لا يزال الحزب الاشتراكي اليمني حبيس قضاياه ومواقفه ومطالبه والاستحقاقات التي ينتظرها. اذ كان عقد الدورة الأولى لمؤتمره العام الرابع منذ عام تقريباً وكانت دورة "وثائقية" لم تتجاوز اجراءات داخلية وسط أجواء من الخلافات في صفوف قياداته بين غالبية مؤيدة للخطوات المرحلية تدريجاً لاستكمال "المؤتمر العام الرابع"، الذي تأجل منذ نحو 13 عاماً، واقلية ترى حسم المسألة بلم شمل الحزب في مؤتمر عام متكامل "وثائقي وانتخابي". لكن اعلان "الاشتراكي" في ختام دورته الأولى نهاية تشرين الثاني نوفمبر العام الماضي إلتزامه عقد الدورة الثانية "الانتخابية" قبل نهاية السنة الجارية كان "تثبيتاً" لترحيل الخلافات حينها وفرصة زمنية تمكنه من إعادة ترتيب أوراقه. وفي ظل متابعة انصاره وترقب خصومه السياسيين على الساحة اليمنية عقد المكتب السياسي ل"الاشتراكي" دورة اجتماعات في عدن قبل أيام على أمل أن يفي بالتزامه تحديد موعد للدورة "الانتخابية" للمؤتمر العام الرابع قبل نهاية السنة. لكن يبدو أن المكتب السياسي فشل مجدداً في حسم هذه المسألة، وأحال الموضوع الى اللجنة المركزية للحزب مصحوباً بمبررات لترحيل ما تبقى من المؤتمر العام الى أجل غير مسمى العام المقبل. واعترف عدد من قادة "الاشتراكي" البارزين بهذا الفشل الذي برره عضو المكتب السياسي جار الله عمر رئيس سكرتارية اللجنة المركزية "بعدم توفر الامكانات المالية" التي تمكن الحزب من استكمال دورته الانتخابية "القاعدية" وفروع "منظماته في المديريات والمحافظات" قبل نهاية السنة. واعتبر في تصريحات ل"الحياة" بأن المال "العائق الوحيد"، ونفى وجود خلافات بين أعضاء المكتب السياسي. وقال ان أموال "الاشتراكي وممتلكاته مجمدة وشبه منهوبة من قبل الحكم منذ حرب العام 1994". وأوضح جار الله عمر ان السلطات جمّدت نحو 25 مليون دولار من الأسهم التجارية والعقارية للحزب في اليمن، وأن نحو 14 مليون دولار هي أرصدة الحزب التي كانت مودعة في مصارف في الخارج، جرى تحويلها الى مصارف حكومية جمّدت فيها بعد الحرب، وذلك بعد الضغط على مودعها أمين قاسم الذي أُجبر على تحويلها. وأضاف بأن السلطات تماطل في إعادة ممتلكات "الاشتراكي" وفي مقدمها مقره في عدن ومقر معهد باذيب التابع للحزب اللذين تحولا الى جامعة عدن. وقال ان رئيس الوزراء عبدالكريم الارياني عرض قبل فترة ان تستأجر الحكومة المقرين، وان "الأمين العام علي صالح عباد مقبل رفض العرض. وعندما تخلينا عن تشددنا حيال مسألة الايجار وطلبنا من الحكومة إعادة العرض، تشددت الحكومة ولم توافق. ونحن نعرض على الحكومة ان تسلمنا أرباح أموالنا ومستحقاتنا المالية من ايجارات مقراتنا كخطوة أولى لاثبات حسن النيات، ونحن مستعدون لعقد المؤتمر العام فوراً". خلافات ولم ينف عضو المكتب السياسي ل"الاشتراكي" عبدالغني عبدالقادر وجود خلافات "في الرأي وأسلوب التعامل" مع القضايا بين قيادات الحزب، كما لم يؤكدها. لكنه قال ل"الحياة" رداً على سؤال عن غياب بعض أعضاء المكتب السياسي من الاجتماعات الأخيرة في عدن ان بعض المتغيبين "منشغل في أوضاع خاصة، والبعض الآخر لديه تحفظات ووجهة نظر ويعتقد بأن الغياب وسيلة للتعبير عنها". وأكد عبدالقادر ان الأوضاع المالية للحزب هي السبب الرئيسي في تأجيل موعد التئام المؤتمر العام الرابع "لأن انتخابات الفروع تحتاج الى موازنة لا نملكها". لكنه اعترف في الوقت نفسه بأنه "ما تزال أمامنا أولويات وترتيبات لم نستكملها، ونحن نريد أن يكون انعقاد المؤتمر ناجحاً". وسئل عبدالقادر عما إذا كان الاشتراكي ما يزال يراهن على ورقة "الجنوب" ويخشى خلط الأوراق في حال تمت الدورة الانتخابية وانتصر فيها جناح جار الله عمر على جناح مقبل، فأجاب: "لا يوجد شيء اسمه الرهان على الجنوب، لأن الحزب الاشتراكي وحدوي فكراً وتاريخاً وهذه مسألة لا جدال عليها. كما لا توجد أجنحة داخل الاشتراكي، هناك تعدد في الرأي وسلوك ديموقراطي ننتهجه وقررنا منذ وقت مبكر في أيلول سبتمبر 1994 السير فيه من دون تراجع وحتى الاختلاف بين الأعضاء أصبح في اطار هذا المفهوم". واعتبر الغياب عن الاجتماعات "نوعاً من التعبير الديموقراطي". وعن فشل الحزب في تحقيق نتائج ملموسة على صعيد الممارسة الديموقراطية، قال: "لم نفشل لكننا نمضي من دون التفكير بسباق الزمن والظروف والمتغيرات، اننا نواكبها وفق ظروفنا ولن نتراجع". وأكد ان الحوار متوقف مع الحزب الحاكم المؤتمر الشعبي و"لا توجد خطوات عملية في هذا الاتجاه". ورداً على سؤال لماذا لا يدين "الاشتراكي" الانفصال ما دام الحزب الحاكم يشترط ذلك لنجاح الحوار وما دمتم تؤكدون وحدوية الاشتراكي فكراً وتاريخاً؟ قال عبدالقادر ان الحزب الاشتراكي دان الانفصال ودان الحرب بعد انتهائها مباشرة. وشدد على أن "الانفصال كان عملاً خاطئاً لكن السياسات التي أدت الى الحرب وما بعدها انعشت المشاعر الانفصالية. وكان يمكن التمسك بوثيقة العهد والاتفاق منعاً للحرب واعلان الانفصال. وما حدث يمكن اعتباره ردود أفعال لتصرفات يمكن أن تحصل في أي بلد ... لم تنفذ الوثيقة فانتعشت الآراء المضادة لها". ونفى عبدالقادر علاقة حزبه بمنظمة "حق تقرير المصير" التي يحاكم اعضاؤها بجرائم تخريب، وتعتقد السلطات اليمنية بوجود علاقة بينهم وبين علي سالم البيض الموجود في الخارج. وقال: "ان الاشتراكي يسعى الى نضال سلمي وديموقراطي. ويسعى للتعبير بوسائل سلمية عن هدف تكريس الديموقراطية بطرق صحيحة ترسم ملامح اليمن مستقبلاً. ونحن ندين العنف بكل أشكاله لأنه مأزق خطير لليمن".