طارت هيلاري كلينتون، هذه المرة، بجناحيها وغطّت في اسرائيل. لقد اكتفت بمرافقة زوجها الرئيس قبل اشهر وسمحت لنفسها ان تمتدح الرئيس ياسر عرفات. ولكن احداً لم يغضب لأن سبب الزيارة لم يكن اقل من حضور "الاحتفال" بإلغاء الميثاق الوطني الفلسطيني. هيلاري مدعوة من نافا. وقد سبق لهيلاري ان دعت نافا. ونافا هي زوجة رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك وتحتفظ، مثله، بذكريات طيِّبة جداً عن الاستقبال الدافئ الذي وجدته من آل كلينتون سواء في واشنطن او في كامب ديفيد. التقتا بالأمس وتحدثت الاميركية الأولى في ندوة ضد العنف، وتلتقيان صباح اليوم مع الرئيس عيزر وايزمان وزوجته. وسيكون لا بد من الاجتماع الى ليا رابين قبيل خطاب في مؤسسة تحمل اسم زوجها. ويتخلل ذلك مرور سريع على مدرسة للأطفال في رام الله قبل التوجه الى الأردن. والسؤال الذي يحبس الانفاس: هل من اجتماع مع عرفات؟ بالمناسبة أين سهى؟. تقول "جيروزاليم بوست" في عددها امس "ان هدف الزيارة كسب الناخبين اليهود في نيويورك" وترد هيلاري بخجل ان ذلك ليس صحيحاً لأن القدوم كان مبرمجاً من قبل وأرجئ مرتين. والملاحظ ان زوجها لم يتركها تأتي الى اسرائيل خالية اليدين. كان لا بد من هدية. ولذا فإنه سارع، يوم الاثنين الماضي، الى التوقيع على قانون اقترحه عليه الكونغرس بأكثرية طاغية. ويرغم القانون الجديد الحكومة الاميركية على طرح قضية الجنود الاسرائيليين المفقودين في اتصالاتها مع دول المنطقة. ويطالبها بأن تخضع قراراتها بالعلاقات الاقتصادية والمساعدات الى بلدان مثل سورية ولبنان وسلطة الحكم الذاتي الى درجة التعاون في تحديد امكنة المفقودين. ويلزم وزيرة الخارجية مادلين اولبرايت على رفع تقارير حول الموضوع الى مجلس النواب كل ثلاثة اشهر وعلى تبليغ مجلس الشيوخ بكل جديد في مهلة لا تتجاوز 15 يوماً! والملفت ان والد احد هؤلاء الجنود كتب قبل اسابيع الى ايهود باراك وارييل شارون شاكياً من ان الكونغرس الاميركي اكثر اهتماماً بجنود اسرائيل من... الكنيست! لقد عاشت هيلاري في الأسبوع الاخير عشية الزيارة تكثيفاً لما عاشته خلال السنة الماضية بسبب مواقفها الشرق اوسطية. فبرنامج الزيارة لم يتضمن مروراً بالقدسالشرقية ولا اطلالة على أرض السلطة الوطنية. غضب الطرفان طبعاً تماماً مثلما حصل عندما أعلنت السيدة الأولى موقفاً شخصياً يؤيد قيام دولة فلسطينية، فثارت ثائرة اللوبي اليهودي، ثم أعلنت تأييدها نقل السفارة الاميركية الى القدس "العاصمة الموحدة لدولة اسرائيل" فحاول اللوبي العربي ان يثور. أغضب برنامج الزيارة الجانبين. وهنا ايضاً احتج اصدقاء اسرائيل فشكك رئيس المؤتمر اليهودي الاميركي ب"صدق الموقف من نقل السفارة"، وذهب الاكثر تطرفاً، حسب "يديعوت احرونوت" الى اعتبار ذلك "اهانة لاسرائيل والشعب اليهودي". تراجعت هيلاري تحت ضغط الحملة فكان ان حصل الفلسطينيون على جائزة ترضية: لقاء مع اطفال رام الله. منذ ان ترشحت هيلاري لخلافة "شيخ" نيويورك الديموقراطي باتريك موينهان وهي تدرك ان مهمتها صعبة وانها صعبة تحديداً لأن عليها ان تكسب يهود المدينة 12 في المئة من الاصوات. اما صعوبة ربح يهود نيويورك بالنسبة الى مرشح ديموقراطي يقترعون له، في العادة، بنسبة 75 في المئة من اصواتهم فنابعة من ان المرشح الجمهوري، في العام 2000، رودولف جيولياني لم يترك زيادة لمستزيد في تأييد اسرائيل. وقد قاده ذلك، ذات مرة، وقبل فترة بسيطة، الى حد حرمان ياسر عرفات، بوقاحة، من حضور حفلة اوبرا! تدل استقصاءات الرأي ان جيولياني متقدم على كلينتون 46 في المئة مقابل 42 في المئة وان يهود المدينة يؤيدونه ب38 في المئة مقابل 53 في المئة لهيلاري. ولذا فإن حظها بالفوز مرهون باستعادة التوازن التقليدي للجمهوريين والديموقراطيين بين يهود المدينة. ولا شك ان الزيارة تصب في هذا الاتجاه. فهيلاري تقوم بحملة انتخابية مجاناً الحكومة تدفع التكاليف لأن الزائرة زوجة الرئيس في معركة قد تكون "الأغلى" وتكلف ما يزيد عن 45 مليون دولار! ولقد تنبّه جيولياني للأمر. ورده عليه هو استضافة ايهود اولمرت رئيس بلدية القدس اعتباراً من الاثنين المقبل. فإذا كان لهيلاري اسرائيليوها فإن جيولياني "يملك" اسرائيليين أيضاً. كان يقال عن هيلاري انها خط الاستقامة بالنسبة الى التقلب المذهل لزوجها. كان ذلك عندما كانت زوجة، وزوجة مضطهدة فحسب، اما وانها باشرت "السياسة" فإنها تبدو "واعدة" بالكثير!