تباينت وجهات نظر مسؤولين ومحللين روس وأميركيين في معلومات تشير الى صفقة روسية - اميركية في قمة اسطنبول تقوم على تنازل موسكو في قضايا دولية وإقليمية، بينها قضية رفع العقوبات عن العراق، مقابل اطلاق يدها في الشيشان. راجع ص8 ولم تنعكس اجواء قمة اسطنبول على الوضع الميداني، اذ كانت القوات الروسية تستعد امس لشن هجوم على ارغون، ثالث مدن الشيشان. دخلت العلاقة الأميركية - الروسية في مرحلة حرجة ومحرجة نتيجة المفاوضات الصعبة على المشروع العراقي وما سرّبه الطرف الأميركي عن ورقة روسية سلمها وزير الخارجية الروسي الى وزيرة الخارجية الأميركية تقايض المواقف الأميركية نحو الشيشان بالمواقف الروسية نحو العراق. ورأت أوساط في الأممالمتحدة ان الهدف من تسريب الرسالة غير الرسمية هو "ايقاع شرخ كبير في العلاقة الروسية - العراقية كي لا يثق العراقبروسيا"، فيما رأت اوساط أخرى ان العلاقة الأميركية - الروسية دخلت مرحلة "الحرب الباردة" ومرحلة "الضرب تحت الحزام". ونفى وزير الخارجية الروسي الأنباء عن استعداد موسكو لتليين موقفها من قضية العراق في مجلس الأمن وقال ان روسيا "لا تتاجر بمصالحها"، وأضاف انه بحث مع وزيرة الخارجية الأميركية مادلين أولبرايت في 18 الجاري مشروع قرار تسعى موسكو الى صوغه يسمح برفع العقوبات عن بغداد، ويساعد في فرض رقابة دولية فعالة عليها. واستبعد المستشار السياسي في مجلس الدوما فلاتسلاف تيتيوكين إقدام يلتسن على تقديم تنازلات تجاه قضايا يوغوسلافيا والعراق، خصوصاً عشية الانتخابات البرلمانية. وقال ان الكرملين "يدرك مدى تمسك الرأي العام الروسي بقضايا البلقان والشرق الأوسط، لذا لا يمكن ان يقدم اي تنازل في هذا الوقت بالذات". لكن محللين بارزين في واشنطنوموسكو لم يستبعدا ان يكون هناك تفاهم "معين بين روسيا وأميركا على خفض حدة الخلافات بينهما في قضايا اقليمية ودولية". وقال مدير "معهد السلام" التابع لكلية الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية في موسكو الكسندر كسيلوف ان هذا التفاهم يعني "تراجعاً نسبياً في تصلب الكرملين تجاه قضية العراق مقابل امتناع الادارة الاميركية عن ممارسة ضغوط قوية عليها في قضية الشيشان وفضائح تهريب الأموال وتنظيفها". وحمل السفير الروسي سيرغي لافروف على التسريبات من واشنطن ووصفها بأنها ذات "غايات سيئة". وفيما تجنب تأكيد أو نفي صحة قيام وزير خارجيته بتسليم المذكرة غير الرسمية. الى اولبرايت، شدد لافروف على "عدم الترابط بين العراق والشيشان"، وكذلك "عدم الربط بين قرار تمديد النفط للغذاء والدواء لاسبوعين وبين مشروع القرار الشامل في شأن ظروف وشروط تطبيق العقوبات". وجاءت تصريحات لافروف تعليقاً على ما نقلته صحيفة "نيويورك تايمز" عن رسالة غير رسمية سلمها ايغور ايفانوف الى مادلين اولبرايت اثناء اجتماعهما في تركيا وتنطوي على اقتراح "صفقة" مقايضة بحيث تغض الولاياتالمتحدة النظر عن العمليات العسكرية الروسية في الشيشان، وبالمقابل "فإننا على استعداد لاصدار التعليمات الى المندوب الروسي الى مجلس الأمن ليكون مرناً في شأن العراق"، حسب الصحيفة. وقال لافروف رداً على اسئلة "الحياة" قبيل دخوله مجلس الأمن "لا بد انكم اعتدتم الآن على مختلف التسريبات من واشنطن. ويبدو أن البعض في الادارة غير قادر على الاحتفاظ بأي شيء. ولم أعد أعرف إذا كانت التسريبات حقيقية أو مفبركة، ولذلك لن اعلق على التسريبات". وتابع لافروف: "لا يمكن أن يكون هناك ترابط بين العراق والشيشان. فالمسألتان مختلفتان كلياً. ولقد أوضح وزير خارجيتي تماماً اليوم ان لنا مواقف قوية وواضحة في شأن العراق معروفة للجميع، لن تتغير حتى عندما يحاول طرف ما ربطها بأي شيء". وسألت "الحياة" اذا كان ايفانوف كتب او لم يكتب الرسالة، ورد لافروف: "انني لا ادقق في رسائل وزير خارجيتي. ولا اعتقد انه يجب أخذ التسريبات الآتية من واشنطن بجدية. فيجب أن نكون اعتدنا على مختلف أنواع التسريبات، تلك المفبركة وتلك الحقيقية. فهذا تقليد سياسي في بعض المدارس الديبلوماسية". وأشار لافروف الى ما قاله الناطق باسم الخارجية الأميركية، جيمس روبن عن شروط تعليق العقوبات محدداً ان على العراق ان يسمح بعودة المفتشين "وتنفيذ مهمات نزع السلاح". وقال المندوب الروسي ان الناطق الأميركي "يربط أي تعليق للعقوبات بالتنفيذ الكامل لمهمات نزع السلاح. وهذا يشكل موقفاً لا يمكن الانطلاق منه". وانعقد مجلس الأمن أمس الجمعة لتبني قرار تقني يمدد صيغة "النفط للغذاء والدواء" الى فترة 15 يوماً فقط بعدما فشلت الديبلوماسية الأميركية والروسية في الاتفاق على مشروع قرار جديد في شأن "النفط للغذاء والدواء".