الغطس والغاية من وضع الكتاب فاوضح انه بدأ في العام 1950 ثم راح يقرأ كتباً عن الآثار الغارقة في الماء ويبحث عنها ثم راح يحضر دروساً عن الآثار ويسأل باحثين عن اشياء يجدها في الماء لناحية تاريخها ومصدرها. ويذكر ان اول قطعة وجدها كانت في العام 1970 في طرابلس "لكن بسبب الاحداث توقفت عن الغطس ثم عدت خصوصاً في العام 1996 وبدأت الغطس في جبيل على مدى ثلاث سنوات وبخاصة في الشتاء". ويؤكد ان الهدف من الكتاب هو اظهار كل ما يمكن ان يفيد لبنان والباحثين وتقديم معلومات عن الحضارات التاريخية والاثرية.