واصلت وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت انتقاداتها للدول التي تتعامل مع السودان. وأعلنت امس عقب اجتماعها مع زعيم "الحركة الشعبية لتحرير السودان" العقيد جون قرنق انها ستبحث مع الكنديين الذين يستثمرون النفط في السودان للضغط على هذا البلد. كما كررت انتقادها المبادرة المصرية - الليبية للحوار والمصالحة في السودان. وفي القاهرة، اعتبر وزير الخارجية المصري عمرو موسى في تصريحات صحافية امس، "ان ما ذكرته وزيرة الخارجية الاميركية لا يعتبر اعتراضاً على المبادرة المصرية - الليبية". وقال: "ان حديث اولبرايت يصب في خانة الدعم الاكبر لمبادرة السلطة الحكومية للتنمية ومكافحة الجفاف إيغاد، ولكن ذلك لا يستبعد المبادرة المصرية". وأكد في الوقت نفسه ان المبادرة المصرية - الليبية ستظل مستمرة وفاعلة. الى ذلك، يلتقي موسى اليوم الرئيس الكيني دانييل آراب موي خلال توقف الاخير لفترة قصيرة في مطار القاهرة، وذلك للبحث في الخطوات التي يمكن اتخاذها للحؤول دون تجميد الجهود المبذولة في اطار المبادرة المصرية - الليبية ومبادرة "ايغاد" التي يترأس موي لجنتها المكلفة ايجاد حل للمشكلة السودانية. وفي نيروبي أ ف ب، عقدت اولبرايت مؤتمراً صحافياً امس عقب اجتماعها مع قرنق الذي وصفته بأنه: "زعيم ناشط جداً من الصعب تحقيق اهدافه لأنه غير معترف به دولياً". وانتقدت حكومة الخرطوم وقالت انها تحاول خداع العالم في شأن طبيعة النزاع السوداني ونياتها في شأن جنوب السودان. وقالت: "يجب عليهم الحكومة السودانية ان يفهموا بأن الحل الوحيد للسلام في جنوب السودان هو ان عليهم ان يتعاملوا مع جزء كبير من الشعب الذي لا يقبل ان يعيش في ظل الشريعة" الاسلامية. وانتقدت الدول التي تعتقد بأن الاستثمار في السودان سيكون لمصلحة الشعب السوداني. وقالت: "لن يحدث ذلك. فعلى هذه الدول ان تقتنع بأن الاموال تذهب فقط الى جيوب اولئك الذين يريدون مواصلة سيطرتهم على الشعب". ومعروف ان شركات كندية وصينية وماليزية تستثمر في مشاريع استخراج النفط في السودان، في حين تعمل مصر وليبيا في اطار مبادرة مشتركة للحوار والمصالحة بين الحكومة السودانية والمعارضة. وقالت اولبرايت ان الولاياتالمتحدة تواصل فرض مقاطعتها على السودان الذي وضعته على لائحة الدول التي تدعم الارهاب. وأضافت: "لكن هناك دولاً اخرى مشغولة بما تسميه حواراً مع السودان وتتطلع الى وسائل لمساعدتهم السودانيون في توسيع التنقيب عن النفط. لذلك علينا ان نتحدث الى بعض حلفائنا في شأن الضغط على الخرطوم ... وسأبحث في هذا الموضوع حتماً مع الكنديين". وأعلنت ان الولاياتالمتحدة ستمدد برنامج المساعدات الاميركية التي تبلغ قيمتها ثلاثة ملايين دولار الى المجتمع المدني في جنوب السودان على مدى سنتين حتى العام 2002. وفي تطور لافت على صعيد الجهود المصرية لايجاد حل سياسي للمشكلة السودانية يلتقى موسى صباح اليوم في مطار القاهرة الرئيس الكيني دانييل آراب موي خلال توقف الاخير للبحث في الخطوات التي يمكن اتخاذها للحؤول دون تجميد الجهود المبذولة من الوسيطين المصري والليبي ودول "ايغاد" لايجاد حل سياسي والحؤول دون تقسيم السودان وتفتيت أراضيه. وتعد محادثات موسى وموي أحدث سلسلة الاتصالات التي تجريها القاهرة في أعقاب القرارات التي اتخذها "التجمع الوطني الديموقراطي" لواء المعارضة السودانية في اجتماعه الاستثنائي الذي أنهى أعماله الخميس الماضي بالاتفاق على السعي لإرجاء محادثات "الحركة الشعبية لتحرير السودان" والخرطوم إلى ما بعد إجتماع كمبالا لهيئة القيادة المقرر عقده منتصف الشهر المقبل، وإرجاء تسمية وفد المعارضة إلى إجتماع اللجنة التحضيرية المعنية بالاعداد لملتقى الحوار بين الحكومة والمعارضة. ويمثل الحفاظ على وحدة السودان "خطا أحمر" للديبلوماسية المصرية لدرجة أن وزير الخارجية المصري اعتبر الازمة السودانية بأهمية مشكلة فلسطين نفسها التي تدعمها القاهرة في شكل مطلق، ونفى أن يكون الموقف المصري نابعاً من مخاوف مصرية في شأن مياه النيل، لافتاً إلى وجود علاقات مصرية مع 11 دولة أعضاء في حوض النيل. وتحاشى موسى، الذي سيجري محادثات ونظيره السوداني مصطفى عثمان اسماعيل في القاهرة اليوم، الدخول في تراشقات إعلامية مع الإدارة الاميركية بخصوص السودان على خلفية تصريحات أولبرايت التي قالت "إن واشنطن تعتقد أن العملية التي تقوم بها إيغاد هي الوسيلة الفضلى للتقدم، ونحن لا ندعم أي جهود يقترحها بعضهم مثل مصر وليبيا في شأن السلام في السودان". وقال موسى: "ان الاجتماع الأخير لشركاء الايغاد في روما استمع الى تفاصيل وجهة النظر المصرية وكانت ردة فعله طيبة من الشركاء". ولفت إلى دعم المعارضة السودانية للمبادرة المصرية - الليبية، وقال إن قرنق "جزء من المعارضة وسبق أن وافق على الوثيقة الموقعة في طرابلس باسم "إعلان طرابلس" الصادر في مطلع آب اغسطس الماضي. وأضاف: "إن الامور تسير حالياً في شكل عادي ولم نصل بعد إلى محطة نهائية". وعن تقويمه نتائج اجتماعات المعارضة السودانية قال: "لا يمكن القول بأن نتائج الاجتماع وصلت إلى منتهاها خصوصاً أن النقاش سيستكمل في الاجتماع المقبل في كمبالا".